المباراة المفتوحة
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

المباراة المفتوحة

 فلسطين اليوم -

المباراة المفتوحة

بقلم : عمرو الشوبكي

لم تكن هى المرة الأولى التى تتقدم فيها الدولة ثم تتراجع فى قضية سياسية مثل تعديل الدستور، فقد روجت للتعديل فى لحظة محددة، ولحسابات غير معلنة، وعادت وتراجعت عنها وفق حسابات أيضا غير معلنة. حدث ذلك فى مرة سابقة قريبة حين تقدمت الدولة من أجل تغيير قانون الأزهر واستهدفت شيخ الأزهر، وفجأة سكت الموضوع وتم التراجع عنه.

وتكرر نفس الأمر عقب الحديث عن تعديل الدستور، وتكرر مشهد النواب، الذين طالبوا بضرورة تعديل الدستور، وقادهم- كما هى العادة- رئيس البرلمان، بعد حملة واسعة استهدفت الدستور، وصلت إلى حد الحديث عن نصوص وهمية لم يتضمنها الدستور، وعاد وخفت الحديث عن التعديل الدستورى، واعتبر عدد كبير من المؤيدين أنه لا يجب إجراء أى تعديلات قبل انتخابات الرئاسة، لأن ذلك من شأنه تعميق الانقسام داخل المجتمع.

والمؤكد أن تعديل الدستور، وتحديدا مَدّ مدة الرئاسة، قبل إجراء الانتخابات الرئاسية بأشهر قليلة، أمر كارثى، وستكون له عواقب كثيرة، وأن تأثير رفض اثنين من مرشحى الرئاسة- هما أحمد شفيق وعمرو موسى- اللذين اعتمدا فقط على أصوات الشعب فى انتخابات 2012، أى تعديلات دستورية، كان كبيرا وواسعا محليا ودوليا، بجانب حملة مضادة للتعديلات الدستورية من قِبَل بعض كتاب الرأى فيما تبقى من الصحف المستقلة كانت أيضا لافتة ومؤثرة، ثم أخيرا بيان الضمير، الذى بادر أستاذ العلوم السياسية المرموق، مصطفى كامل السيد، بكتابته وتوقيع العشرات عليه، معلنين رفضهم أيضا التعديلات الدستورية.

وهناك حديث تداوله البعض بأن الولايات المتحدة عبرت عن مخاوفها وقلقها- (وربما رفضها)- من أى تعديلات دستورية تجرى فى مصر قبل الانتخابات، خاصة عقب الفتور الذى أصاب العلاقات بين البلدين بسبب وقف جزء من المعونة الاقتصادية، وهو ما جعل البعض يعتبر الموقف الأمريكى والدولى من أسباب التراجع عن التعديلات الدستورية.

والمؤكد أن أسباب التراجع كثيرة، ليس أهمها أن الحكم أخذ بعين الاعتبار الرأى العام والنخب السياسية المحترمة، التى رفضت أى تعديلات دستورية قبل الانتخابات بأشهر، إنما هى جملة من الحسابات الجديدة دفعت الحكم إلى «التراجع التكتيكى» عن توقيت التعديلات الدستورية، قد يكون من ضمنها وجود حالة غضب شعبى قد تُترجم فى رفض التعديلات الدستورية، ولو بنسبة يُعتَدّ بها، أو مقاطعة الاستفتاء نتيجة عدم الاهتمام من الأصل بالعملية السياسية وتعمق الإحساس بعدم جدوى المشاركة إيجابا أو سلبا، بما يعنى تشققا كبيرا معلنا فى الشرعية الشعبية للنظام، خاصة أنه استند لفترة طويلة على رصيد شعبى كبير فى مواجهة معارضة ثورية أو إخوانية.

إن قضية تعديل الدستور لم تكن قضية هامشية، ولم تخضع فى النهاية لتصورات كبرى وفهم عميق لطبيعة النظام السياسى المصرى ومسارات إصلاحه، إنما فقط حسبة بسيطة تقول إنه غير مطلوب إجراء الانتخابات الرئاسية العام المقبل، وفى السكة تم أخذ مواد غير مريحة للحكم، بعضها قابل للنقاش ووارد تعديله، وبعضها من غير المنطقى تعديله، فمثلا مدة الرئيس وارد أن تصبح 5 سنوات، مثل كل بلاد الدنيا التى تتطابق فيها مدة البرلمان والرئيس (برلماننا مدته 5 سنوات)، ومع ذلك فكل الحديث عن جعل مدة الرئيس 6 سنوات، على اعتبار أن مدة أربع سنوات كانت خطأ، و6 سنوات ستكون خطأ أيضا.

هناك أمور تقدَّر بالمزاج والأهواء الشخصية بعيدا تماما عن فكرة الصالح العام، فالهدف من تعديل الدستور قبل أشهر من انتخابات الرئاسة ينمّ عن «هوى» وليس قراءة موضوعية، والتراجع عنه لا يعنى بالضرورة أننا انتقلنا من حسابات الأهواء إلى حسابات الصالح العام، إنما يعنى أن ثمن حسبة تعديل الدستور كان خاسرا بالنسبة للحكم، وأنه سيعنى أيضا أن انتخابات الرئاسة ستكون استحقاقا قادما سيتعامل معه الرئيس، حتى لو كان يفضل تأجيله.

معركة الدستور حتى لو كانت كل الأطراف التى عارضته ليست السبب الحاسم فى تراجع الحكم المؤقت عن تعديله، إنما هى تعنى أن هناك أخذا وردا وهجوما ودفاعا، وأنه لو تغيرت الظروف والحسابات وغابت تماما هذه الأطراف فسينتقل الحكم بكل سلاسة من مرحلة الدفاع إلى الهجوم ويرجح لحسبة التعديلات الدستورية (على الأرجح بعد الانتخابات).

حسابات الحكم من تقدُّم فى قضية كبرى مثل التعديلات الدستورية، ثم التراجع، ولو مؤقتا، تعنى أن هناك مباراة مفتوحة فى بعض المساحات وأخرى مغلقة فى مساحات أخرى (دولة قانون والحريات العامة)، وأن التقدم والتراجع يعنيان أن هناك فرصا لتحسين وتغيير بعض الأمور قد تؤدى فى النهاية لإصلاح النظام.

إن إحباط قطاع واسع من الشعب المصرى، خاصة الشباب، كبير، وتجاهل الحكم كل الآراء الإصلاحية مؤكد، وانحيازه لصوت واحد فى الإدارة والسياسة واضح، ومع ذلك فإن معارك المباريات المفتوحة قد تساعد البعض على الخروج من إحباطاته، حتى لو لم يكن هو الطرف الفاعل فى حسمها، فنتائجها قد تكون مفيدة للشعب والدولة.

المطلوب من كل القوى الإصلاحية داخل الدولة وخارجها أن تستثمر، ولو بالمتابعة، أطراف المباراة المفتوحة والمنافسات الداخلية وتوازنات القوى التى تعبر عنها، وذلك بالعمل على وضع قواعد جديدة تنظم العملية السياسية والنقاش العام، يعرف فيها الناس أين خطوطهم الحمراء، لا أن تصبح الكلمة خطا أحمر، والحديث التليفزيونى خطا أحمر، والعمل وسط الناس خطا أحمر، والأحزاب خارج التأييد والمقار خطا أحمر، فقد وضع الحكم قيودا هائلة لا يمكن أن تستمر، وحان وقت مراجعتها جذريا بوضع رؤية شاملة محل الحسابات الصغيرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المباراة المفتوحة المباراة المفتوحة



GMT 04:16 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تحية للشعب السوداني

GMT 02:15 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

الاقتصاد في مواجهة السياسة

GMT 04:59 2019 الأحد ,12 أيار / مايو

ظاهرة عادل إمام

GMT 03:31 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

وبدأت الجزيرة

GMT 09:27 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"

GMT 04:20 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

معاوية محمد نور رائد الحداثة الأدبية الفكرية في السودان

GMT 14:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

ابرزي جمالك بالتوربان مع هذه اللفات العصرية الأنيقة

GMT 08:43 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تويتر تطلق سياسة جديدة بشأن التغريدات المخالفة المحذوفة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday