قراءة في فنجان
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

قراءة في فنجان

 فلسطين اليوم -

قراءة في فنجان

بقلم :طلال عوكل

تَعَوَّدَ الزعماء العرب، على الامتناع عن وضع شعوبهم، أمام الحقائق بحيث أصبح ذلك من سمات النظام العربي الرسمي. كان يمكن للصحافيين أن يستغنوا عن خدمات المحلّلين السياسيين، لو أن الشفافية، جزء أصيل من وعي المسؤول، أو أن القانون والنظام يفرضان على المسؤول فرداً كان أم مؤسسة بأن يقدم للمواطن ما يملك من معلومات، خاصة ما يتعلق منها بمصير الشعب.

لماذا يخجل المسؤول العربي، من أن يصارح شعبه بما يواجه البلد من أزمات ومن تداعيات؟ هل يمكن اعتبار ذلك ناجما عن عدم ثقة بوعي المجتمع ونخبه، أم أنه دلالة على ثقة زائدة بالذات؟ الزيارة التي قام بها العاهل الأردني لرام الله يوم الاثنين الماضي، ولقاؤه بالرئيس محمود عباس، تنطوي على أبعاد تاريخية لارتباطها بلحظة تاريخية في حياة ومستقبل فلسطين والأردن، أشار إليها، الملك الأردني في تصريح مقتضب قبل الزيارة. صحيح أن هناك قضايا مهمة بالمعنى اللحظي، خصوصاً فيما يتعلق بملف القدس وبجريمة اغتيال مواطنين أردنيين من قبل ضابط أمن إسرائيلي، غير أن هذه القضايا، تؤشر إلى مخاطر كبيرة حين تصبح جزءاً من السياق العام لتطور الأحداث ومآلاتها.

في درس المسجد الأقصى، لا بدّ أن ثمة قناعة مشتركة وعميقة من أن إسرائيل تتبنى سياسة منهاجية، لفرض السيادة على المسجد الأقصى، في محاولة لاستكمال مصادرة ملف القدس. الأمر من حيث الأهمية لا يقتصر على إمكانية فقدان الأردن لدوره في الإشراف على الأقصى، وإنما يذهب في اتجاه إدراك المخاطر الحقيقية لطبيعة المخططات الإسرائيلية ومراميها. الرئيس عباس كان قد أعلن عن حق، من أن معركة المسجد الأقصى لم تنته، وإنما بدأت للتو، ولذلك فإن هذا التقدير للموقف كان جزءاً من أسباب استمرار السلطة في قرارها بوقف الاتصالات بالجانب الإسرائيلي بما في ذلك التنسيق الأمني. في الوعي العام لما يحيط بالقضية الفلسطينية يصبح موضوع القدس، مؤشراً قوياً نحو قادم الأحداث والتطورات. 

خلال الاشتباك في القدس، من ساحات الأقصى، كان الموقف الأميركي، خصوصاً والدولي بشكل عام، أكثر من متواطئ مع السياسة الإسرائيلية، حتى أن المناقشات في مجلس الأمن لم تفض إلى حتى بيان شكلي. في البداية كان الموقف يدعو لضبط النفس، وعدم التصعيد، وبعد ذلك جاء ليثني على الموقف الإسرائيلي برفع البوابات الإلكترونية. كوشنير وغرينبلات مبعوثا ترامب لم يكلفا نفسيهما الاتصال والتفاعل مع السلطة وكأنها خارج الحسابات والتأثير، وفضلا متابعة الأمر مع الأردن وإسرائيل قبل أن يغادرا المنطقة.

تجاهل السلطة كطرف فاعل مباشر وأساسي، لم يكن فقط سمة الموقف الأميركي والدولي، وإنما يشمل معظم الدول العربية والإسلامية، التي اكتفت بالتواصل مع واشنطن وتل أبيب. هذا فضلاً عن بعض المآخذ الأردنية الفلسطينية المشتركة إزاء مواقف بعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

بعد ذلك تابعت الإدارة الأميركية الضغط على الفلسطينيين من خلال تبنّيها للموقف الإسرائيلي من مخصصات الأسرى والشهداء، إذ اتخذ الكونغرس وبرضا من الرئيس ترامب، قراراً بخفض الدعم الذي تقدمه واشنطن لموازنة السلطة ما لم تتوقف عن دفع هذه المخصصات. وفي الأساس فإن جوهر الموقفين الأميركي والإسرائيلي من هذه المسألة، واعتبار الأسرى والشهداء إرهابيين، ينطوي ليس فقط على حكم ظالم وغير منطقي، وإنما أيضاً، تمتد أبعاده إلى طبيعة وجوهر الحقوق الفلسطينية

وعدالة القضية، يبدو أن الزعيمين الأردني والفلسطيني أصبحا على دراية بما تخطط له إسرائيل بتواطؤ، أو دعم علني وغير علني من قبل الولايات المتحدة. إسرائيل ماضية في تنفيذ مخططات لا تقوم على مبدأ حل الدولتين والانطلاق من الاعتراف بحدود الرابع من حزيران، والحل الإقليمي الذي تسعى إليه، يقوم على كيانين فلسطينيين، في غزة مرتبط بمصر وفي أقل من نصف مساحة الضفة مرتبط بالأردن. بل ربما تعود إسرائيل إلى نغمة الأردن الوطن البديل.

هذا هو الملف الأكثر خطورة وجدية الذي يفرض ذاته على كل اتصال بين الأردن وفلسطين.بعد ذلك تنطوي جريمة اغتيال المواطنين الأردنيين من قبل ضابط أمن إسرائيلي على خطورة من مستوى آخر، يعكس حقيقة نظرة إسرائيل للأردن ونظامه. الطريقة المتعالية والفوقية التي عبّر عنها نتنياهو خلال التعامل مع هذا الملف، تدعو إلى الغضب والتوتر، والخوف من الآتي. ليس هذا وحسب، بل ان وزير الأمن في حكومة نتنياهو عبّر باستخفاف شديد عن رفضه للموقف الأردني الرسمي من أحداث المسجد الأقصى.

هذا يعني أن اتفاقية السلام جيدة حين تخدم إسرائيل، وأنها لا تساوي شيئاً حين تكون في غير مصلحتها. بعد ذلك ثمة قضايا أخرى أقل أهمية من نوع ملف المصالحة الفلسطينية، والمواقف العربية إزاء ذلك، وهي مصدر شكوى من قبل الفلسطينيين، بما ينطوي عليه من توتر في علاقة السلطة ببعض الدول العربية المركزية. يحتاج الطرفان الفلسطيني والأردني كل لمعونة الآخر ودعمه، في التصدي لمصير مشترك، يهدد الطرفين ومستقبل قضاياهما، وشعوبهما، في غياب المعلومات نقدم هذا التحليل، إن أصاب فلا مكافأة وإن خاب فلا لوم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في فنجان قراءة في فنجان



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"

GMT 04:20 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

معاوية محمد نور رائد الحداثة الأدبية الفكرية في السودان

GMT 14:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

ابرزي جمالك بالتوربان مع هذه اللفات العصرية الأنيقة

GMT 08:43 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تويتر تطلق سياسة جديدة بشأن التغريدات المخالفة المحذوفة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday