نكبة تسلم لأخرى والحال على حاله
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

نكبة تسلم لأخرى والحال على حاله

 فلسطين اليوم -

نكبة تسلم لأخرى والحال على حاله

بقلم : طلال عوكل

تتعانق النكبات في هذا العام، لتشكل المشهد الفلسطيني المأساوي الذي يعكس مدى ظلم القوى الاستعمارية، التي لا تقيم وزناً لأطنان الوثائق والقرارات والقوانين التي تضج بها أدراج الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، ويتشدق بها زعماء ما يسمى العالم الحر. 

اليوم تحل الذكرى التاسعة والستون، لنجاح المخططات الاستعمارية والصهيونية في إقامة دولة إسرائيل، على حساب أرض الفلسطينيين وحقوقهم. 

وبالقرب منها، النكبة التي صنعها الفلسطينيون بأياديهم، وأدت إلى انقسام عميق وخطير يعاني منه الفلسطينيون وقضيتهم وينال من كرامتهم. 

أسابيع وتحل الذكرى العاشرة لنكبة الانقسام الفلسطيني، الذي يقدم خدمة جليلة للمخططات الإسرائيلية، وينهش في لحم القضية وأهلها، وقبل نهاية العام تحل الذكرى المئة لأم النكبات التي كان من أبشع ما أقدم عليه وتركه للبشرية الاستعمار البريطاني. 

وعد بلفور هو المحطة التأسيسية لتنفيذ المخطط الصهيوني، ولولاه لكانت الدنيا غير هذه الدنيا. 
بعيداً عن النواح، والعويل، والاستطراد في إظهار مخاطر تلك النكبات. وبعيداً عن الأشكال التقليدية، التي دأب الفلسطينيون على اتباعها في مثل هذه المحطات، ثمة ما ينبغي أن يشكل دافعاً، لتحويل هذه الذكريات البائسة إلى مبادرات سياسية، وعمل، لمحاصرة، هذه النكبات، واقتلاع أسبابها ومعالمها. 

إذا كان الكفاح الفلسطيني لتحرير الأرض، واستعادتها، ينطوي على جهد متواصل لم يتوقف الشعب الفلسطيني عن بذله، وتقديم ما يلزم من تضحيات على مذبحه، فإن من الواجب التذكير بأن المعركة طويلة، ومفتوحة على الزمن، وعلى المزيد من التضحيات، لا مجال لليأس، وعلى من يتملكه الاحباط أن يتذكر بأن الاستعمار الفرنسي مكث في الجزائر مئة وثلاثين عاماً، وان الحملات الصليبية استغرقت نحو مئتي عام حتى ارتدت على اعقابها.

مئة عام على وعد بلفور، لم يتوقف الشعب الفلسطيني عن مجابهته، وتحدي منتجاته، عبر رحلة طويلة من النضال والتضحيات، ما تحتاجه هذه الرحلة، هو ان لا يكرر الخلف اخطاء وخطايا السلف ـ غنية التجربة الكفاحية الفلسطينية، وهي متعددة المراحل، والأشكال والأدوات، ما ينطوي على إدانة شديدة للقيادات والفصائل التي تتجاهل اهمية تلك الدروس، وتكرر لأسباب فصائلية أنانية، العديد من التجارب والممارسات الخاطئة، والتي ألحقت وتلحق أضراراً بليغة، وتضخم الثمن الذي يدفعه الشعب.

في هذا السياق تأخر الفلسطينيون كثيراً، إلى أن بدأت ترتفع أصواتهم التي تطالب بريطانيا الاستعمارية، بالاعتذار من الشعب الفلسطيني على جريمة بائنة ارتكبتها بحقه. ولكن لماذا لا تستجيب الدولة التي ورثت عهداً طويلاً من الاستعمار حتى عرفت على أنها الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس؟ بالتأكيد ثمة ما يشير إلى أن العقل الاستعماري لا يزال يعشعش في رؤوس صناع السياسة البريطانية، ولكن الأهم ربما، هو أن بريطانيا، لا تزال تشكل السند والداعم لمشروعها الصهيوني الذي خلقته، ما ينطوي على إدانة فاضحة لمنظومة القيم الغربية التي تدعي الديمقراطية واحترام الحريات وحقوق الإنسان.

حين يتعلق الأمر بإسرائيل، لا تتردد ألمانيا في أن تتحمل المسؤولية عن الأعمال البشعة التي ارتكبتها النازية بحق اليهود، والسبب هو نفسه، بمعنى أن ألمانيا الرأسمالية هي الأخرى تعبر عن دعمها ورعايتها للكيان الذي خلقته زميلاتها الرأسماليات الأوروبية.

لا تجوز المجاملة في التعامل مع حق الشعب الفلسطيني من رقبة التاج البريطاني والمفروض أن نخوض "حرباً"، وأن نمارس ضغوطاً هائلة لا تتوقف لإرغام الحكومة البريطانية على الاعتراف بخطئها، والاعتذار عنه، وتعويض الشعب الفلسطيني، فضلاً عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

لن ترضخ بريطانيا طالما، أنها لا تشعر بالحاجة لذلك، ولذلك أصبح من الضروري أن يتحرك الفلسطينيون في الإطار العربي أولاً، ثم الإسلامي والدولي تالياً لتوليد حالة من الضغط الحقيقي على أحفاد بلفور.

لا بد أن يصبح هدف إرغام بريطانيا على الاعتذار والتعويض، جزءاً رئيساً من برامج العمل الوطني الفلسطيني، لا أن يظل هذا الهدف، رهناً فقط بالتصريحات المنددة، في المناسبات.

قد لا تكون نكبة الانقسام مساوية من حيث أبعادها ومخاطرها لنكبة وعد بلفور، أو نكبة قيام دولة إسرائيل، من دون أن نتجاهل نكبة هزيمة حزيران 1967، التي يقترب موعدها أيضاً، لكن الفارق هو أن نكبة الانقسام، من صنع أيدينا، وعلى طريقة ظلم الأقربين أشد مضاضة. 

يستطيع الفلسطيني أن يتحمل الظلم الذي يتعرض له من الاحتلال، أو من القوى الاستعمارية الداعمة للاحتلال، لكنه يشعر بالمرارة إزاء الظلم الذي تتعرض له القضية وتتعرض له الحركة الوطنية والشعب الفلسطيني بسبب وقوع واستمرار هذا الانقسام.

هذا الظلم من ذوي القربى غير مقبول، ومن الخطأ الكبير أن يستمر لعام آخر، ذلك أن من أهم تداعياته، انه يجرد المواطن من وطنيته ويحط من كرامته الإنسانية، ولا يترك له مجالاً إلاّ للشكوى، والبحث عن الخلاص الذاتي.

بريطانيا ومعها الدول الاستعمارية مسؤولة عن النكبة الأم، ومسؤولة عن استمرار وتعميق هذه النكبة، وإسرائيل والحركة الصهيونية مسؤولة عن نكبة العام 1948، وعن نكبة العام 1967، ومسؤولة عن كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم ودمار، لكن القيادات الفلسطينية التي تدير المركب الفلسطيني هي المسؤولة عن نكبة الانقسام.

لإنهاء الانقسام، لم تعد الاتصالات والحوارات، والتصريحات الإيجابية والسلبية تنفع في شيء بل انها تساهم في تعميق مشاعر الاحباط والخذلان لدى الناس، وأخشى أن يترتب على المواطن الفلسطيني أن يدفع مرة أخرى، ثمن إنهاء الانقسام، الذي يبدو على أنه غير قابل للانتهاء إلاّ عبر الضغوط ووسائل الإكراه. هل هذا ما تدفع الأمور إليه، السياسات الخاطئة والمصالح الفصائلية الأنانية، حتى لو كان ذلك على حساب الجهد الفلسطيني الذي ينبغي أن يبذل في الصراع مع الاحتلال، ومع أحفاد بلفور.

إن كل تأخير في إنهاء هذه النكبة، يشكل استنزافاً للقوى الحية وخدمة للمحتل، وفي النهاية، سيدفع أصحاب الحسابات الخاطئة الثمن مضاعفاً، حيث إن الفاتورة ستتضخم مع مرور المزيد من الوقت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نكبة تسلم لأخرى والحال على حاله نكبة تسلم لأخرى والحال على حاله



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"

GMT 04:20 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

معاوية محمد نور رائد الحداثة الأدبية الفكرية في السودان

GMT 14:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

ابرزي جمالك بالتوربان مع هذه اللفات العصرية الأنيقة

GMT 08:43 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تويتر تطلق سياسة جديدة بشأن التغريدات المخالفة المحذوفة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday