القيادة مدينة للناس بتوضيح
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

القيادة مدينة للناس بتوضيح

 فلسطين اليوم -

القيادة مدينة للناس بتوضيح

بقلم :طلال عوكل

لا أدري إن كان ثمة ما يبرر للكتّاب الفلسطينيين، استهلال الجزء الأكبر من طاقاتهم في الكتابة عن الأوضاع الداخلية فيما تتصاعد حمّى المخططات الأميركية الإسرائيلية لمصادرة حقوقهم، وفيما يضطرب الوضع العربي والإقليمي بشدة. في واقع حال الفلسطينيين لا شيء على الإطلاق معزول عن السياسة، بما في ذلك الهموم والأوضاع الشخصية والعائلية فحتى هذه تعكس سياسات وسلوكيات ذات أبعاد واستهدافات سياسية.
حتى لا ينزعج أصحاب القرار، فإننا نتحدث بوجع شديد عن الإجراءات التي اتخذتها السلطة، بحق قطاع غزة، وبعد نحو خمسة عشر شهراً على اتخاذها. الإجراءات مستمرة، رغم التصريحات اليومية التي تصدر عن مسؤولين، وأكثرهم في هذه الأيام من مستويات مختلفة في حركة فتح. لو حاولنا بعد كل هذا الوقت تغذية أفضل برامج الكمبيوتر وأكثرها تطوراً، بالمعطيات التي تتصل بموضوع الإجراءات، بما في ذلك الرواتب، حتى نحصل على تحليل منطقي لما يجري، فلا أظنّ أننا يمكن أن نصل إلى نتائج منطقية.
وحتى اليوم، فإن أفضل المحللين وأكثرهم خبرة، وقرباً من مراكز القرار والمعلومات، وأكثر المسؤولين والقياديين مصداقية، لم يقدم للناس تحليلاً للأسباب والدوافع والأهداف، التي تبرر اتخاذها واستمرارها.
بدا الأمر منطقياً وربما مفهوماً لدى البعض حين تم اتخاذ تلك الإجراءات، فلقد تم الحديث عن ممارسة ضغط على حركة حماس، لإرغامها على التسليم برؤية السلطة وحركة فتح للمصالحة أو أن ذلك سيؤدي إلى تحريك الشارع في قطاع غزة ضد "حماس" وللضغط عليها وقد كان ذلك مفهوماً أو متفهماً من قبل الكثيرين.
ولكن وبعد خمسة عشر شهراً، جاءت النتائج لتؤكد أن "حماس" هي الأقل تأثراً بتلك الإجراءات، وأنها تستطيع التكيف معها وأنها لا تزال متمسكة برؤيتها للمصالحة، بل إنها نجحت في تخطي تلك الإجراءات وآثارها من خلال تعظيم الاشتباك السلمي على حدود قطاع غزة في سياق وطني عام يحقق لـ"حماس"، أيضاً، بعض المكاسب.
لقد قدم العديد من شباب وقيادات "فتح"، فضلاً عن كثير من الكتّاب والمحللين، استنتاجات واضحة، تشير إلى حقيقة أن تلك الإجراءات، لم تحقق الغاية التي وقفت خلفها، كما تم الإعلان عنها في البداية.
ويتضح أن الضرر الأكبر المباشر أصاب ويصيب حركة فتح، على اعتبار أن الغالبية العظمى من الموظفين هم من الحركة، وأن ذلك أدى ويؤدي إلى تعميق المآسي والأزمات الاجتماعية لسكان القطاع.
يعلم المسؤولون المعنيون وغير المعنيين، مدى خطورة الأوضاع الاجتماعية لسكان القطاع، والأمراض النفسية والاجتماعية التي تجتاح المجتمع في قطاع غزة، نتيجة الفقر، ومحدودية الخدمات الحياتية التي يتلقونها. تنتشر في قطاع غزة على نحو واسع ظواهر التسول، والطلاق والعنوسة والانتحار، والتفكك الاجتماعي، وما يتبع ذلك من أمراض نفسية وعضوية. ثمة شعور عارم بالتمييز والدونية، وقصدية استهداف الكرامة والهوية الوطنية، وكأن الناس ارتكبوا ما يستحقون عليه العقاب الجماعي القاسي من أبناء جلدتهم والمسؤولين عن إدارة شؤونهم الحياتية والوطنية.
كانت الشكوى لبعض الوقت تصدر عن فصائل وشباب، وكتّاب وقادة مجتمع مدني. لكنها مؤخراً أصبحت تصدر عن قيادات وشباب ونشطاء أغلبهم من حركة فتح.
لا مجال للمرور على كثير من التصريحات التي تصدر عن ناطقين باسم الحركة ومسؤولين فيها، وتعبر كلها عن ضرورة العودة عن تلك الإجراءات، وتعبر عن حرص الحركة على الوفاء بحقوق الموظفين والناس باعتبارها حقوقاً ثابتة لا مجال للتلاعب بها طالما أنها مستندة إلى القانون.
المؤسف إزاء كل ذلك أن تصدر تبريرات غير منطقية، وغير مقبولة ولا مفهومة أبداً، من نوع أن المسألة تتعلق بخلل فني، أو بقصور مالي لدى السلطة، أو أن الحكومة هي المسؤولة، والتي عليها أن تلتزم بقرار الرئيس محمود عباس خلال انعقاد المجلس الوطني.
مثل هذه التبريرات، بدت وكأنها ضحك على ذقون المواطنين، الذين يعرفون الحقيقة، والحقيقة هي أن الحكومة ليست مستقلة ولا تملك مثل هذه الصلاحيات التشريعية، وأنها في الأول والأخير حكومة الرئيس محمود عباس، ولا يمكنها تجاوز قراراته.
سيكون الوضع أكثر من مؤسف وأكثر من مقلق إذا كانت الحكومة قادرة على تحدي أو تجاوز قرارات الرئيس، فإن صح ذلك فإن أحوال النظام السياسي الفلسطيني قد أصبحت في "الباي باي".
في هذا السياق فإنني أنصح أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، وأعضاء تنفيذية المنظمة أن يتوقفوا عن إطلاق التصريحات الواعدة، التي سرعان ما أن تكشف الأيام مدى سذاجتها، ومدى ذاتيتها.
لقد طال أمد اللجنة المكلفة مراجعة تلك الإجراءات، ولا نظن أن المسألة في الأساس تستدعي تشكيل لجان، أو عقد اجتماعات بين اللجنة المركزية والحكومة فبعد مرور كل هذا الوقت لم يعد ثمة ما يستدعي ذلك.
وليعذرنا إخوتنا في كل المستويات القيادية، ذلك أننا نتصبب عرقاً ونخجل من أنفسنا حين يكون علينا متابعة الاهتمام الذي تبديه أوساط ودول كثيرة بالأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ونقارن ذلك بمدى اهتمام ودور السلطة الفلسطينية.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القيادة مدينة للناس بتوضيح القيادة مدينة للناس بتوضيح



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:33 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 08:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تعرف على مميزات سيارة فولكس فاغن الجديدة

GMT 05:02 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليام هيمسوورث ينشر صورة محزنة لبقايا منزله المحترق في "ماليبو"

GMT 07:28 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

150 أسيرًا من أراضي عام 48 يقبعون في سجون الاحتلال

GMT 05:35 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

فرص "غريس موغابي" في الحياة السياسية تتحول طريق سدّ

GMT 12:27 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

بعثة جامعة جنيف تكتشف هرمًا من الذهب في سقارة

GMT 15:31 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

هبة مشهور تصمم حلوى الكوكيز التي تتناسب مع رمضان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday