بقلم د. يوسف رزقة
في الثمانينيات من القرن الماضي أصدرت حركة حماس ما يسمى ( ميثاق) الحركة. في تلك الفترة كانت منظمة التحرير تدرس فكرة شطب مواد محددة من ميثاقها، وقد تم ذلك في المجلس الوطني الذي حضرة بيل كلينتون االرئيس الأميركي في غزة.
إن من يتأمل ميثاق حماس يجد فيه غلبة الفكر الأيديولوجي على الفكر السياسي، وغلبة الروح العاطفية على الإجراءات السياسة، وهو وإن كان يمثل مرحلة ما من مراحل نمو الحركة وتطورها، فإن المسافة الزمنية بين عام ١٩٨٨م، وعام ٢٠١٧ م هي مسافة طويلة، وقد جرت أحداث كثيرة في هذه الفترة.
إنه من المنطقي أن تفكر حركة حماس في إصدار وثيقة سياسية تعايش المرحلة وتأخذ بالحسبان التطورات العميقة التي حدثت في الفترة الماضية.
حماس في حاجة إلى وثيقة سياسية تعالج الكثير من القضايا السياسية في الصراع مع العدو من ناحية، والعلاقات العربية والإقليمية من ناحية ثانية، والعلاقات الدولية من ناحية ثالثة.
ومن الطبيعي أن تأخذ الوثيقة بالمرونة الكافية التي تخفف من حدة الفكر الأيدولوجي الذي تجلى في الميثاق، وأن تراعي علاقتها بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، بما يجلي الأمر واضحا للرأي العام لاسيما بعد الاتهامات الباطلة التي تحاول أن تضع الإخوان في قائمة الإرهاب الإميركية بعد وضعهم على قائمة الإرهاب في مصر.
من المعلوم مسبقا أنه لا علاقة تنظيمية بين حركة الإخوان وحماس، والعلاقة القائمة لا تتجاوز الفكر والوجدان، والثقافة والتربية، فحركة حماس حركة تحرر وطني فلسطيني، تبحث عن التحرير وعن تأييد الدول العربية، والإقليمية والدولية، والشعبية في الصراع المتواصل مع العدو الصهيوني، بوصفه عدوانا استيطانيا يحتل الأرض، لا بوصفة يدين بالديانة اليهودية، فحماس لا تعادي اليهود في العالم ولكن تقاوم الاحتلال والاستيطان.
ومن حق كل الشعوب المحتلة مقاومة المحتل الغاصب، والتاريخ يحدثنا عن نماذج عديدة ومختلفة لهذه المقاومة، وحماس ليست بدعا بين حركات التحرير الوطني، وكل ما يتعلق الأيديولوجيا الفكرية هو عمل وتنظيم بعد التحرير، وإقامة الدولة الفلسطينية. وعليه أقول إن حماس في حاجة ماسة إلى هذه الوثيقة السياسة التي تعبر عنها في هذه المرحلة.