الرواية الفلسطينية
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

الرواية الفلسطينية

 فلسطين اليوم -

الرواية الفلسطينية

اطف ابو سيف
بقلم : عاطف أبو سيف

يثير النقاش حول المسلسلات التي تعرض على شاشة «إم بي سي» الكثير من النقاش حول محتوى هذه المسلسلات والمغالطات التاريخية وتزوير الحقائق وتشويهها التي ترد فيها وما تقدمه في تفاصيلها وفي مجملها من خدمة للمشروع الاستعماري في فلسطين وتبرير لجرائمه بحق شعب فلسطين، وهو نقاش يشير إلى جملة من الملاحظات تتعلق بجوهر الصراع وضرورة حمايته حتى لا يغيب عن الطاولة، وحتى لا يصير التطبيع مع دولة الاحتلال مقصداً محموداً وهدفاً يُسعى إليه.

وربما أن تهافت البعض للتطبيع وسعيه وراء التهليل والتصفيق وربما نيل الجوائز خاصة العالمية جراء تقديم وجهة نظر لا يمكن توصيفها إلا بأنها طعنة لدماء الشهداء ولتضحيات الجيوش والمواطنين العرب في سبيل قضيتهم الأولى، كل ذلك يجب أن يكون تحذيراً لنا بإعادة ترتيب الجبهة الثقافية العربية وتمتينها بما يكفل حماية الرواية القومية العربية التي في قلبها الرواية الفلسطينية عن الوجود على هذه الأرض، الوجود الذي سبق بآلاف السنين كل المشاريع التصفوية التي أرادت سرقة البلاد وتهويدها.

كل هذا من أجل أن يكون ما حدث هفوة وسابقة وليس مقدمة للمزيد من الانزلاقات والتراجع في مناعة الثقافة العربية، ولا يصل بنا الأمر إلى مديح شاعر في المستقبل يتغنى بقتل أطفالنا مثلاً تحت بند الحريات الثقافية. الخطر يجب أن يظل حاضراً حتى ننجح في كبح جماح المزيد من هذه الأعمال التي لا تسيء لفلسطين بل للامة برمتها.

أولاً: يجب إعادة الاعتبار لحضور الرواية الفلسطينية في الدراما العربية. وهذا ليس مهماً بحد ذاته فقط بل بما يمثله من التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للمواطنين العرب. والرواية الفلسطينية ليست مجرد تفاصيل الصراع بل المواقف حول الصراع. فالشعب العربي في فلسطين تم تهجيره وتقتيله وسرقة بلاده وتحويله إلى لاجئين ما زالوا يحلمون بعودتهم إلى بلادهم. لا أحد يطلب أن تتحول الدراما إلى دعاية وشعارات ولكن على الأقل أن تكون وفية لحكاية الشعب العربي الذي تخاطبه عن نفسه وعن الصراع الأساسي الذي يستهدف وجوده واستقرار بلدانه.
للنظر مثلاً كيف تحضر الرواية حول المحرقة في انتاجات هوليود تقريباً كل عام، حتى يصعب تخيل موسم سينمائي وفي الكثير من المرات منافسات الأوسكار وبقية المسابقات الأخرى دون وجود فيلم أو مسلسل يتعرض لحياة اليهود في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية.
ويتم التذكير دائماً، كما يمكن للمتابع حتى في أوساطنا العربية أن يستخلص، بأن ثمة دينا لليهود في رقاب أوروبا يجب عليها أن تكفر عنه.
وربما أن المقصد الأساسي لهذه الرواية دائماً، مع تسليط الضوء على السياقات الإنسانية والمشاعر دون خطابة وبلاغة، التذكير بضرورة التعاطف مع القضية.
والتعاطف مع عذابات اليهود وغير اليهود ضحايا نظام هتلر النازي، لا يعنى التعاطف مع جرائم العصابات الصهيونية في فلسطين ولا الجرائم التي تتم فيها منذ نكبة فلسطين.

ثمة حاجة لاعادة هذا الاعتبار من خلال تكثيف هذا الحضور وتأكيد المقولات الأساسية. مرة أخرى القصة ليست قصة مسلسل أو دراما بحتة بل هي قصة حقوق وحكايات عن آلام وعذابات كما هي تمرير لمشاريع وروايات مضادة تصيب بالوهن ليس الحالة الفلسطينية بل الحالة العربية. وهذا يجب أن يصار إلى تعميمه دولياً، بمعنى أن الرواية الفلسطينية والرواية العربية عن الصراع غائبة بشكل كامل عن الفن العالمي بل هناك هيمنة للرواية المضادة. وبقدر ما نحن بحاجة لجهود رسمية في ذلك فإن ثمة حاجة لجهود مختلفة خاصة من رأس المال العربي والشركات العربية التي يجب أن يكون تطلعها دوليا. والأمر في هذه الحالة يجب أن لا يقتصر على الدراما فثمة غياب للثقافة العربية دولياً. صحيح أن هناك ترجمات لروايات عربية وللشعر العربي ولكن حقيقة فإن المكانة الحقيقية لجودة الشعر العربي والرواية العربية لا تأخذ حقها في العالم. فالإبداع العربي المتعدد والموهوب لم يصل إلا لجائزة نوبل واحدة. صحيح أن ثمة تسيسا عاليا في منح الجوائز العالمية ولكن يجب أن يتم العمل عربياً على ترجمة وتعميم النتاجات الأدبية العربية بما يكفل فرضها على الذائقة العالمية.
فلسطينياً فإن ما حدث يجب أن يدفعنا للمزيد من العمل من أجل تصليب الجبهة الثقافية العربية على صعيد الاتحادات والهيئات الرسمية من اجل، مرة أخرى، أن يظل ما حدث خطأ يجب الاعتذار والتراجع عنه وليس سابقة ستجد لها توابع جديدة في المستقبل. إن أساس الصراع هو جوهر الحكاية الفلسطينية التي تتمثل بتهجير شعبنا بالقتل والمذابح من أرضه وأن هذا الظلم التاريخي لا يمكن تصويبه إلا بإعادة الحكاية إلى أصلها. إن الكتاب من روائيين وشعراء وفنانين بكافة اجناس نتاجاتهم هم حراس هذه الحكاية، وكم مؤلم حين لا يتراجع الفنان عن دوره ويقبل أن يعيد كالببغاء روايات الخصوم وأكاذيبهم. وهو ما يحدث في تلك المسلسلات.
إن تبني رواية العدو خطر والأخطر أن يتحول الفن العربي إلى مروج لهذه الرواية. الرواية التي تبيح لهم قتلنا وتقول إن ما فعلوه كان صحيحاً وأن شهداءنا كانوا مخطئين حين قاتلوا من أجل حماية الأطفال وكبار السن ومن أجل صون الوجود العربي، لأنه حين تضيع القدس تضيع حلب كما قال المطران كبوتشي في المسلسل الجميل «حارس القدس»، ووقتها لن يفيد شيء. إن أخطر ما في الأمر بعد كل ذلك أن يصبح الغضب والنقد لما يجري وكأنه جزء من نقاش طبيعي، وهو ليس كذلك بل هو تصويب لجريمة ثقافية تم اقترافها.
وفلسطينياً، ثمة الكثير الذي يجب فعله من أجل كل ما سبق.

قد يهمك أيضا :   

ابوسيف يقول ان العالم يُحارب فيروس واحد ونحن نُحارب فيروسين

عن السياسة مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرواية الفلسطينية الرواية الفلسطينية



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday