فراق المصالح الأوروبية والأمريكية
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

فراق المصالح الأوروبية والأمريكية!

 فلسطين اليوم -

فراق المصالح الأوروبية والأمريكية

بقلم : مكرم محمد أحمد

 لا يبدو أن الشرخ الراهن فى العلاقات الأوروبية الأمريكية سوف يندمل قريباً وأغلب الظن أنه سوف يزداد عُمقا واتساعا، وربما تكون قد حانت لحظة فراق المصالح بين أوروبا وأمريكا بما يجعل عودة العلاقات بين الجانبين إلى ما كانت عليه خلال الحرب العالمية الثانية ضرباً من المستحيل، ولا يُبدى المراقبون على الجانبين تفاؤلاً كبيراً بمستقبل العلاقات الأوروبية الأمريكية بعد خيبات أمل عديدة أدت إلى اتساع رقعة الخلافات التى وصلت إلى حد الحرب التجارية المستعرة بين الجانبين بعد أن فرض الرئيس الأمريكى ترامب تعريفة جمركية عالية على واردات أمريكا من الصلب والألومنيوم الأوروبي، وبعد أن اختلفت المواقف السياسية للجانبين حول العديد من القضايا الدولية، آخرها العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، حيث تتهم غالبية دول أوروبا إسرائيل بالإفراط فى استخدام القوة ضد شباب القطاع الذين يتظاهرون فى منطقة السياج الحدودي، وسقط منهم أكثر من 112 شهيداً اصطادهم القناصة الإسرائيليون بصورة تكاد تكون متعمدة، بينما تُصر الإدارة الأمريكية على أن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها وتلوم منظمة حماس لأنها نظمت المظاهرات فى منطقة السياج الحدودي. ورغم أن الأوروبيين يحاولون جهدهم الحفاظ على علاقات قوية مع حكومة الولايات المتحدة على جميع المستويات لكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الإيرانى الذى يعتقد الأوروبيون أنه فى مصلحة الأمن والاقتصاد الأوروبى هبط بمستوى العلاقات الأوروبية الأمريكية إلى المستوى الذى انحدرت إليه بعد الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، وتُشير استطلاعات الرأى العام الألمانى إلى أن ثلثى الألمان يعتبرون أن الرئيس الأمريكى ترامب يُشكل تهديداً لأمن أوروبا أكثر خطورة من تهديدات الرئيس الروسى بوتين، وطبقاً لاستفتاء أعلنته الأسبوع الماضى صحيفة فرانكفورتر الجماندا فإن ثلثى الألمان يرون أن ألمانيا تتحرك بعيداً عن الولايات المتحدة، بل إن مجلة دير شبيجل الألمانية واسعة التأثير لم تتورع عن أن تدعو ألمانيا إلى أن تكون جزءاً من عملية مقاومة النفوذ الأمريكي! إذا ظل ترامب رئيساً للولايات المتحدة فترة ثانية.

وربما يكون صعباً تحميل الرئيس الأمريكى ترامب وحده مسئولية الخلل فى العلاقات الأوروبية الأمريكية لأنه قبل مجيء ترامب إلى البيت الأبيض ظهرت فى أمريكا اتجاهات نقدية واضحة لسياسات الأوروبيين فى الدفاع عن أمن أوروبا، وتقاعسهم عن تحمُل مسئولية هذا العبء واعتمادهم المتزايد على الولايات المتحدة، ولا تزال أوروبا تُعانى من نقصا حادا فى بعض القدرات والتخصصات العسكرية!، وثمة ضرورات أمنية مهمة تدفع الأوروبيين إلى تعزيز قدراتهم العسكرية بحيث يتمكنون من تعزيز دفاعاتهم دون أن ينشقوا عن الولايات المتحدة، لكن الحقيقة المهمة التى تُدركها أوروبا أنه سواء كان ترامب يشغل البيت الأبيض أو خارجه فإن الأولويات الأمريكية تغيرت لأن تباين المصالح الاقتصادية واختلافها يُشكل عنصراً حاكماً فى هذه القضية!. وإذا كان السؤال المهم الذى يدور فى رأس كل أوروبى الآن، هل فقد الأوروبيون الولايات المتحدة كحليف استراتيجى إلى الأبد تحت ضغوط المصالح الاقتصادية المتناقضة ؟..، وأظن أن الإجابة الواضحة عن هذا السؤال أن الأوروبيين والأمريكيين ماضون على هذا الطريق لا جدال، وأن الأزمة تزداد اتساعاً، كما أن فجوة المصالح تتسع بصورة يصعُب رتقها أو لملمتها، لأن الرئيس ترامب لم يتردد فى فرض تعريفة جمركية جديدة على الصلب والألومنيوم الأوروبى حفاظاً على مصالح أمريكا الاقتصادية، ولعله هلل مرحباً بالحرب التجارية فى بداياتها لأن أمريكا يمكن أن تكسبها بسهولة، وهذا ما فعله أيضاً الأوروبيون وإن يكُن بصورة أخف حدة عندما اكتشفوا أنهم سوف يخسرون الكثير إذا طاوعوا الرئيس ترامب وانسحبوا من الاتفاق النووى الإيراني. وبسبب النقص الشديد الذى تعانيه أوروبا من جراء انخفاض مخزونها من الطاقة وتزايد حجم استهلاكها ورغبتها فى عدم الاعتماد بالكامل على الاستيراد من روسيا، تسعى أوروبا إلى التحالف مع دول الشرق الأوسط لأن الاعتماد على بترول وغاز شرق المتوسط أكثر أمناً للأوروبيين، وربما يكون ذلك هو الدافع الأساسى وراء الموقف الأوروبى المتخلف عن الموقف الأمريكى فى أحداث غزة، لأن الأمن الأوروبى بات أكثر التصاقاً بالأمن جنوب البحر الأبيض، وأقرب كثيراً من ساحل الأطلنطى بما يكرس الحقيقة الخالدة التى تؤكد أن المصالح هى الأقوى والأشد تأثيراً فى علاقات الدول.

المصدر : جريدة الأهرام

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فراق المصالح الأوروبية والأمريكية فراق المصالح الأوروبية والأمريكية



GMT 06:51 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

لماذا تحضر مصر والأردن مؤتمر المنامة؟!

GMT 06:51 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

لماذا تحضر مصر والأردن مؤتمر المنامة؟!

GMT 14:25 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

الفساد يكلف إفريقيا تريليونى دولار

GMT 17:50 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

الفساد فى إفريقيا

GMT 12:44 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أيام فى الإسكندرية

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 01:45 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة كأس البحرين لسباق الخيل تنطلق في بريطانيا السبت

GMT 18:37 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

مفيدة شيحة تُهاجم غيتس خلال "الستات مايعرفوش يكدبوا"

GMT 07:55 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

انتخاب نساء أكثر في الحكومات يُقدّم مساهمات حقيقية

GMT 13:31 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الدكتور علي جمعة يقدم برنامج "فن الدعاء" على "CBC"

GMT 05:28 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

إنتاج علاج جديد للسرطان يمنع انتشار المرض

GMT 20:24 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجم حسن الفذ يُعلن عن استعداده لعرضه الفني الجديد

GMT 04:55 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

أستاذ تاريخ يشبه إزالة "رودس" بتدمير داعش آثار سورية

GMT 10:11 2015 الجمعة ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أسرار جمال اللون الكحلي في زفافك

GMT 06:28 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

7 أخطاء يجب عدم الوقوع بها في موضة الصيف

GMT 20:52 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

طرق مذهلة لـ إخفاء الهالات السوداء بالمكياج
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday