نظم المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" مؤتمرا صحافيًا الخميس، تم خلاله الإعلان عن تقريره السنوي حول الحريات الإعلامية في فلسطين خلال العام 2016.
وتحدث في المؤتمر الذي حضره حشد من الإعلاميين موسى الريماوي مدير عام مركز مدى، ود. عمار الدويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان. وأوضح الريماوي أن العام 2016 شهد انخفاضا نسبيًا ملحوظا في عدد الانتهاكات ضد الحريات الإعلامية في فلسطين مقارنة بالعام 2015 الذي سبقه.
وأشار إلى أن مركز "مدى" رصد ما مجموعه 383 انتهاكا ضد الحريات الإعلامية في فلسطين خلال العام 2016، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 249 اعتداء منها (ما نسبته 65%) في حين ارتكبت جهات فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ما مجموعه 134 انتهاكًا (ما يعادل نحو 35% منها).
وعزا السبب الرئيسي في تراجع عدد الانتهاكات الإسرائيلية إلى أن الأراضي الفلسطينية لم تشهد خلال العام 2016 أي مواجهات جماهيرية واسعة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، أما بخصوص تراجع الانتهاكات الفلسطينية التي انخفضت بنحو 30 % عما كانت عليه في العام 2015 ، فإن السبب في تراجعها يعود أساسًا إلى عدم وقوع أحداث محلية تنطوي تغطيتها على حساسية في كل من الضفة والقطاع، إضافة إلى حالة السكون والهدوء النسبي التي سادت العلاقات الداخلية الفلسطينية وعدم تسجيل أي تداعيات لحالة الانقسام الداخلي.
وقال "تعتبر جريمة قتل طالب الإعلام في جامعة القدس إياد عمر سجدية (22 عاما) برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي وإصابة واعتقال عشرات الصحافيين، ودهم وتخريب ومصادرة محتويات وإغلاق ما مجموعه 12 مؤسسة إعلامية فلسطينية، إضافة إلى إقرار إسرائيل ما يسمى /قانون "فيسبوك"/ وما رافق ذلك من تفاهمات توصلت لها مع شركة "فيسبوك" لإزالة المحتويات التي تعتبرها إسرائيل /تحريضية/ وتنفيذها عمليات ملاحقة واسعة لتكميم الأفواه وقمع حرية التعبير أخطر وأبرز الاعتداءات الإسرائيلية التي سجلت".
وقال "بالمقارنة بعامي 2014 و2015 فإن مجموع الاعتداءات التي سجلت في العام 2016 تراجعت على التوالي بنحو 18% و 36%، لكن وبالعودة إلى الأعوام التي سبقت هذين العامين (الأعوام التي لم تشهد وقوع مواجهات واسعة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي كما العام 2016) فإننا سنجد أن وتيرة الانتهاكات واصلت ارتفاعها دون توقف، وسجلت في العام 2016 ارتفاعا نسبته 67% مقارنة بمجموع الاعتداءات التي طالت الحريات الإعلامية عام 2013، والأمر ذاته ينطبق بدرجات مماثلة تقريبا عند المقارنة مع جميع السنوات الأخرى السابقة".
وأوضح أن الاعتداءات الإسرائيلية جاءت ضمن 18 نوعا لكن القسم الأكبر منها تركز ضمن سبعة أنواع وهي: الاعتداءات الجسدية، وعمليات التوقيف والاعتقال، والمنع من التغطية، وإغلاق المؤسسات الإعلامية والمطابع، ومصادرة المعدات، وإتلاف الأجهزة والمعدات، واحتجاز الصحافيين التي شكلت نحو 84% من مجمل الاعتداءات الإسرائيلية المسجلة.
وأضاف "فلسطينيا لوحظ خلال العام الماضي ازديادا في عدد حالات إساءة معاملة الصحافيين أثناء استجوابهم أو اعتقالهم، الأمر الذي يرقى لممارسة بعض أشكال التعذيب أحيانا، فضلا عن استمرار واتساع عمليات الملاحقة المرتبطة بالنشر على مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي". وأشار إلى أن البيئة القانونية المتصلة بالصحافة والحريات الإعلامية لم تشهد عام 2016 اي تطور ايجابي ملموس، وبقيت الاوضاع تراوح مكانها باستثناء وعد أطلقه رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي حمدالله بالمصادقة على مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات حتى نهاية العام 2016.
وقال "يلاحظ أن الانقسام السياسي الداخلي الذي تعانيه الساحة الفلسطينية منذ عام 2007 ما يزال يعتبر أحد المحركات الرئيسة لوقوع قسم اساسي من مجموع الانتهاكات الفلسطينية للحريات. وأشار إلى أن 86 من الانتهاكات الفلسطينية في الضفة. سجلت في الضفة الغربية وجاءت ضمن 14 نوعا لكن القسم الأكبر منها تركز ضمن ثلاثة أنواع هي على التوالي: عمليات الاستدعاء والتحقيق، التوقيف والاعتقالات، والمنع من التغطية، أما في قطاع غزة فقد جاءت الانتهاكات الفلسطينية وعددها 48 ضمن 9 أنواع، لكنها تركزت ضمن نوعين هما: عمليات الاستدعاء والاستجواب، وعمليات التوقيف والاعتقال، ما يعكس صورة مماثلة للوضع في الضفة الغربية، مؤكدا في نفس الوقت أنه فيما يتعلق بمجمل الانتهاكات فإن ذلك لا يعني أن واقع حرية التعبير في غزة افضل من الضفة، بالإضافة إلى أن عدد الصحافيين والمؤسسات الإعلامية في القطاع هو اقل من الضفة .
من جانبه أكد الدكتور عمار الدويك المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان على أهمية العمل الذي يقوم به مركز "مدى" في رصد الانتهاكات الإعلامية وحرية الرأي والتعبير، مشددًا على أهمية التعاون المشترك بين مختلف الجهات ذات العلاقة في سبيل فضح الانتهاكات الإسرائيلية ومحاسبة مقترفي الانتهاكات والاعتداءات بحق الصحافيين الفلسطينيين، وايجاد بيئة ضامنة لحرية الرأي والتعبير والحريات الإعلامية في فلسطين.
وكشف الدويك عن توجيه الهيئة مخاطبة للنائب العام طالبته فيها بوقف جميع الإجراءات الجزائية بحق الكاتب عباد يحيى مؤلف رواية "جريمة في رام الله"، داعية إلى وضع هذا الملف أمام وزارة الثقافة لحل هذا الموضوع. وأكد أن استدعاء الكاتب للتحقيق وملاحقته جزائيًا وضبط الكتب يمس بشكل مباشر بصورة فلسطين الحضارية ومنجزاتها في حماية حرية الإبداع والمبدعين، سيّما وأن فلسطين قد انضمت إلى الاتفاقيات الدولية التي توجب عليها لزامًا التقيد بحماية الحق في الرأي والتعبير بأشكاله المختلفة.
وأوضح أن الهيئة تعتبر الإجراءات الجزائية بحق كاتب روائي سابقة في فلسطين لم يحدث منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، علاوة على أن الاجراءات الجزائية قد تفتح المجال لشرعنة التحريض والتهجم الشخصي على الكاتب على صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها، الأمر الذي قد يشكل خطرًا على سلامته الشخصية. وبيّن الدويك أن الهيئة قد تلقت شكوى من الكاتب عباد يحيى يفيد فيها بأنه تم تبليغه بوجود مذكرة إحضار للنيابة للتحقيق معه، اضافة إلى صدور قرار من النائب العام بضبط نسخ الرواية كافة لدى المكتبات والمحلات ونقاط بيع الكتب والروايات في جميع محافظات الوطن، وذلك استنادًا للتحقيقات التي تجريها النيابة العامة بخصوص الرواية المذكورة والتي حسب بيان النيابة العامة ورد فيها نصوص ومصطلحات مخلة بالحياء والأخلاق والآداب العامة.
أرسل تعليقك