أثر الإغلاقات على «كورونا»  والحاجة إلى تقييم موضوعي
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

أثر الإغلاقات على «كورونا» ... والحاجة إلى تقييم موضوعي!

 فلسطين اليوم -

أثر الإغلاقات على «كورونا»  والحاجة إلى تقييم موضوعي

عقل أبو قرع
بقلم : عقل أبو قرع

مع بدء الإغلاق الشامل في بلادنا هذه الأيام وتوقف الحركة والأعمال لمدة يومين، ومع بقاء الإغلاق بين المحافظات، ومع انتهاء فترة سابقة من إغلاق مدن لفترات متفاوتة، يتساءل ويتجادل الناس حول جدوى ذلك، ورغم الارتفاع المذهل والخطير في عدد الوفيات والإصابات وامتدادها الى مناطق كثيرة في المدن والقرى والمخيمات وفي معظم المناطق في بلادنا، من الواضح أن مستوى الالتزام بالإغلاقات وبأنواعها ضعيف، حيث لاحظنا ذلك خلال الأيام الماضية، سواء على صعيد الحركة أو فتح المحلات، أو حتى على صعيد إقامة المناسبات من أعراس وحفلات ومجالس عزاء، وما يرافق ذلك من تجمعات بأعداد كبيرة أو صغيرة، وفي نفس الوقت نلحظ ضعف الالتزام بإجراءات الوقاية البسيطة، وهي بمقدور الجميع والتي من أبرزها ارتداء الكمامة فقط، حيث تشير دراسات عالمية إلى أن ارتداء الكمامة أظهر فعالية كبيرة في الحد من انتشار الفيروس.

وما يتم استنتاجه من عدم الالتزام، أن الناس إما هم غير مقتنعين بجدوى الإغلاق وإجراءات الوقاية، إما أنهم غير مبالين، أو الاثنين معاً، وهذا يستدعي البحث عن أسباب ذلك، حيث وفي ظل غياب متعمد لإجراءات صارمة من أجل تطبيق الاغلاق، وبالأخص من الناحية الأمنية أو القانونية، فإن عدم اقتناع الناس هو مؤشر على عدم وصول الرسالة أو الهدف الذي تهدف اليه الحكومة من خلال الإغلاقات الى الناس، أو الى قطاع عريض منهم، وما لذلك من نتائج عكسية، سواء على صعيد عدم التحكم في الخارطة الوبائية للفيروس، وبالتالي العزل والتتبع والتحكم في الحالات، وهذا ما نشهده هذه الأيام بوضوح، من الانتشار العمودي والأفقي للحالات، أو على صعيد بناء وتواصل الثقة والعلاقات بين الحكومة والناس، وبالأخص في التعامل مع هذه الأزمة أو أزمات مستقبلية صحية، أو أزمات من أنواع أخرى، ولهذه الأسباب، فإن موضوع الإغلاقات، أو مدى تأثير الإغلاقات على فيروس كورونا، يتطلب إجراء عملية تقييم موضوعي علمي محايد، أسوة بما يتم من عمليات تقييم لمشاريع أو لخطط استراتيجية أو أي أعمال يتم تنفيذها خلال فترة زمنية محددة.

والهدف من هذا التقييم، أسوة بأي تقييم هو توفير المعطيات العلمية الموضوعية من أجل المساعدة على اتخاذ قرارات مستقبلية، وكذلك عرض النتائج مع اقتراحات لأعمال بديلة أو إضافية مرادفة لفكرة الإغلاقات، وكذلك استمزاج آراء الناس حول سبب عدم الاقتناع أو الالتزام بالإغلاقات وما هي الحلول الأخرى التي يرتؤونها، وبالتالي توفير أجواء موضوعية للحكومة تساعدها على اتخاذ قرارات أو إعادة توجيه المصادر الى أولويات أخرى يراها أغلبية الناس.

ورغم أنه يستشف من دراسات وأبحاث عالمية أولية، أن نتائج أو آثار الإغلاقات في الحد من انتشار الفيروس أقل ما يمكن وصفها بالضعيفة والهشة والحذرة، وأن الإغلاقات بدون إجراءات وقائية متواصلة مشددة، لن تحقق النتائج المطلوبة، خاصة اذا كان الفيروس موجوداً أو منتشراً في منطقة أو في بلد ما، وأن الإجراءات الوقائية بحد ذاتها، مع التدخل السريع في العزل والتتبع والتحكم وإجراء المزيد من الفحوصات في المنطقة المصابة، وبالتالي التعرف على المصابين الذين لا تظهر عليهم الأعراض، ربما يكون الخيار الأكثر قبولاً أو الخيار المستدام في الحفاظ على الوضع الصحي والجانب المعيشي الحياتي الاقتصادي للناس والبلد، ولكن عملية تقييم موضوعي من جانب الحكومة ومن خلال جهات موضوعية، سوف تضع الصورة بشكل واضح وقاطع من أجل تحديد التدخلات ونوعيتها.

حيث إن التقييم وفي زمن تكثر فيه الدعوة والمناداة بالشفافية والنزاهة واستخلاص العبر، سواء فيما يتعلق بنتائج أعمال أو خطط، أو فيما يتعلق ببنود ميزانية وطريق صرفها، أو فيما يتعلق بتنفيذ مشاريع وكيفية إنفاق اموال عليها، أو فيما يتعلق بجودة وكفاءة منتج أو سلعة أو خدمات، أو فيما يتعلق بالعمل والإنجاز والكفاءة والفعالية وما الى ذلك، وبالأخص حين تكون هناك أراء أو وجهات نظر مختلفة لأثر أو لطبيعة العمل، وفي هذه الحالة موضوع الإغلاقات وأثرها على الحد من انتشار «كورونا»، فإن هناك حاجة لإجراء تقييم موضوعي يركز على عدة أمور .

من هذه الأمور تحديد اذا ما كان هناك أثر او آثار للإغلاقات على «كورونا»، وبالأخص في المدى القريب و المتوسط والبعيد، وفي العادة يتم التقييم من خلال الاطلاع على النتائج أو المعطيات قبل وبعد الإغلاقات، وكذلك من خلال مقابلات مع أفراد او جماعات او من خلال استمارات او زيارات للموقع أو مواقع الحالات، وبالطبع من خلال مراجعة التقارير الدورية والبيانات والمعلومات التي تراكمت عند الجهات الرسمية وغير الرسمية خلال الإغلاقات.

حيث في العادة، من المفترض أن يتم التركيز من خلال التقييم على عناصر أساسية من أجل الإعلان عن نجاح او عن درجة نجاح الإغلاقات، مثل موضوع الاستدامة، اي هل سيتواصل أثر الإغلاق بدون الحاجة الى تدخل او دعم خارجي إضافي متواصل أم سوف ينتهي مع انتهاء الإغلاقات، والاستدامة تعني ان العمل يستطيع ان يتواصل بالاعتماد على النتائج التي تم تحقيقها، ويتواصل تأثيره بدون فترة زمنية محددة.

وبالإضافة الى ذلك، فإن من مؤشرات تقييم نجاح تأثير الإغلاقات، هو مدى الفعالية في تحقيق الأهداف التي كانت متوخاة منها، اي إذا ما تم تحقيق الأهداف المعلن عنها في بداية الإغلاق، وهذا يعني ومهما كان ما يتم إنجازه، هل كان ذلك يستحق التكاليف والتضحيات وبالأخص الامور الاقتصادية؟ وهنا يأتي دور التقييم في تبيان مدى الفعالية في تحقيق الانجازات وبالجودة والنوعية المطلوبتين، ولكن بأقل التكاليف، وبالتالي المساءلة والتعلم مما تم تقييمه.

ومع بدء الإغلاق الشامل لمدة يومين في بلادنا ومع التسليم أن الاغلاق وبالتالي الحد من الحركة والاختلاط، وبالأخص في مناطق الإصابات سوف يسهل عمل الاجهزة الصحية في التعامل وحصر حالات الاصابة، إلا أنه من الواضح أنه ليس بالحل المستدام طويل الامد للتعامل مع فيروس كورونا، حيث انه في نفس الوقت له آثار سلبية قد تكون عميقة على الاقتصاد والعمل والبطالة، وبالتالي تصرفات اجتماعية وثقافية وتربوية اعتاد الناس عليها، وهذا ربما يفسر ورغم بلوغ الإصابات في الولايات المتحدة مثلا، مستوى 75 ألف إصابة في اليوم، وبلوغها أرقاماً قياسية في ولايات كبرى مثل تكساس وفلوريدا واريزونا وكاليفورنيا، الا أن هذه الولايات لم تلجأ الى الإغلاقات الجزئية أو الشاملة، وما زالت تتبع إجراءات أخرى للحد من انتشار الفيروس وتداعياته.

ومع ضرورة إجراء عملية التقييم الموضوعي المحايد لأثر الإغلاقات على «كورونا» وعلى نواح حياتية أخرى في بلادنا، ومن أجل عدم فشل الإغلاقات أو قرارات مستقبلية، فإن على المواطن أن يلعب دوراً هاماً، لأنه هو من يتحكم ومن خلال البؤرة أو الدائرة الضيقة، في إمكانية انتشار الفيروس، سواء من حيث المبادرة الى إجراء الفحص اذا كانت هناك أعراض بسيطة أو شديدة، وبالتالي الانتهاء من دوامة «الوصمة» أو الخجل والعيب، وبالتالي وبغض النظر عن نتائج التقييم، فتكثيف حملات التوعية والوصول الى الناس من خلال المعلومة الواضحة والتوجيه الصحيح وبدون ترهيب أو تخبط هو مهم، لأن اقتناع المواطن بالعمل أو بتطبيقه هو القاعدة الأساسية، لنجاح تعامل الحكومة مع أزمة الفيروس الحالية أو مع أزمات مستقبلية أخرى.

قد يهمك أيضا :   

«كورونا» والإغلاقات.... من ينتصر أولاً؟؟

فيروس كورونا ... والغموض المتواصل!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أثر الإغلاقات على «كورونا»  والحاجة إلى تقييم موضوعي أثر الإغلاقات على «كورونا»  والحاجة إلى تقييم موضوعي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:15 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

"موديز"تؤكّد أن دول الخليج ستحتاج عامين لتعافي اقتصادها

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

"الفار المكار"

GMT 18:04 2016 السبت ,03 كانون الأول / ديسمبر

سيمون تتحدث عن فيلم "يوم حلو ويوم مر" فى "بالعربى"

GMT 01:29 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

حركة طالبان "تتمسك بسلاحها" في شهر رمضان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday