الترهل العربي في إفريقيا وملفات أخرى
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

الترهل العربي في إفريقيا وملفات أخرى

 فلسطين اليوم -

الترهل العربي في إفريقيا وملفات أخرى

بقلم - حسن العاصي

إن أي متتبع للوضع العربي يرى بوضوح  أن العرب مازالوا يفتقرون إلى مظلة قوية كي تحمي مصالحهم الإقليمية والدولية، وتزداد أزمات الأمة العربية بشكل مضطرد، في ظل حالة من التراجعات العربية في العديد من الميادين ومن ضمنها ولاشك القارة الإفريقية، وفي ظل أيضاً حالة من التشتت والإنقسامات العربية العربية فقد العرب جزء من أمنه نتيجة لعدم مقدرة العرب من امتلاك منهجية واضحة في التعامل مع الصراعات القائمة في المنطقة منذ منتصف القرن العشرين، وتحولت إلى صراعات دموية لها أبعاد ظائفية وعرقية ومذهبية ومناطقية في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين.

فقد شهدت المنطقة العربية تحولات كبيرة مننذ حرب الخلبج الأولى، أو الحرب العراقية الإيرانية في العام 1980، ثم قيام النظام العراقي بغزو الكويت العام 1990، ثم الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003، والأزمات التي دخلت في أتونها كل من مصر وتونس وليبيا واليمن وسورية في بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، وانقسام السودان ونشوء دولة جنوب السودان في العام 2011، وحالة التراجع الإقليمي والدولي في التعامل مع القضية الفلسطينية، والتمدد والعربدة الإسرائيلية في المنطقة، ناهيك عن سياسة الاستيطان والتهويد للقدس ولبقية الأراضي العربية في فلسطين، التي تنتهجها الحكومات الإسرائيليى المتعاقبة.

كل هذا والأنظمة العربية مازالت تبحث عن الحد الأدنى من التقاطعات المشتركة من أجل العمل الجماعي للحفاظ على ماتبقى من القيم والمصالح الجمعية للأمة العربية، ومازالت معظم الأنظمة العربية غير متصالحة مع شعوبها بل عمدت إلى تأجيج المشاعر القطرية والحلقية الضيقة لدى هذه الشعوب، وإذكاء المشاعر القومية والعرقية والمذهبية، كي يبرز وجه الإنقسام الشعبي العربي في أقبح شكل له لم تشهد له المنطقة مثيلاً.

الأنظمة العربية ما زالت لم تمتلك استراتيجية واضحة ومحددة لمواجهة كل هذا الخطر الداهم، ومازالت خظواتهم مترددة وعاطفية لا تعبر عن وعي وإدراك لطبيعة المرحلة، ولا تنسجم مع حجم التحديات التي يواجهها الأمن القومي العربي، وهو أمر غير متيسر للأسف خلال هذه المرحلة بسبب عمق الشرخ في العلاقات العربية العربية، وانقسام العرب بين معسكر ممانع ومعكسر معتدل، وكل من طرفي المعسكرين يجد نفسه في حالة صدام وطلاق مع الطرف الأخر، ولم يقف الأمر عند حدود صراع الأنظمة بل لقد انتقل هذا التجاذب إلى الشعوب العربية التي تحولت بدزرها إلى ما يشبه مشجعي فرق كرة القدم من خلال هذا الاصطفاف غير الموضوعي من خلال الخندقة المذهبية أو العرقية، ولم ينج حتى جزء كبير من المثقفين العرب للأسف من هذا الهيجان والسعار الذي سوف يؤدي إلى مزيد من الانقسامات والتشرذم في الواقع العربي المنقسم في الاساس على نفسه، وسوف يضعف أكثر فأكثر مقدرة العرب على التصدي لاستحقاقات اللحظة التي تتطلب كافة جهود العرب من أجل الحفاظ على أمنهم ومستقبلهم من الضياع، في منطقة غنية بالثروات الباطنية والمواد الخام، وغنية بموقعها الاسترتيجي، منطقة تتصارع عليها قوى إقليمية وعالمية من أجل بسط نفوذها علينا وعلى ما نمتلكه من ثروات.

في الوقت الذي يخسر فيه العرب وينحسر دورهم الإقليمي والدولي وفي مستويات متعددة منها تراجع دورهم ونفوذهم في القارة الإفريقية، فإن هناك دولاً إقليمية أخرى تتطور وتسعى بكل مالديها من إمكانيات أن تفرض نفسها كقوى إقليمية صاعدة يجب أن يحسب حساب وزنها السياسي والاقتصادي والعسكري مستقبلاً، وهي إسرائيل وتركيا وإيران، وهذه الدول الثلاث لها مصالح في التمدد والتوسع في القارة الإفريقية بالطبع على حساب المصالح العربية.

ومازال أمام العرب ملفات متعددة تحتاج منهم إلى مقاربات ومعالجات استراتيجية، من أهمها العلاقات العربية الإفريقية، واستعادة الدفء والحيوية إلى هذه العلاقات التاريخية بما يخدم المصالح المشتركة، وساعدة دول القارة الإفريقية على الخروج من أزماتها الاقتصادية عبر برامج وخطط تعتمد  العلمية وتطوير اقتصاديات إفريقيا، وعدم الإكتفاء بالمنح والهبات المالية التي تقدمها بعض دول الخليج إلى دول إفريقية.

العلاقات العربية الإفريقية  تحتاج إلى وضع خطط استراتيجية تهدف إلى رسم آليات لإعادة الثقة بالعلاقات مع القارة السمراء، والنظر إلى إفريقية باعتبارها ليست فقط جارة، بل هي العمق الاستراتيجي للعرب، فلايجوز أن تظل إفريقيا مرتعاً للنشاط الإسرائيلي وأجهزة مخابراتها التي تعبث بالدول الإفريقية وتبعدها عن العرب من أجل حصارهم وتهديد مصالحهم، وعلى العرب توفير كل الإمكانيات التي تساهم في استقرار وضع القارة الإفريقية خاصة منطقة القرن الإفريقي لأن هذا يصب في مصلحة الحفاظ على الأمن القومي العربي.

ثم هناك العلاقات العربية الإيرانية، ما يتوجب على الطرفين إعادة تصويب هذه العلاقة بما ينسجم مع التاريخ المشترك والمصالح المتبادلة المبنية على علاقات حسن الجوار والإنفتاح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المنطقة، وزيادة التبادل التجاري، والتعاون للحفاظ على أمن المنطقة.

العلاقات العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع دول الاتحاد الأوروبي تحتاج إلى تقويم وبحث أعمق لجهة الكف عن النظر للمنطقة على أنها سوق استهلاكي واسع للمنتجات الغربية، وعلى أنها منطقة تنتج بترول وغنية بالثروات فقط، على العرب أن يبذلوا الكثير من الجهد والعمل لتطوير بلدانهم لترقى إلى مستوى يستطيعون فيه من فرض احترامهم على الآخرين.

الصراع العربي الصهيوني هو واحد من أهم وأعقد الملفات التي تتطلب رؤية ومعالجة من قبل الأنظمة العربية، بدء من إدراك العرب أن هذا ليس صراعا فلسطينياً إسرائيلياً، مروراً بتحديد العلاقة مع إسرائيل باعتبارها كيان محتل وغاصب، إلى وضع استراتيجية عربية لحل هذا الصراع المستمر منذ سبعين عاماً.

تفعيل دور الجامعة العربية وجميع المنظمات الهيئات والأطر العربية المشتركة، والإرتقاء بدور الجامعة العربية لتصبح ممثلة حقيقية لمصالح الشعوب العربية وتطلعاتها، وذلك عبر إعادة هيكلة جميع أطر الجامعة والمكاتب التابعة لها، ووضع خطط واستراتيجيات جديدة تضع المصالح المشتركة فوق المواقف الحلقية والقطرية، وكذلك إنشاء مراكز دراسات وأبحاث حقيقية ودعمها بالإمكانيات المالية والكفاءات البشرية والمستلزمات اللوجستية بما يضمن لهذه المراكز أن يكون لها دوراً مهماً في انتشال الأمة العربية من واقعها الذي لا يدلل على عافية.

هناك أيضاً تحديات كثيرة ومهمة غير التي ذكرناها تواحه الأمة العربية وتحتاج منها إلى توقف وإعادة قراءة، وتلمس الواقع بأدوات جديدة ومناهج مختلفة عما اعتدنا عليه، بهدف إنقاذ ما بقي من الإرث والهوية العربية والمصالح المشتركة بين شعوب الأمة، بعيداً عن المناكفات والمماحكات والعصبوية، هذا لأن الخطر الداهم كبير وحقيقي الذي يهدد حاضر العرب ومستقبلهم.

إن الصهيونية وابنتها المدللة إسرائيل هي المستفيد الوحيد من حالة التشرذم الذي يتسم فيه الواقع العربي، وليس مبالغة القول أن إسرائيل تحاصر المصالح العربية في إفريقية، اللافت هو الدول العربية تبدو وكأنها تتخذ موقف اللامبالاة مما يجري في الدول الإفريقية من تحولات في علاقات القارة الإقليمية والدولية، وكأن إفريقيا هي بمثابة حزيرة بعيدة ومعزولة تقطنها الأشباح، ولا تعني للعرب شيئاً، رغن أن القارة الإفريقية هي الحديقة الخلفية للعرب ومجالهم الحيوي وعمقهم الاستراتيجي، ولانعرف في الحقيقة سبباً موضوعياً يدعو العرب إلى إهمال القارة الإفريقية سوى أنه موقف يعبر عن قصور في الرؤية وفي المقاربات السياسية والاقتصادية والأمنية، وبالتالي عدم وجود استراتيجيات واضحة للعلاقات العربيةالإفريقية، وعلى العكس من الموقف العربي الضعيف والمترهل وعديم التأثير، نجد أن مستوى الاهتمام الإسرائيلي والأمريكي والغربي والإيراني والتركي بالقارة الإفريقية يزداد ويتسع لدرجة التنافس على تروات القارة السمراء، وهو اهتمام يتضح من خلال سعي هذا الدول لتعميف وتطوير علاقاتها مع دول الاتحاد الإفريقي، والزيارات المتكررة للكثير من المسؤولين الغربيين والإسرائيليين وغيرهم سراً وعلانية إلى القارة الإفريقية، وكذلك من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية والعسكرية مع دول القارة، وتقديم المساعدات التقنية والعسكرية للكثير من هذه الدول بهدف إيجاد أماكن نفوذ لإسرائيل والغرب في إفريقية، خاصة في منطقة القرن الإفريقي من أجل ضرب المصالح العربية، وفي الدول المطلة على البحر الأحمر لحماية الممرات المائية الدولية من أجل ضمان وصول الإمدادات النفطية للغرب، وفي الدول الإفريقية التي تضم ثروات ومواد خام تحتاجها إسرائيل والغرب كمواد أولية لاغنى عنها في صناعات هذه الدول.

palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الترهل العربي في إفريقيا وملفات أخرى الترهل العربي في إفريقيا وملفات أخرى



هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:33 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 08:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تعرف على مميزات سيارة فولكس فاغن الجديدة

GMT 05:02 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليام هيمسوورث ينشر صورة محزنة لبقايا منزله المحترق في "ماليبو"

GMT 07:28 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

150 أسيرًا من أراضي عام 48 يقبعون في سجون الاحتلال

GMT 05:35 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

فرص "غريس موغابي" في الحياة السياسية تتحول طريق سدّ

GMT 12:27 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

بعثة جامعة جنيف تكتشف هرمًا من الذهب في سقارة

GMT 15:31 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

هبة مشهور تصمم حلوى الكوكيز التي تتناسب مع رمضان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday