«الآن هنا، أو شرق المتوسط مرة أخرى»
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

«الآن هنا، أو شرق المتوسط مرة أخرى»

 فلسطين اليوم -

«الآن هنا، أو شرق المتوسط مرة أخرى»

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

لست في هذه المقالة، بصدد تناول رائعة الأديب والروائي الكبير عبد الرحمن منيف التي تحمل العنوان ذاته... الآن وهنا، بات شرق المتوسط بؤرة نزاع إقليمي ـ دولي، زادتها احتداما الاتفاقات الأخيرة المبرمة بين أنقرة وطرابلس الغرب، إن لجهة ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية البحرية في طول المتوسط وعرضه، أو لجهة اتفاقات الأمن والدفاع «المشترك»، التي تتيح لتركيا إرسال قوات إلى ليبيا، استجابة لطلب دولة حليفة ـ متعاقدة.رائحة النفط والغاز، تجتذب اللاعبين من مختلف الأحجام إلى مياه المتوسط وشواطئه... والتنافس على خطوط نقل الغاز إلى مدنه وعبر موانئه، كان من

بين الأسباب التي أدت اشتعال الأزمة السورية، واستطالة الأزمة الليبية، وتفاقم الصراع التركي ـ المصري، وتنامي احتمالات اندلاع صراع لبناني ـ إسرائيلي حول حقوق التنقيب في المربعات المرسومة بعناية فائقة.رائحة النفط والغاز، والتنازع على طرق الأنابيب ومنصات التوزيع، كانت سببا ومحركا لنشوء أحلاف ثنائية (ليبيا وتركيا) وثلاثية (قبرص، اليونان وإسرائيل)، وتشكيل محاور وائتلافات تحت مسميات مختلفة.«لعبة الأمم» في شرق المتوسط لم تنته فصولها بعد، وشرق المتوسط مرشح لأن يكون ساحة لمواجهات سياسية ودبلوماسية ساخنة، دون أي ضمانات بعدم انفجارها وتحولها إلى الميدان العسكري، فيما ينظر لليبيا بوصفها ساحة ملائمة لتصعيد «حروب الوكالة».

ثقل التاريخ والجغرافيا
يجمع مراقبون كثر، أن «الشهية التوسعية العثمانية» لتركيا، باتت مفتوحة على أوسع نطاق... الأحلام العثمانية، تدفع بحزب العدالة والتنمية إلى تجريب استعادة نفوذ الإمبراطورية حيثما كان الأمر متاحا.بدأت القصة في العراق وسورية، والمؤكد أنها لن تنتهي في ليبيا. بعض الساسة والمحللين الأتراك، المحكومين بعقد التاريخ وهواجسه، لم يخفوا فرحتهم بالاتفاقات الدفاعية والاقتصادية بين بلدهم وليبيا، بوصفها تصفية لذيول «معاهدة سيفر ـ 1920»، وعملية «تسوية حساب» مع «ظلم التاريخ».لكن في المقابل، يخطئ من يظن أن تركيا وحدها، تتحمل وزر ارتفاع الحدة في ليبيا وشرق

المتوسط. فثمة لاعبون إقليميون ودوليون، أظهروا قدرا هائلا من الرغبة في تجاهل تركيا و»قصقصة أجنحة»، بل إنهم تنكروا تماما لما يمكن اعتباره مصالح مشروعة لأنقرة يتعين أخذها بنظر الاعتبار. فسياسة العزل والإقصاء، لا بد تولّد ردود أفعال غير محسوبة، لا سيما حين يكون الطرف المستهدف بها، دولة بحجم تركيا ومكانتها في المنطقة، دولة أعطتها الجغرافيا والتاريخ، ما لم تعط دولة أخرى من الحوافز الدافعة للتطلع خارج الحدود.لقد كان واضحا على سبيل المثال، أن مبادرة «منتدى غاز شرق المتوسط» التي انطلقت من القاهرة مطلع العام الفائت، واتخذت منها مقرا لها،

استثنت تركيا من عضويتها علما بأنها دولة متوسطية، ومستهلك رئيس للغاز ومنصة لتصدير الغاز الروسي إلى أوروبا، في حين منحت المبادرة الأردن، عضوية تأسيسية فيها، علماً بأن الأردن دولة غير متوسطية، وغير منتجة للغاز.كما أن المبادرة استثنت كلاً من لبنان وسورية من عضويتها، مع أن الدولتين متوسطيتان وتشير المعلومات إلى توفرهما على دفائن هائلة من الغاز في مياه البحر، وآثرت ضم إسرائيل إليها، الأمر الذي يشفُّ عن رغبة في تشكيل تحالف دولي، يجمع خصوم أنقرة في الإقليم، وبشكل خاص مصر وإسرائيل واليونان وقبرص، في بوتقة واحدة.

قبل مبادرة «منتدى شرق المتوسط»، كان البحر الأحمر يشهد على ولادة مبادرة ليس الغاز من عنوانيها، بل طرق إمداد الطاقة وحرية الملاحة في هذا الممر الحيوي المتمم للملاحة في المتوسط... المبادرة صدرت عن جدة في السعودية، وكان واضحا أن أحد أهم أهدافها هو محاصرة الوجود التركي في هذا الإقليم، بعد أن بدأ يتظّهر في الصومال وجزيرة «سواكن» السودانية.
تركيا الساهرة على ترجمة أحلامها العثمانية، تابعت بقلق وتوتر بالغين، تحركات معسكر خصومها، الرامية على عزلها وإقصائها، إلى أن وجدت ضالتها في الأزمة الليبية، حيث قررت أن ترد

الصاع صاعين، وأن تدفع بالصراع في هذه الدولة، إلى حافة الهاوية، متوخية بذلك، ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: فهي من جهة أولى، تتوخى أن تلعب دور «اللاعب الرئيس» في الأزمة الليبية، في مواجهة مباشرة مع مصر والحلف العربي الداعم للجنرال خليفة حفتر، وبما يضمن لها حفظ مصالحها الممتدة في هذه الدولة، والسابقة لسقوط نظام العقيد معمر القذافي، فضلا عن رغبة أنقرة في الحصول على «حصة وازنة» من السوق الليبية وعمليات إعادة إعمار ليبيا ونصيب ملائم من ثرواتها الهائلة وتحديدا في مجالي الغاز والنفط.وهي من جهة ثانية، تسعى لاحتلال موقع استراتيجي

متميز في الصراع المحتدم على ثروات شرق المتوسط... فإلى جانب وجودها العسكري الكثيف في شمال قبرص، تخطط أنقرة للاحتفاظ بوجود دائم في ليبيا، وتسعى لجذب «تعاطف» عدد من دول شمال أفريقيا وتحديدا تونس التي زارها الرئيس أردوغان على نحو مفاجئ عشية إقرار البرلمان التركي تفويضا بنشر وحدات من الجيش التركي على الأرض وفي المياه والأجواء الليبية، فضلا عن محاولة أنقرة التقرب من الجزائر، التي لا تُخفي تعاطفها مع حكومة طرابلس الغرب في مواجهة ما تسميه «عدوان» الجنرال حفتر عليها.وهي، من جهة ثالثة، تسعى من خلال امتلاكها أوراقا في

ليبيا، للحصول على موقع متميز لها، في مواجهة النفوذ التقليدي لدول أوروبية في ليبيا، وتحديدا إيطاليا وفرنسا. فالعلاقة التركية ـ الأوروبية، تشهد منذ سنوات حالات مد وجزر، ومن يمسك بالورقة الليبية، أو بجزء رئيس منها، ستكون له ميزة نسبية تجاه أوروبا، لا سيما بعد أن تحولت ليبيا إلى مصدر لعدة أخطار وتهديدات، تجابه القارة العجوز، لعل من أهمها تحدي الهجرة غير الشرعية وتهديد الإرهاب.ويمكن القول من دون تردد، إن ليبيا تتحول شيئا فشيئا إلى واحدة من الأولويات الاستراتيجية في السياسة الإقليمية لأنقرة، لا سيما بعد فشل «مغامراتها» في سورية، وتأزم علاقتها مع دول

عربية وازنة، وفتور علاقاتها بإسرائيل والغرب عموما، وتعرض علاقاتها مع موسكو لحالات شد وجذب متعاقبة.ولعل الأمر اللافت للمراقبين، أن تركيا وفي مسعى لتعزيز حضورها في ليبيا، لم تتردد في سحب مئات المقاتلين السوريين الموالين لها والمحسوبين عليها، عن خطوط التماس مع الجيش السوري في محافظة إدلب وشرق الفرات، والزج بهم على خطوط التماس مع قوات حفتر على تخوم طرابلس الغرب.أيا كان من أمر، فإن تركيا بـ»مغامرتها الليبية»، تقامر بتصعيد الصراع المحتدم الدائر في ليبيا، وتحيل منطقة شرق المتوسط برمتها، إلى بؤرة دولية متفجرة... واضعة

الأطراف الفاعلة والمجتمع الدولي أمام واحدٍ من خيارين اثنين: إما «مقايضة كبرى» تكفل لتركيا مصالحها «خارج الحدود» وتطلعاتها كدولة إقليمية كبرى، وإما مواجهة خطر الانزلاق من حافة الهاوية إلى قعرها، والانتقال من «حروب الوكالة» التي خبرتها تركيا في سورية والعراق، إلى «حروب الأصالة»، حيث ترابط على الأرض وفي الأجواء والمياه الليبية، جيوش عدة دول إقليمية وعربية.

قد يهمك أيضا : 

 أبعد من مجرد تهديدات و«تسريبات»

«هل للمسيحيين مستقبل في الشرق الأوسط؟»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الآن هنا، أو شرق المتوسط مرة أخرى» «الآن هنا، أو شرق المتوسط مرة أخرى»



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday