من ينتظر ير
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

من ينتظر ير

 فلسطين اليوم -

من ينتظر ير

بقلم طلال عوكل

من غير الممكن وربما ليس ضرورياً الاستعجال في التوصل إلى استنتاجات راسخة يمكن البناء عليها بثقة إزاء السياسات الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب وإزاء مختلف القضايا والملفات. من موقعها فإن الولايات المتحدة تجد نفسها دائماً منخرطة في كل الملفات والقضايا الساخنة والباردة التي تشهدها الكرة الأرضية، فهي تتصرف وكأنها حكومة العالم، وأن مصالحها تغطي أربع أنحاء العالم.

غير أن البدايات وطريقة التعامل مع بعض الملفات، وحتى اللغة التي يستخدمها الرئيس ترامب، تشير إلى قدر من العنجهية والتسرع وقلة الاحترام. في أنحاء العالم ينظر الكثيرون للقرار الذي وقعه ترامب بشأن الهجرة على أنه ينطوي على عنصرية واضحة تخالف ليس فقط طبيعة النظام الديمقراطي وإنما تضرب أسس بناء وتكوين الولايات المتحدة.

تاريخ تشكل المجتمع الأميركي بعد الحرب الأهلية، واستئثار المهاجرين على حساب السكان الأصليين من الهنود الحمر، ثم هجرة الكثير من الأعراق والجنسيات من مختلف أنحاء العالم، إلى بلد الفرص، جعل الولايات المتحدة مجتمعاً شديد التنوع والثقافات والحضارات، والأديان والأصول العرقية.

هذا التنوع ساهم إلى حد كبير في تطور المجتمع الأميركي، خصوصاً وأن النظام الديمقراطي نجح في استيعاب هذا الموزاييك، وحوله إلى طاقة هائلة تدفع نحو المزيد من التطور إلى الحد الذي جعل الولايات المتحدة دولة عظمى.

من لا يفهم هذه الحقيقة، ويسعى وراء سياسات وإجراءات وتشريعات، من النوع الذي قرره ترامب، من شأنه أن يضرب في الصميم هذه الخاصية الحيوية، وأن يغذي كل أسباب الصراع والخلاف العنصري داخل المجتمع الأميركي.

يسير التشريع الرئاسي الأميركي في اتجاه مخالف لسيرورة التاريخ الأميركي، ويشكل مساساً خطيراً بعوامل وديناميات تطور المجتمع الأميركي. وفي الجوهر أيضاً فإن استهداف الإسلام والمسلمين والدول الإسلامية، ينطوي على قدر عالٍ من الحماقة، لكونه يؤسس لصراعات وحروب في غير الوجهة الحقيقة التي تتصل بالأزمات والملفات التي تشكل خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة وعلى شعوب الأرض.

مباشرةً كان لقرار ترامب تأثير على شركات الطيران، حيث إنه أثر على حوالى مئة ألف مسافر، وكان في حال استمرار تنفيذه أن يؤثر على المزيد من المسافرين. لا يليق برئيس دولة عظمى أو حتى دولة متواضعة أن يصف قرار قاض فدرالي بأنه سخيف، وأن يطلق تهديداً بأنه سيطيح به.

السلوك ليس معزولاً، ذلك أن ترامب يتابع أسلوبه الشعبوي الغبي، فقد سبق ذلك وبجرة قلم أن أقال وزيرة العدل بالوكالة لأنها لم تدافع عن قراره، وهذا يعني أن الرجل المغرور يتمتع بعقلية إقصائية شاملة.

حين يقصي كل السفراء والقناصل الأميركيين في عهد أوباما، ويقصي كل من عمل في إدارة الرئيس السابق، ويقصي شعوباً ودولاً، وديانات، ويقصي أيضاً مسؤولاً أو قاضياً يخالفه الرأي، فإن ذلك مؤشر عملي ملموس على أن الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة من الارتباك والجنون.

لا تترك إدارة ترامب فرصة للتفكير قبل التنفيذ، فهو بدأ بعملية إلغاء مرسوم "أوباما كير"، وركب أعلى الأمواج في التعبير عن رفضه للتجربة الإيرانية الصاروخية. لكأنه كان ينتظر فرصة أو ذريعة لكي يمزق الاتفاق بين إيران والستة الكبار، وينقل العلاقات الدولية بين إيران والآخرين إلى مربع الصراع الساخن، دون حوار مع الشركاء.

تصريحات نارية متلاحقة مشفوعة بتهديدات وإجراءات عقابية، صدرت عن أكثر من مسؤول في إدارة ترامب، كلها تشير إلى أن ملف العلاقات الأميركية الإيرانية يذهب نحو التوتر وربما تفجير الصراع على نحو واسع في منطقة الشرق الأوسط.
من الواضح أنه، أي الرئيس ترامب، الذي اختار طاقمه من نفس فئة الجينات الشعبوية المتطرفة، لا ينتظر تحريضاً من إسرائيل، وبعض الدول التي عبّرت عن رفضها للاتفاق بين إيران والستة الكبار، ولكن ليس صدفةً أن تتواصل الاحتجاجات الشعبية في العديد من دول العالم وفي الولايات المتحدة ذاتها، رغم مرور ثلاثة أسابيع فقط على تنصيب الرئيس ترامب.
لعل أهم هذه الاحتجاجات وأكبرها بعد الولايات المتحدة، ما تشهده العاصمة البريطانية، في الدولة الأكثر قرباً وأصدق تحالف مع أميركا.

شبكة "سي أن أن" الأميركية أجرت استطلاعاً للرأي، أظهر تراجع شعبية ترامب إلى 44% في أميركا، هذا قبل أن يقلع الرجل في تنفيذ رؤاه وسياساته، أما لو بادرت أي مؤسسة لإجراء استفتاء دولي فإن النتيجة ستكون أكثر سلبية بالتأكيد.
لا بد وأن نتنياهو وأركان حكومته من المتطرفين يرقصون طرباً لما يصدر عن البيت الأبيض، فثمة تماثل واسع بين الإدارتين. هذه الإشارات الأولية التي تصدر عن إدارة حكومة العالم، تشي بأن المجتمع الدولي مقبل على الكثير من الانفجارات والصراعات، التي سيكون لها تأثيرات واسعة وعميقة على طبيعة النظام الدولي الذي يتشكل، والذي سيطيح بالهيمنة الأميركية على هذا النظام، ويدفع الولايات المتحدة إلى الخلف.

أين كان لترامب تصريحات أو مواقف إيجابية، أدخلت الطمأنينة إلى نفس هذه الدولة أو تلك؟ تهديدات لإيران، وأخرى للصين، وثالثة للمكسيك ودول أميركا اللاتينية، ورابعة لدول الخليج، وخامسة للحلفاء الأوروبيين، الذين بدؤوا يناقشون بقلق وبعمق كيفية التعامل مع السياسة الأميركية الجديدة.

هذه السياسة لا تبقي للولايات المتحدة حلفاء سوى إسرائيل، الأمر الذي يجرهما سويةً نحو المزيد من العزلة والمزيد من المغامرات المكلفة ومن ينتظر ير. ليس على الفلسطينيين أن يحزنوا على تجاهل إدارة ترامب الاتصال والتواصل معهم، أو أن تصدر عن هذه الإدارة مواقف تصب كلياً في صالح إسرائيل، فهم ليسوا الوحيدين المتضررين من سياسة هذه الإدارة، لكن عليهم ألا يضيعوا المزيد من الوقت حتى يرتبوا أنفسهم ويستعيدوا وحدتهم، ويسترجعوا قوتهم. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من ينتظر ير من ينتظر ير



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:33 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 08:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تعرف على مميزات سيارة فولكس فاغن الجديدة

GMT 05:02 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليام هيمسوورث ينشر صورة محزنة لبقايا منزله المحترق في "ماليبو"

GMT 07:28 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

150 أسيرًا من أراضي عام 48 يقبعون في سجون الاحتلال

GMT 05:35 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

فرص "غريس موغابي" في الحياة السياسية تتحول طريق سدّ

GMT 12:27 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

بعثة جامعة جنيف تكتشف هرمًا من الذهب في سقارة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday