اختبار ذو أبعاد إستراتيجية
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

اختبار ذو أبعاد إستراتيجية

 فلسطين اليوم -

اختبار ذو أبعاد إستراتيجية

بقلم : طلال عوكل

إذا كان قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القدس في كانون الأول الماضي، دفع الفلسطينيين لاعتباره بداية مرحلة جديدة، فإن العدوان الإسرائيلي الفاشل فجر العاشر من شباط الجاري، دفع حزب الله للإعلان عن أن ذلك يشكل مرحلة جديدة.

يعني ذلك أن الولايات المتحدة، تدفع المنطقة كلها إلى مرحلة جديدة طالما أن مؤشرات هذه المرحلة تتصل بقلب المنطقة حيث الصراع التاريخي بين الأمة العربية وإسرائيل التي تتطلع لأن تصبح دولة إقليمية ذات تأثير واسع ومباشر على الأحداث في كل المنطقة. 

العنوان الذي تدخل الولايات المتحدة به إلى المرحلة الجديدة والتي تستهدف إعادة تفكيك وتركيب ما تبقى من النظام العربي الوطني، وفرض المخططات الإسرائيلية التوسعية على الفلسطينيين هو "صفقة القرن".

الإصرار الأميركي على فرض "صفقة القرن"، التي تتسع تداعياتها واستهدافاتها لتشمل الإقليم بأسره، بما يقتضيه ذلك من فرض تحالفات جديدة غير مسبوقة، وخوض حروب وصراعات بالوكالة ومن دون أن تتكبد الولايات المتحدة أي تكاليف، هذا الإصرار رفع إلى درجة الغرور خطاب التطرف الإسرائيلي، وعزز لدى القيادة الإسرائيلية المتطرفة، الثقة بامتلاكها القوة والقدرة المطلقة.

في أول اختبار لفكرة القوة والقدرة المطلقة، أرادت إسرائيل من ورائها تحقيق جملة من الأهداف، وإطلاق جملة من الرسائل للإقليم وما بعد الإقليم، شنت الطائرات الإسرائيلية اثنتي عشرة غارة على مواقع عسكرية للنظام السوري والوجود الإيراني على حد زعم القيادة الإسرائيلية. 

أعتقد أن المرجع الإسرائيلي الذي اتخذ القرار وهو رئيس الحكومة، ومن دون استشارة المستوى الأمني والعسكري، قد تفاجأ من مستوى وطبيعة الرد، كانت إسرائيل قد تعودت القيام بغارات جوية عدوانية على مرافق عسكرية بذريعة أنها أسلحة، أو مخازن أو قوات لـ"حزب الله"، ومن دون أن تتلقى رداً.

الرد السوري التاريخي على الاعتداءات الإسرائيلية حتى قبل اندلاع الصراع في سورية بعقود كان دائماً أن سورية سترد في المكان والزمان المناسبين، لكن ذلك الرد لم يقع، إلاّ في الجولة الجديدة من العدوان. 

تتصرف إسرائيل تجاه سورية، انطلاقاً من تقييم للجيش السوري، الذي يعاني من الاستنزاف ومن ضعف قدراته التسليحية، وبإعلان صريح أنها تستهدف الوجود الإيراني، وقدرات "حزب الله".

المعركة ضد سورية بحسب الإعلانات الإسرائيلية هي إذاً معركة لإبعاد الخطر الإيراني الذي يقترب من حدودها الشمالية، وتعتقد أن مثل هذا الإعلان سيقربها أكثر من دول عربية تضع التهديد الإيراني على رأس أولوياتها.

وخلال الفترة الماضية وحتى أيام قليلة اعتمدت إسرائيل تكتيك المزاوجة بين التدخل العسكري، وممارسة العدوان، وبين المعالجة السياسية حيث طلبت من روسيا أن تلعب دوراً في تنظيف سورية من الوجود الإيراني. 

المحصلة أن إسرائيل فشلت في الحالتين، فلقد فوجئت برد الفعل السوري، حيث جرى إسقاط طائرة مقاتلة من نوع (إف ـ 16)، بصواريخ سام 5، وفشلت، أيضاً، في إقناع روسيا بكف يد إيران عن العمل في سورية.

إذا كان ما قامت به الطائرات الإسرائيلية فجر يوم السبت الماضي مجرد اختبار للموقف السوري أو حلفاء سورية، فإن الأمر ما كان ليتجاوز حدود الجولة السريعة، ذلك أن إسرائيل لم تكن تنوي القيام بشن حرب واسعة في الشمال لم يحن وقتها بعد، رغم تركيز الإعلام الإسرائيلي على خطورة هذه الجبهة.
الرد السوري جاء ليقول إن الجيش السوري لا يزال يملك الإمكانية لمواجهة العدوان بخلاف ما كان سابقاً، وأن ثمة قراراً بمواجهة أي عدوان إسرائيلي، وأن حلفاء النظام متماسكون ومتضامنون خلف الموقف الذي اتخذه النظام، والمرجح أنه ما كان ليكون كذلك إلاّ بعد تنسيق المواقف بين الحلفاء.

الآن تدرك إسرائيل أن الجيش السوري يمتلك صواريخ قادرة على التصدي لطائراتها، التي لم يعد بإمكانها أن تدخل إلى الأجواء السورية وتخرج منها من دون أي اعتراض جدي. 

هذا الفشل الذي واجهته إسرائيل ينطوي على تداعيات خطيرة، حيث إنه يترك لدى القيادات الأمنية والسياسية، الانطباع بأن نشوب حرب في الشمال لن يكون نزهة أو من دون تكاليف باهظة. 
لكن من هذه التداعيات، أيضاً، أن هذا الفشل يمس بمصداقية إسرائيل وقدرتها على مواجهة الخطر الإيراني، وحلفاء إيران في الشمال، ما سيحدث حالة من التردد لدى بعض العرب المراهنين على التحالف مع إسرائيل لمواجهة هذا الخطر. 

لم يمض سوى ساعات حتى تغيرت لغة المسؤولين في إسرائيل، حيث طالبوا روسيا باحتواء الموقف، وأعلنوا أنهم لا يرغبون في التصعيد.
يقول وزير التعليم العالي نفتالي بينيت، إن الحرب في الشمال في حال اندلاعها، ستتسبب بسقوط آلاف الصواريخ على شمال ووسط إسرائيل وستمس بمنشآت حيوية جداً، أي أن مثل هذه الحرب التي لا يمكن تجنبها، من شأنها أن تزج بالجبهة الداخلية الإسرائيلية في أتون الجحيم، وكالعادة تعلن الولايات المتحدة عن دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، حتى لو كانت هي المعتدية، لكنها ـ أي الولايات المتحدة ـ ليست مطلقة اليد في ضوء خطورة الطرف المقابل وفي ضوء الوجود الروسي في سورية وهو وجود ليس شكلياً.

إسرائيل القوية أمام اختبار صعب ومصيري، فإذا كانت حربها على الشمال جزءا من استحقاقات صفقة القرن لكي تحظى بتحالفات جديدة مع بعض العرب، فإنّ الثمن الذي ستدفعه ضخم، وقد يؤدي ترددها إلى تراجع المراهنين على دورها، ما يعني إفشال "صفقة القرن".

المصدر : جريدة الأيام

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختبار ذو أبعاد إستراتيجية اختبار ذو أبعاد إستراتيجية



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"

GMT 04:20 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

معاوية محمد نور رائد الحداثة الأدبية الفكرية في السودان

GMT 14:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

ابرزي جمالك بالتوربان مع هذه اللفات العصرية الأنيقة

GMT 08:43 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تويتر تطلق سياسة جديدة بشأن التغريدات المخالفة المحذوفة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday