التلفزيون فضاء يشوه براءة الطفولة ويكدر صفو حياتهم
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

التلفزيون فضاء يشوه براءة الطفولة ويكدر صفو حياتهم

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - التلفزيون فضاء يشوه براءة الطفولة ويكدر صفو حياتهم

مشاهدة الأطفال للتلفزيون
البيرة ـ دينا بصير

حياة طفولية بريئة قصرت نتيجة تداخل العديد من التقنيات الحديثة عليها، وبالأخص التلفزيون وما غرسه هذا التلفزيون فيهم، فنرى الطفل اليوم شأنه شأن فرد بالغٍ  يأكل ويلبس كالكبار لا يعيش طفولته، ذلك تبعًا لبرامج التلفزيون خاصة الكبار، ومهما يعرض عليه من برامج طفولية تتلائم مع عمره ينفر منها ولا يجد فيها تلك الجاذبية والتشويق الذي يتلقاه في تلك البرامج الأخرى.

وهنا نؤكد على المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق الأهل أولًا في التنشئة الاجتماعية ومتابعة الطفل في كافة مراحله العمرية، إضافة إلى انتقائهم البرامج التعليمية التثقيفية الهادفة ليضمنوا لأطفالهم حياة سليمة وسلوكيات جيدة تبقى معهم طوال العمر، عدا عن دورهم في مراقبة الطفل أثناء مشاهدته للتلفزيون وعدم السماح له بقضاء ساعات طويلة أمام التلفزيون، ووضع بدائل أمامه كاللهو مع الأصدقاء أو مساعدة الأهل في المنزل .

ويُعد التلفزيون من أهم وسائل الإعلام مشاهدة لدى الأطفال، إذ يقضي  الأطفال جل وقتهم قبل دخول المدرسة أمام شاشات التلفزيون، وذلك لما يجلبه لهم التلفزيون من متعة في المشاهدة عدا عن التشويق والإثارة ومن خلال المؤثرات الصوتية والصور والألوان البراقة الجذابة  التي تشد الأطفال، وبهذا  تمضي ساعة تلو الأخرى دون أن يدرك من الوقت هدر.

وأصبح التلفزيون فرادًا من أفراد الأسرة، يجمعهم سويًا للجلوس أمامه معًا ومتابعة الأفلام أو الأخبار أو غيرها من المسلسلات أو حتى البرامج الكرتونية، لكن دون تفوههم بأية كلمة، فيعم المنزل الهدوء التام.

لكنّ هذا الفرد ليس بهذه البراءة التي نراها، فهو يخفي في طياته تبعات سلبية خطيرة على مختلف النواحي النفسية والصحية وحتى على سلوكياته وقيمه الاجتماعية المكتسبة.

ولأهمية هذا الموضوع الحساس الذي يستهدف شريحة بريئة حساسة فاقدة للإدراك والوعي الكافيان، ومقلدة للنموذج على أنه المثل والقدوة سنركز على سلبياته وإبجابياته على الأطفال، لأنهم بناة المستقبل الواعد فالقيم التي تغرس فيهم منذ الصغر تكبر معهم، فلذلك علينا أن نحرص على تزويدهم بكل ما هو مفيد من السلوكيات والقيم الاجتماعية الوطنية الجمالية الأخلاقية لنضمن مستقبلًا جميلًا سليمًا معافىً.

وهذا بالضرورة يستلزم وقفة جدية لا مزاح فيها لاسيما من قبل الأهل وبالتعاون مع رياض الأطفال أو المدرسة والأصدقاء والمرشد النفسي والاجتماعي.

مع كل يوم نعيشه في ظل الثورة المعلوماتية الكبيرة المعاشة في عصرنا اليوم، ألا وهو عصر العولمة "طفولة تهدد براءتها"، فالتقنيات الحديثة والفضائيات المتنوعة تهل يومًا بعد آخر على عالمنا، إذ أصبحت تشكل عقبة في وجه نمو أطفالنا بشكلٍ آمنٍ صحيٍ وبطريقة سليمة جسديًا وحتى نفسيًا وبعيدة عن الأذى و الضرر.

كل هذه التقنيات الجديدة، من التلفزيون الذي يعد اليوم من أبسط أنواعها تطورًا إلى الكمبيوتر ومرورًا بالإنترنت وكل ما تتيحه هذه التقنية من إمكانية للتحميل أو التنزيل أو التصفح أو مشاهدة الأفلام بأنواعها المختلفة وغيرها من الوسائل وصولًا إلى "الآي باد" و" الآي فون" التي أصبحت بمثابة تحدٍ كبيرٍ أمام جيل هذه العصر، الذين لا يعيشون بمعزلٍ عن تلك التقنيات.

حياتهم اليومية لا تكتمل إلا بالجلوس لساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون أو الكمبيوتر ويفضلون ذلك على قيامهم بواجباتهم المدرسية أو اللهو مع أصدقائهم أو حتى قراءة القصص أو الحديث مع ذويهم، فنراهم يعيشون في عزلة شبه تامة أو في بعض الأحيان تكون عزلة تامة عن الآخر الذي يكون في هذه الحالة الأب أو الأم أو الأخ أو العائلة بشكل عام.

وهذا بالطبع خطرٌ كبيرٌ يهدد حياتهم الطفولية المليئة بالبراءة.

أوضحت مديرة روضة لاتين الطيبة الثانوية، هيلدا خورية (50) عامًا، أنّ التلفزيون سلاحٌ ذوو حدين، فمن خلاله يتعلم الطفل مهارات كثيرة كحفظه لأغاني الأطفال وحديثة باللغة الفصحى و تعلمه للأرقام بسهولة تفوق ما يتم تعلمه من خلال الطرق التقليدية من تكرارٍ لتلك الأرقام أمامه و كتابتها مرات عدة، فالتلفزيون هنا اختصر الوقت لكنه من جهة أخرى يلفت نظر الأطفال لبرامج و مسلسلات ومشاهد لا يجدر بهم مشاهدته، فهذه البرامج تعرفهم على قيم مغايرة لقيم المجتمع ومنافية أحيانًا للأخلاق والمسلسلات التركية خير دليل على ذلك عدا عن بعض البرامج الكرتونية التي ترسخ فيهم العنف و العدوانية و مشاعر الكراهية.

وفي هذا الصدد، سنقف بالضرورة وقفة مطولة عند التبعات السلبية التي يعززها التلفزيون في حياة أطفالنا وسلوكياتهم على مختلف النواحي فيشوه براءتهم الجميلة، وهذا لا ينفي بالطبع وجود إبجابيات عديدة له، لكنّ سلبياته تفوق إيجابياته .

ويعد التلفزيون من أكثر وسائل الإعلام ترسيخًا للعنف و العدوانية لدى الأطفال، من خلال ما يقدمه لهم من رسائل مختلفة يتقبلونها بشكل سلسل أكثر من أي وسيلة أخرى فتزداد العدوانية و العنف لديهم، إذ ترتفع  المشاعر السلبية لديهم من كراهية و حقد وعناد و عصبية مفرطة و هذا سينعكس على شخصيتهم المستقبلية و سيجلب لهم المتاعب.

وحول هذه السلبية؛ أكدت دكتورة الإعلام في جامعة بيرزيت وداد البرغوثي، أهمية التلفزيون لكونه أكثر الوسائل الاعلامية مشاهدة إذ يتعرض له الطفل منذ سنواته الأولى، فنظرًا لانتشار برامج العنف التي تقدمها الكثير من الفضائيات، فتكون هي الأكثر تأثيرًا لأنها دائمًا تقدم النموذج للطفل ومنذ مراحله العمرية الأولى يكون محبًا للتقليد بينما في السابق كان الأطفال يلجأوون إلى تقليد آبائهم ومدرسيهم لأنهم يرون فيهم النموذج القوي والمؤثر، وبالتالي ضعف دور النموذج التقليدي وحلّ مكانه نموذج حديث أو ما يسمى" نموذج البطل" الذي يقدمه التلفزيون.

وأضافت البرغوثي، أنّ لكل وسيلة إعلامية إيجابياتها وسلبياتها، وما يحدد ذلك هو طبيعة ما تقدمه هذه الوسيلة من جهة وطبيعة البيئة التي يعيش بها المتلقي من جهة أخرى، فإذا كانت وسيلة الإعلام تقدم البرامج السلبية والعنيفة للطفل وتزامن ذلك مع وجود بيئة إيجابية للطفل، فبإمكان هذه البيئة أن تشكل حاضنة وإطارًا للتوعية، بحيث يمكن الحد من التأثير ومحاولة توجيه الطفل لبرامج بديلة أو تحصينه لمواجهتها و العكس صحيح.

أما على الصعيد النفسي، فالتلفزيون يحمل أضرارًا نفسية جسيمة تراكمها مع الوقت يؤثر بطريقة مغايرة على حياة الأطفال.

وتتمثل هذه الأضرار في زيادة نسبة القلق والتوتر لاسيما أثناء ساعات النوم، وذلك لمتابعتهم أفلام الرعب أو الجريمة والقتل أو غيرها من السلوكيات العنيفة التي تعرض على شاشات التلفزيون، أو ربما تزداد نسبة الاكتئاب لديهم مقارنة بأولئك غير المتابعين لمثل هذه الساعات الطويلة أو لنوعية مغايرة من البرامج ذات الطابع الترفيهي أو التعليمي الثقافي نرى نسبة القلق والتوتر أقل بكثير وتجمّل وجوههم الابتسامة وغالبًا لا يصابون بالاكتئاب .

وفي هذا السياق، أكدت مساعدة التدريس في دائرة علم النفس في جامعة بيرزيت، فردوس سلامة، أنَّ أفلام الكرتون تؤثر على عادات وتقاليد الطفل بشكل ملحوظ لاسيما فما يخص المأكل والمشرب والملبس أو بتربية حيوان أليفٍ داخل المنزل.

وشددت على أن التأثير لا يشمل فقط العادات والتقليد وحسب، إنما يتعدى ذلك ليشمل تعزيز العنف سواء أكان جسديًا أو جنسيًا، مشيرةً إلى أنَّ "توم وجيري" أكثر برامج الكرتون متابعة لدى الأطفال ويستخدم وسائل وأدوات العنف بشكل كبير ما يؤدي إلى استخدام الطفل لهذه الأدوات داخل المنزل على أصدقائهم أو ذويهم.

واعتبرت سلامة بأنه لا يوجد عمر محدد للتأثر في أفلام الكرتون بخاصة و برامج التلفزيون بعامة، فالتأثير لا يقتصر على الأطفال فقط و إنما يتعداه ليشمل فئة الشباب، لكن الوقع الأكبر يكون على الأطفال.

يذكر أنّ العديد من دراسات علم الاجتماع وعلم النفس أوضحت تأثير التلفزيون بما يعرضه من برامج على أفكار وسلوكيات و قيم الأطفال لاسيما من خلال مظاهر العنف و الخيال و السحر و غيرها من المظاهر، عدا عن تعرضهم للأفلام و البرامج المنتجة من قبل مجتمعات و ثقافات مغايرة لثقافة المجتمع المحلي.

ويؤثر ذلك سلبًا على أخلاقياتهم و قيمهم وتضع الأطفال في حالة تشويش يصبح مستقبلًا بامتياز وبشكل سلس للغاية لكل ما يعرض أمامه على أنه الأفضل والصحيح المطلق.

ومن جانب آخر، هناك بعض الإيجابيات التي يتركها التلفزيون في نفوس الأطفال ومنها، إتقانهم للغة الفصحى أو تعليمهم على معرفة الألوان المختلفة أو الأعداد أو الحروف أو حتى اللغة الإنجليزية.

وأضافت المرشدة الاجتماعية والنفسية، سهير حرب أنَّ "هناك بعض البرامج والمسلسلات التي تستهدف فئة الأطفال وتعود بالنفع عليهم، لاسيما تلك التي تستخدم اللغة الفصحى أو تقوم بتعليم الأطفال الألوان والأحرف وتعزز فيهم العديد من القيم الإيجابية كالصداقة والحب والتعاون والتسامح و غيرها من القيم".

ونصحت بضرورة إنتاج الأفلام الكرتونية من قبل وسائل الإعلام المحلية  تحاكي من خلالها الواقع الفلسطيني المعاش من مستوطنات و حواجز وغيرها الكثير، بدلًا من تلك التي يتعرض لها أطفالنا من الغرب وتصور الحياة بشكل مرفه جميل لا تعاسة فيه و كل ما يتمناه المرء يدركه، وفي المقابل تجلب لهم قيمًا وثقافات على نقيد من قيم المجتمع الفلسطيني.

palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التلفزيون فضاء يشوه براءة الطفولة ويكدر صفو حياتهم التلفزيون فضاء يشوه براءة الطفولة ويكدر صفو حياتهم



 فلسطين اليوم -

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 19:58 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

4 انتصارات في ختام دوري الدرجة الأولى

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

منتزهات" الطائف" للتمتع بالطبيعة الخلابة والمساحات الخضراء

GMT 10:59 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

قائمة المرشحين لحصد جوائز "أوسكار" 2019 تخرج إلى النور

GMT 07:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة مؤثرة من الأميرة هيا بنت الحسين إلى شقيقها الأميرعلي

GMT 00:52 2014 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

اليابان تكشف النقاب عن الروبوت الأسرع في العالم
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday