طوكيو - فلسطين اليوم
تصوروا أنكم على رأس شركة غربية كبيرة في اليابان ارتكبت خطأ أو أثارت فضيحة، فما الحل؟ دعوة وسائل الإعلام وتقديم الاعتذارات مرارا وتكرار قبل الانحناء أمام الكاميرات.
هذا ما حدث اخيرا مع ساره كازانوفا الرئيسة الكندية لفرع "ماكدونالدز" في اليابان التي اضطرت إلى أن تنحني للاعتذار بعد سلسلة من الفضائح التي شوهت سمعة عملاق الوجبات السريعة، مثل العثور على سن بشري في علبة بطاطا.
وبسبب القلق الكبير الذي راود الزبائن، اضطرت كازانوفا للاعتذار والانحناء وسط نظرات ساخرة وفق التقاليد المعمول بها في اليابان.
وتقضي القاعدة الأولى بارتداء ملابس داكنة الألوان واتخاذ ملامح جدية والإفراط في الاعتذار.
أما القاعدة الثانية، فهي تنص على الانحناء مطولا بشكل زاوية قائمة إن أمكن ومع الليونة اللازمة.
وبموجب القاعدة الثالثة، لا بد من التخلي عن فكرة الحصول على علاوات خلال السنة الجارية وتقبل، في بعض الأحيان، أن يخفض الراتب موقتا.
وتنطبق القاعدتان الرابعة والخامسة حسب الظروف وهما تقضيان بتقديم الاستقالة على الفور وتسليم زمام الأمور إلى مدير جديد، فضلا عن التعهد بتغييرات جذرية لتفادي فضائح أخرى.
وشرح جون أوكومورا وهو محلل مستقل "إنه جزء من ظاهرة ثقافية أوسع نطاقا في اليابان حيث يتحمل الرئيس مسؤولية أعمال فريقه ثم تعود الحياة إلى مجراها الطبيعي".
وتتعدد طرق الاعتذار في اليابان ويكمن سر النجاح في اتقان الحركات. وينبغي أن "يجري الانحناء على شكل زاوية قائمة قدر المستطاع"، على حد قول أوكومورا.
ولا يزال البعض يستهزئ بمجموعة مدراء من القطاع الصيدلاني اضطروا إلى الاعتذار عن تسليم منتجات دموية ملوثة ووقعوا على ركبهم من كثرة الانحناء وجرحوا أنوفهم.
والمسألة ليست إقناع الرأي العام بمشاعر الندم الصادقة، بل هي بالأحرى عرض وجوه المدراء المذلولين على الشاشات التلفزيونية.
ولفت ميتسورو فوكودا الأستاذ المحاضر في سبل الإدارة والتواصل في حالات الأزمة في جامعة نيهون في طوكيو إلى أن "الفارق الأكبر مع الغرب هو أن الأفعال (أي الفضائح) هي التي تؤخذ في الحسبان، في حين أن الصحافيين يشددون في اليابان على اعتذارات المدراء".
وأضاف ياسويوكي كوجي المتخصص في وسائل التواصل لدى الشركات أن "اليابانيين يعتبرون أن التدابير لا تتمتع بمصداقية كافية، في حال لم تقدم الاعتذارات علنا".
وبالإضافة إلى الجمل الطنانة الرنانة، مثل التقدم بأسمى عبارات الاعتذار، لا بد من القيام بتضحيات شخصية للتعويض عن الأخطاء.
فمدير شركة "تاكاتا" لتصنيع قطع للسيارات التي تأثرت بفضيحة وسادات أمان هوائية غير شغالة تسببت بحوادث فتاكة اضطر إلى تخفيض راتبه إلى النصف خلال عدة أشهر.
وحتى عند اتقان فن التكفير عن الذنوب، لا ينقذ الإنحناء منتجا سيئا، كما أنه لا يعيد الثقة بالضرورة.
وختم جيف كينغستون الأستاذ المحاضر في الدراسات الآسيوية في جامعة تمبل في طوكيو بالقول إنه "في حال اعتبرت المنتجات مضرة بالصحة في قطاع الأغذية، لن تكون هناك حركات إنحناء جيدة بما فيه الكفاية لتحسين وضع مأكولات غير قابلة للاستهلاك".


أرسل تعليقك