وطن لـعم خليل قصتان
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

"وطن" لـ"عم خليل".. قصتان

 فلسطين اليوم -

وطن لـعم خليل قصتان

بقلم: عمار على حسن

1 - "وطن"

فى باكورة الشباب، وذات صباح ندىّ، عاهدت الوطن أن أحرره من قيد الغاصبين، وأنفخ فى أوصاله من مخزون ولائى فيشتد عوده. تراءت أمامى وقتها صور لفلاحى الغيطان تحت لهيب الهجير. عمّال المصانع بين أحضان التروس. عيون المثقفين التى أكلها الورق وأجهدها الانتظار. الشبان المأخوذون من صحون المساجد، وفصول المدارس، إلى غياهب السجون. نساء البيوت الحبيسات فى جدران غشم الأزواج و.. و..

راح الشباب يتداعَى، وجاء خريف المشيب بانكساره وتهالكه، فلاح الموت فى الأفق.

ذات صباح كنت أسير فى الميدان الفسيح المطل على المقاهى، التى شهدت ساعات غضبنا.

نظرت هناك وهنا.. عشرون شُرطياً يقذفون أمامهم شاباً نحيلاً. الباعة الجائلون يهربون بعرباتهم الصغيرة وأقفاصهم إلى جوف الأزقة ويتنادون فزعاً من «البلدية». امرأة متشحة بالسواد والعفاف، تسأل الناس على قارعة الطريق. فلاح ملفوف فى جلباب ممزق يُسرع الخُطى باتجاه محطة القطار. أبراج تعانق الفضاء على أول الميدان وتجثو فى آخره على بنايات متداعية. تتلاقى جدرانها على أجساد أوجعها الكدح ونفوس مزقتها المفارقة..

لمحت عينى فتى يافعاً قادماً من الشارع الجانبى يُهرول نحو قلب الميدان. فى يديه كتاب، وشعره يُهفهف فى النسمات التى وهبتها السماء للناس.

كنت ذاهباً إلى الشارع الذى هلّ منه. التقينا عند أول نقطة فى جانب الميدان. رُحت أتابعه وهو يغوص فى الزحام مخلفاً وراءه جملته المخنوقة بالدمع:

«غداً سنُحررك يا وطن».

2 - "عم خليل"

كان يوماً عصيباً. جاءوا بعمى خليل فى دوار العمدة. وقف مصفر الوجه، يرتعش، العرق والدموع يمتزجان فى تجاعيد الوجه، فيلمع فى صهد الشمس. الناس ينظرون من ثقوب الأبواب والحيطان. نحن الصغار تسلقنا السور. صراخ زوجة عم خليل ينداح فى شوارع القرية. يرتد صداه فى أذن الرجل، يزداد الدمع جرياناً. يرفع قدميه الحافيتين من لهب التراب، ويدس وجهه فى كفيه.

بعد دقائق أتت عربة الشرطة «الجيب». نزل منها الضباط والعساكر. رآهم العمدة فأقبل مهرولاً نحوهم.

اتجه الجميع إلى عم خليل. تفحّصه كبير الضباط وسأله بغضب:

- أين البندقية يا خليل؟

- خطفوها الحرامية..

- حرامية يا روح أمك..

وطبع قساوته فوق وجهه. صفعة كادت تطرحه أرضاً..

عم خليل حبيبنا نحن الصغار. نصاحبه حتى السحر. هو الخفير الوحيد الذى يسهر ويطارد اللصوص. حين يجن الليل يُشعل أمامه أزاهير اللهب فى الشتاء. نجلس حوله نتسامر على نواصى الشوارع. لا يبخل علينا برشفات الشاى فى قعر كوبه الصاجى.

لم يُنجب، فكنا جميعاً أولاده. يربت أكتافنا ويحكى لنا عن «أبوزيد الهلالى» و«الزير سالم»، فتنبت بين جوانحنا البطولة، نقول له:

- لا تنَم مثل غيرك من الخفر؟

- الواحد لازم يحلل لقمة عيشه.

ها هو عم خليل يقف أمامنا شبه عارٍ. جرّده العسكر من ملابسه. ألصقوه بشجرة النبق المنتصبة فى وسط الدوار. أتوا بحبل من ليف النخيل وربطوه. رأينا التحدى يقفز فى عينى عم خليل، يصرخ فيهم:

- أنا كنت طوال الليالى أحاربهم، وانتم كل واحد فيكم نايم فى حضن مراته.

نهره الضابط:

- اخرس يا كلب..

- ما كلب إلا أنت وعساكرك..

ولمّا رأينا السياط تنهال عليه وهو جلد يقاوم تحفّزنا. حجورنا مليئة بالحجارة. أجسادنا متخندقة خلف السور. أيدينا أقواس تمطر سهام الحصى كالرصاص من كل جانب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وطن لـعم خليل قصتان وطن لـعم خليل قصتان



GMT 06:00 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

نصف الكوب السياسي الفارغ

GMT 03:48 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

آفة أن يُحارَب الفساد باليسار ويُعان باليمين

GMT 05:25 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

مصر من الثقافة المدنية إلى الحكم المدنى

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 10:32 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

ليدي غاغا تتألّق في حفل جوائز الأوسكار 2023

GMT 08:10 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أحمد زاهر يبدي سعادته بدوره في فيلم "هروب اضطراري"

GMT 16:52 2016 الخميس ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو موسى يحل ضيفًا على MBC" مصر" الجمعة

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

المُكرّمون في احتفالية محمد صبحي بمسيرته يردون على الهجوم

GMT 03:47 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحطم طائرة استطلاع فرنسية في النيجر
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday