الأبعاد الحقيقية لأزمة الرواتب
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

الأبعاد الحقيقية لأزمة الرواتب

 فلسطين اليوم -

الأبعاد الحقيقية لأزمة الرواتب

بقلم - طلال عوكل

على الرغم من مرور بضعة أيام على إعلان وتنفيذ قرار الخصم من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في غزة، وكثرة التصريحات الشارحة، والمحتجة عليها، إلاّ أن أحداً من المسؤولين، أو جهة مسؤولة، لم يقدم للناس التفسير الصحيح لأسباب ودوافع اتخاذ القرار.

كل ما ذكر يندرج في إطار الذرائع غير المقبولة التي تربط بين القرار وبين قرار حماس بتشكيل اللجنة الإدارية، أو بينه وبين الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة.

حتى بيان اللجنة المركزية لحركة فتح، حاول أن يضفي بعض المصداقية على صلة القرار بالانقسام عبر تشكيل لجنة ستقوم بالتحقيق في الأمر، وفي التواصل مع حركة حماس، أقول حتى ذلك البيان لم ينجح لا في تهدئة الخواطر، ولا في تقديم الأسباب الحقيقية.

ولأن تلك الذرائع غير منطقية، وغير مفهومة أو مقبولة، لا من الضحايا، ولا من المراقبين، أقدم المبعوث الدولي لعملية السلام ملادينوف على إطلاق تصريحه، الذي ينطوي على نقد غير مباشر للإجراء، حين طالب بالعدالة في تحمل الأعباء والمسؤوليات.

كان بإمكان ملادينوف أن يصمت مثل كل الصامتين، وأن يترك الأمر يتفاعل بين الفلسطينيين، لولا أنه على علم بخفايا الأمور، السياسية وغير السياسية، وعلى علم، أيضاً، بالتداعيات الخطيرة التي تطفح بالمزيد من الأزمات على جلد غزة وأهلها.

الذين اتخذوا القرار يدركون مسبقاً قبل أن يتخذوه، طبيعة ردود الفعل والتداعيات التي ستنجم عنه، بما في ذلك في إطار حركة فتح التي ينتمي القسم الأكبر من الموظفين لها.

بالتأكيد القرار لا يستهدف على نحو مباشر إرباك حركة فتح في قطاع غزة، ما يجعلها ضحية، وتدفع ثمن تكتيكات سياسية من طبيعة استراتيجية تتعلق بحركة حماس وارتباط ذلك بالتحركات النشطة والجادة الجارية على جبهة الحلول السياسية الإقليمية التي تسعى وراءها الولايات المتحدة.

ربما كانت الآثار القريبة، مأساوية بالنسبة لحركة حماس، التي ستتأثر مداخيلها، وقدرتها على إدارة اقتصاد غزة، لكن هذا ليس أكثر من حلقة في سلسلة من الإجراءات اللاحقة في سياق الضغط الشديد على الحركة.

وسنلاحظ أنه ليس فقط مداخيل حماس ستتأثر نتيجة للركود، والكساد، الذي يسود اقتصاد غزة وأسواقها، بل، أيضاً، سيؤثر ذلك على مداخيل السلطة من أموال المقاصة على البضائع التي تدخل القطاع ذلك أن حركة التجارة والاستيراد ستنخفض على نحو ملحوظ، أيضاً.

الكل خاسر بسبب هذا الإجراء الأولي، من حماس إلى السلطة إلى حركة فتح، إلى الموظفين المعنيين، إلى المجتمع كله في قطاع غزة، وحتى على مستوى الفصائل الفلسطينية التي ستتهم بالعجز والتقصير لأنها لم تستطع تحريك أعضائها وأنصارها، في الضفة لممارسة الضغط على السلطة.

إذاً نحن أمام عامل تحريك قوي تم استدعاؤه لتحريك كل الوضع الفلسطيني، في إطار تحضيره، للتعاطي الإيجابي مع مخرجات الحراك الأميركي الإقليمي، الهادف لتحريك عملية التسوية وفق مبادئ وآفاق لا تحقق للفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم.

سيندرج هذا العمل وما سيلحق به في إطار رؤية سياسية يعتمد مبدأ إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الحقوق الفلسطينية التي تصر إسرائيل على مصادرتها.

الآن تتبدل وسائل العمل لتحقيق "المصالحة"، من الحوار والعودة إلى الاتفاقيات السابقة، إلى وسائل الضغط والإخضاع، إذ يصبح على حركة حماس أن تقبل بما طرحه الرئيس محمود عباس على أمير قطر ولم تجب عنه حماس حتى الآن.

المطلوب من حماس أن توافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية، الذي هو في الأساس برنامج الرئيس عباس، الذي يعلن صباح مساء التزامه بالعمل من أجل السلام، ويكرس التوجه نحو التعاطي الإيجابي مع التحرك الأميركي، المقبول والمدعوم عربياً.

إذاً المشكلة ليست بالضبط مشكلة اللجنة الإدارية التي شكلتها حماس وحدها كبديل واقعي عن حكومة الوفاق في غزة، ذلك أن الوضع قبل الإعلان عن تشكيل اللجنة وإعلانها، لم يكن مختلفاً عما هو عليه بعد تشكيلها وإعلانها. دائماً كانت هناك جهة تنظيمية إدارية غير معلن عنها للتنسيق بين أجهزة سلطة الأمر الواقع في غزة، ودائماً كانت هناك مرجعيات لعمل الوكلاء والمؤسسات السلطوية ما يعني أن الإعلان عن اللجنة لم يكن سوى الذريعة التي تستدعي خطوات وقرارات تبحث لها عن مبررات تتصل بحركة حماس والوضع في القطاع.

سيأتي الوفد الفتحاوي ويغادر قطاع غزة، دون أن يحصل على موافقة من قبل حركة حماس، التي لم يصل التطوير في سياساتها ومواقفها إلى الحد الأدنى الذي يجعلها تقبل أو تتبنى برنامج منظمة التحرير، والاندراج في مجرى البحث عن حلول سياسية، أصبحت آفاقها معروفة.

وربما كان علينا أن نشير إلى أن حركة حماس، لم تتأخر في إيصال رسالتها السلبية على قرار وبيان اللجنة المركزية لحركة فتح، حين اقتحمت دون مبرر وبسلوك مرفوض مكتب الدكتور زكريا الأغا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس هيئة العمل الوطني الفلسطيني في غزة.

لم تحصل عملية اعتقال، ولم يأخذ المقتحمون أي شيء من مكتب الدكتور زكريا، واكتفوا فقط بالتفتيش الذي لم ينجم عنه سوى أن تصل الرسالة، إلى من يفترض أن تصل إليه في رام الله.

المرحلة القادمة، إذاً مرحلة حسم وكسر عظم، فمسلسل الأزمات لقطاع غزة لن يتوقف، فبعد أزمة الرواتب ثمة أزمة قادمة بالنسبة لموضوع الكهرباء والغاز، وربما أزمة تتعلق، أيضاً، بالتحويلات الطبية.

الضغط على القطاع سيتواصل بصرف النظر عن حجم الضحايا، ونوع التضحيات أو الآلام فإن خضعت حماس، وهي لن تخضع، كانت الساحة الفلسطينية جاهزة للتعامل مع متطلبات واستحقاقات العملية السياسية أما إن لم يحصل ذلك، فإن الضغط سيتحول إلى كارثة جديدة لسكان قطاع غزة، مدعومة بأغطية دولية وعربية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأبعاد الحقيقية لأزمة الرواتب الأبعاد الحقيقية لأزمة الرواتب



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 01:45 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة كأس البحرين لسباق الخيل تنطلق في بريطانيا السبت

GMT 18:37 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

مفيدة شيحة تُهاجم غيتس خلال "الستات مايعرفوش يكدبوا"

GMT 07:55 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

انتخاب نساء أكثر في الحكومات يُقدّم مساهمات حقيقية

GMT 13:31 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الدكتور علي جمعة يقدم برنامج "فن الدعاء" على "CBC"

GMT 05:28 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

إنتاج علاج جديد للسرطان يمنع انتشار المرض

GMT 20:24 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجم حسن الفذ يُعلن عن استعداده لعرضه الفني الجديد

GMT 04:55 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

أستاذ تاريخ يشبه إزالة "رودس" بتدمير داعش آثار سورية

GMT 10:11 2015 الجمعة ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أسرار جمال اللون الكحلي في زفافك

GMT 06:28 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

7 أخطاء يجب عدم الوقوع بها في موضة الصيف

GMT 20:52 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

طرق مذهلة لـ إخفاء الهالات السوداء بالمكياج
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday