إيطاليا بين سندان التغيير الحكومي والأزمات الاقتصادية الراسخة
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

تفضّل الشركات تأجيل التوسع والحد من الاستثمار منعًا للمخاطرة

إيطاليا بين سندان التغيير الحكومي والأزمات الاقتصادية الراسخة

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - إيطاليا بين سندان التغيير الحكومي والأزمات الاقتصادية الراسخة

الاقتصاد في إيطاليا
روما - فلسطين اليوم

بصرف النظر عما كان يأمله الناس من الحكومة غير التقليدية في إيطاليا، وتغييرها للنشاط الاقتصادي للبلاد، فقد بات الباب مفتوحاً لاستقالة مريرة بعد أن اتضح أن شيئاً لم يتغير، فمنذ أكثر من عام، سلمت إيطاليا السلطة لائتلاف من شريكين: «الرابطة الشعبوية اليمينية» وحركة «الخمسة نجوم» المعارضة لتولي أمر اقتصاد يعاني من اضطرابات وتغييرات سياسية متواصلة.
والآن بات هؤلاء على وشك التسبب في المزيد من الفوضى والارتباك. فقد بات ذلك جلياً عندما أعلن ماتيو سالفيني، زعيم «الرابطة الشعبوية اليمينية»، مطلع الشهر الحالي عن وجود خلافات بين رابطته وحركة «الخمسة نجوم»، وأن التوفيق بينهما بات غير ممكن، وطالب بخيارات مبكرة.

من جانبها، تفضّل الشركات تأجيل التوسع وتحد من الاستثمار بدلاً من الدخول في مخاطرة في عصر عدم اليقين، ولا يزال الدين العام هائلاً ويتجاوز تريليونَي يورو (2.24 تريليون دولار)، أو أكثر من 130 في المائة من الناتج الاقتصادي السنوي.

كما لا تزال البنوك تعاني من القروض الرديئة - وإن كانت أقل من ذي قبل - مما يجعلها مترددة في الإقراض. والاقتصاد الذي لم يتوسع في العقد الماضي عانى من الركود بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) الماضيين، وفقاً لبيانات حديثة، في حين أن الاستثمارات كانت في تناقص. هذا كله ما أبقى إيطاليا على مسار عدم النمو خلال هذا العام، مع حفاظها على لقب غير مرغوب فيه: «أضعف اقتصاد في أوروبا»، أو بتعبير آخر «رجل أوروبا المريض».

في أوائل هذا العام، حصلت شركة «أدلور بلزر غروب»، وهي شركة إيطالية كبرى، على طلب بقيمة 2.6 مليون يورو (نحو 3 ملايين دولار) لتصنيع قطع غيار للطائرات العسكرية. وضخت 250 وظيفة جديدة في المصنع خارج نابولي، قلب جنوب إيطاليا المضطرب باستمرار.
وقال باولو سكوديري، رئيس مجلس إدارة الشركة، وعضو إدارة «كونفيندوستريا»، أقوى اتحاد أعمال في إيطاليا: «لقد كانت فرصة رائعة». ومع ذلك، نقلت الشركة مؤخراً العمل إلى مصنع في بولندا بسب الفوضى السياسية المتفاقمة.
وقال سكوديري، إن «الصراع مع الاتحاد الأوروبي والصراعات مع العالم خلقت مشكلات مصداقية للحكومة الإيطالية. لقد خلقوا المشكلات ليس فقط لشركتي، لكن لجميع الشركات الإيطالية، والأهم من ذلك، لإيطاليا نفسها. كل من أراد الاستثمار في إيطاليا بات يفكر الآن مرتين».

- مشكلات متفاقمة
الشهر الماضي، تمكنت إيطاليا من النجاة من تفاقم مشكلتها الأكثر إلحاحاً، وهي مخاطر عقوبات الاتحاد الأوروبي بسبب انتهاك حدود دينها العام. وبعد التهديد بفرض غرامات، تراجعت بروكسل عندما تبين أن بعض خطط الإنفاق الحالية لإيطاليا أقل تكلفة مما كان متوقعاً.
جرى الاحتفال بهذا الإنجاز في روما دليلاً على أن إيطاليا يمكنها تخفيض الديون وتجنب الصراع مع الكتلة الأوروبية. وقال وزير المالية الإيطالي جيوفاني تريا خلال مقابلة في مكتبه في روما: «كان من المهم استعادة الثقة في الأسواق، ولا سيما أن الأسر والشركات تعتقد أن المال العام قادر على الصمود».
وأضاف تريا: «لقد استبعدنا كل نقاش محتمل حول موقفنا في أوروبا. نريد تغيير القواعد، لكننا ملتزمون بالقواعد الحالية». من المؤكد أن المزيد من المحادثات ستجري مع بروكسل في الخريف عندما تبدأ الحكومة مناقشة ميزانية العام المقبل. ولا تزال الرابطة قلقة بشأن تبني خطة ضريبية ثابتة لخفض الضرائب، ودفع ثمنها سيجبر إيطاليا على خفض الإنفاق أو الصدام مرة أخرى مع حدود الديون الأوروبية».
واستطرد تريا: «علينا أن نختار: إذا كنا تريد الإصلاح الضريبي في اتجاه الضرائب الثابتة، يتعين علينا خفض الإنفاق». المشكلة هي أن خفض الإنفاق يحرم الاقتصاد من الدافع لتحقيق النمو. فقد أكدت الإدارات الإيطالية اللاحقة على الحاجة إلى التوسع في طلب إذن من بروكسل لإنفاق أكثر مما تسمح به قواعد الميزانية.

- مخاطر كبرى
لقد كان هناك دائماً عملية صعبة لإقناع الأوروبيين؛ نظراً لأن طريقة تفكير المسؤولين الأوروبيين المنطقية تجعلهم ينظرون إلى إيطاليا مراهق ساخط يحاول تزوير بطاقة ائتمان العائلة. لكن هناك حجة أقوى الآن، حيث تتزعم إيطاليا حكومة هدد قادتها في كثير من الأحيان بالانفصال عن العقيدة الأوروبية.
وتفاقمت الاضطرابات السياسية في الأسابيع الأخيرة في أعقاب تقرير صدر عن موقع «بز فييد» بأن مستشاري «الرابطة الشعبوية» التقوا سراً المسؤولين الروس الذين أرادوا تحسين نظرة الحزب في الانتخابات الأوروبية هذا العام. نفى سالفيني التقرير، في حين حثه زملاؤه من حركة «الخمسة نجوم»، ومنهم لويجي دي مايو، على تولي رئاسة البرلمان. وكان آخر سبب للعداء هو المعارضة من «الخمسة نجوم» لسكك حديد عالية السرعة تربط شمال إيطاليا بفرنسا.
ومع انهيار الحكومة، ظهرت الآن مخاطر كبرى، حيث لا يزال رابع أكبر اقتصاد في أوروبا عالقاً في مستنقع واضح للعيان. وفي هذا الشأن، قال نيكولا بوري، أستاذ المالية بجامعة لويس في روما: «هناك ركود متسلسل. الاقتصاد لا ينكمش، كما أنه لا ينمو... إيطاليا بلد ضعيف، وقديم الفكر، ولا يستثمر في أفكار جديدة».
ويزعم بعض قادة الأعمال أن التشاؤم السائد لا ينظر إلى القوة الكامنة، وبخاصة في المناطق الصناعية في الشمال. وقال كارلو ميسينا، الرئيس التنفيذي لشركة «إنتيسا سان باولو»، ثاني أكبر بنك للأصول في إيطاليا: «إن الاقتصاد الحقيقي في البلاد قوي للغاية. سنظل دولة مرنة للغاية في جميع السيناريوهات». وأضاف: «صدقني، في إيطاليا، نحن معتادون على وضع سياسي كهذا».
إن الحكومة الحالية، من نواحٍ كثيرة، هي نتاج الفزع العام في إيطاليا من حركة «الخمسة نجوم» التي استفادت من الوعود بما يسمى مدفوعات الدخل الأساسية: المنح النقدية للأشخاص ذوي الدخل المنخفض، ولا سيما في جنوب إيطاليا، حيث باتت البطالة سبباً لكل المشكلات. وقد قدمت «الرابطة الشعبوية» التي أصبحت الآن القوة السياسية المهيمنة، أصواتاً ووعوداً بوقف تدفق المهاجرين وخفض الضرائب.
لكن النتائج أثبتت أنها مخيبة للآمال، وهي وجهة نظر محسوسة بشكل خاص في نابولي، المدينة المجيدة، لكنها باهتة، المطلة على البحر التيراني.
شوارع نابولي التي كانت جميلة يوماً ما باتت تعاني من التدهور. تعج نابولي بالقصور القديمة الملونة، لكن شباب المدينة تخلوا عنها بعد أن انتقلوا شمالاً للبحث عن وظائف. جبل فيزوف - البركان الذي دفن انفجاره أبراج بومبي - الغني بالمناظر الطبيعية، هو للتذكير بأن الضغط الكامن يمكن أن يؤدي إلى الانفجار.
في صباح أحد الأيام الأخيرة، تجمع نحو 30 عاملاً صحياً خارج مبنى حكومي إقليمي. كانوا يرتدون قبعات حمراء مزينة برسائل اتحادهم (سي جي أي إل) الذي يعد الأكبر في إيطاليا، وأطلقوا الصفارات، في حين أطلق أحدهم البوق ويداه إلى السماء، وصاح بغضب على المسؤولين في مكاتب اتحادهم المذكور.
احتج العمال على فقدان 5000 وظيفة في المستشفيات الإقليمية خلال العقد الماضي؛ مما أدى إلى نقص في أعداد الأطباء والممرضات. وقالوا إن الحكومة الجديدة في روما لا تبالي.
وقال رئيس النقابة المحلية، ماركو داكونتو، إن «الجميع يرى أنهم يقاتلون بعضهم بعضاً كل يوم ويقاتلون الاتحاد الأوروبي». لكن ما يهمنا هو ماذا يفعلون للبلد وللمنطقة؟ لا شيء».

- ازمة مزمنة
في حي مونتيسانتو، الذي ينتمي إلى الطبقة العاملة، وهو مثال للشقق الضيقة التي تصطف في شوارع ضيقة ومزدحمة، تجمّع العمال العاطلون في كنيسة مهجورة استولت عليها منظمة مجتمعية مؤقتة، وناقشوا استراتيجيات نظام الفوائد الحكومي المربك.
وعلى الصعيد الوطني، بلغت نسبة البطالة 10 في المائة تقريباً - أي أقل من العام الماضي، لكنها تقارب المستوى نفسه عام 2012 في أعقاب الأزمة الاقتصادية الوحشية، ويقول الكثيرون هنا إن الأزمة لم تنتهِ.
وقالت ميمي إركولانو، وهي ناشطة عمالية: «الخطأ الذي حدث في السابق أصبح خطأ مستداماً».
قبل عشر سنوات، في خضم الأزمة المالية العالمية، فقد أنطونيو باستور الوظيفة التي شغلها منذ عقدين، وهي ترميم تماثيل الرخام. كان يكسب نحو 1200 يورو (1349 دولاراً) شهرياً. عندما توقفت طلبات العمل، دفعه صاحب العمل إلى الموافقة على العمل في طباعة الكتب، على حد قوله؛ حتى تتمكن الشركة من تجنب دفع الضرائب، لكنه رفض، وتعرض للفصل من العمل. كانت هذه هي المرة الأخيرة التي عمل فيها في وظيفة حقيقية.
هل تغير أي شيء منذ تولي الحكومة الشعبوية السلطة؟ أفاد أحدهم قائلاً: «لقد ازداد الوضع سوءاً. لقد أصبح العثور على وظيفة أكثر صعوبة لأن الكثير من الشركات تغلق أبوابها».
خارج نابولي، في مصنع لإنتاج الفواكه، جرى تخفيض أجور 117 عاملاً دائماً و200 مقاول في مارس (آذار). تقدم البعض دون جدوى للوظائف في مصنع سيارات «فيات» قريب، حيث انخفضت القوة العاملة إلى أقل من 5000 مقارنة بنحو 15000 في السبعينات.
معظم العاطلين عن العمل غير مؤهلين للحصول على مدفوعات الدخل الأساسية؛ لأن القواعد لا تقدم منحاً لمن يحصلون على الدعم المالي من الأقارب. ذات مرة وعدت حركة «الخمسة نجوم» باستفادة نحو تسعة ملايين شخص، لكن 674 ألفاً فقط استفادوا بحلول بداية يونيو، وفقاً للمعهد الوطني للرعاية الاجتماعية.

- استقرار غائب
وفي مدينة أفلين، التي تبعد خمسة وثلاثين ميلاً شرق نابولي، أوقف سابينو باسو خططاً لتوظيف 30 شخصاً آخر في مصنعه الذي ينتج زيت الزيتون.
تشتري شركة باسو زيت الزيتون من المنتجين في إيطاليا وإسبانيا واليونان، وتصدر 80 في المائة من منتجاتها إلى بلدان في جميع أنحاء العالم - وبخاصة الولايات المتحدة، حيث تعتبر «ول مارت» عميلاً رئيسياً. كان باسو قد خطط لزيادة التسويق والمبيعات عبر الإنترنت. لكن حركة «الخمسة نجوم» شددت المتطلبات التنظيمية لتوظيف العمال بعقود مؤقته بأن حددتها بعام واحد. كان الهدف من التغيير هو إجبار الشركات على توظيف عمال دائمين.
باسو كان مروعاً؛ إذ أفاد بأن جميع عماله المائة دائمون باستثناء خمسة، لكن الآخرين متدربون، وهو الوضع الذي سمح له بالتوظيف من خلال استخدام عقود مؤقتة.
وقال: «لكي أفهم ما إذا كنت أريد إبقاء الناس في العمل بصفة دائمة، يتعين عليّ اختبارهم أولاً». لكن القواعد الجديدة لا تمنح وقتاً كافياً للاختبار. لذلك؛ توقفت للتو عن التوظيف».
وتراجعت مبيعات باسو في إيطاليا 4 في المائة هذا العام، وهو اتجاه يلقي باللوم فيه على برنامج الواقع الصاخب المتمثل في السياسة الإيطالية. وأضاف باسو: «عندما يقول التلفزيون إن الحكومة تقاتل مع الاتحاد الأوروبي، وسالفيني يقاتل مع دي مايو، فإن ذلك يؤثر على المستهلكين. الشركات تبحث عن الاستقرار».

قد يهمك ايضا:

214 مليار دولار عجز الميزانية الأميركية في أغسطس

"الخزانة" الأميركية تعتزم بيع سندات بقيمة 73 مليار دولار

 

 

 
palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيطاليا بين سندان التغيير الحكومي والأزمات الاقتصادية الراسخة إيطاليا بين سندان التغيير الحكومي والأزمات الاقتصادية الراسخة



هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 10:32 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

ليدي غاغا تتألّق في حفل جوائز الأوسكار 2023

GMT 08:10 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أحمد زاهر يبدي سعادته بدوره في فيلم "هروب اضطراري"

GMT 16:52 2016 الخميس ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو موسى يحل ضيفًا على MBC" مصر" الجمعة

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

المُكرّمون في احتفالية محمد صبحي بمسيرته يردون على الهجوم

GMT 03:47 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحطم طائرة استطلاع فرنسية في النيجر

GMT 19:38 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

تنظيم داعش يهاجم مواقع لجبهة النصرة في مخيم اليرموك
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday