التأقلم مع الحجر المنزلي
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

التأقلم مع الحجر المنزلي

 فلسطين اليوم -

التأقلم مع الحجر المنزلي

عبد الغني سلامة
بقلم : عبد الغني سلامة

مع استمرارية حالة الحجر المنزلي المفروضة على أغلب دول العالم، ومع طول فترتها، واحتمالية تمديدها لأمد غير معلوم، بدأ الأهالي يعربون عن مخاوفهم، وشعورهم بالسأم، وأخذت تظهر شواهد سلبية وخطيرة، على نفسياتهم، وسلوكهم الاجتماعي. الزميلة د. نبال خليل، كتبت عن هذا الموضوع، ونبهت كأخصائية اجتماعية إلى مخاطر كثيرة محتملة، قد تغير شكل الحياة، وأنماط المعيشة، وقد تطال قيما وعادات ومفاهيم اجتماعية.

على الصعيد النفسي، بسبب الوحدة والعزلة الذاتية ستنتشر بين الناس حالات قلق، واكتئاب، وخوف من الحجر نفسه، أو من الإصابة بالمرض، وحتى خوف من المستقبل. وهذا قد يؤدي لاحقا إلى اضطرابات نفسية، وشعور بالضيق، ستنعكس سلبيا على الآخرين، وستفاقم من العنف الأسري، وتزيد من حالات الطلاق، وقد تنجم عنها حالات اكتئاب حادة، أو حتى انتحار.

لذا توصي الأخصائية الاجتماعية بضرورة التنفيس عن مشاعر الغضب، والعصبية، والاحتقان، لأن المشاعر مرتبطة مع الحالة النفسية، ومحاولة توجيه المشاعر السلبية الى مساحة متخيلة متفائلة، لما ستؤول إليه الأمور من الناحية الجمالية. ويمكن للرياضة الروحية، والتأمل، والصلاة والدعاء أن تساعد في هذا الاتجاه؛ حيث إنها تمنح السكينة والطمأنينة.

وتحذر نبال من احتمالية إهمال البعض لصحته، خاصة مع قلة الحركة، لا سيما وأن بيوتا كثيرة تتعذر فيها ممارسة الرياضة، وخطورة ذلك تتمثل في الاستسلام للمشاعر السلبية، وبالتالي إضعاف جهاز المناعة، ما يعني ضعف إمكانية مواجهة المرض. وتضيف: على الصعيد الاجتماعي، ونتيجة الحشر في المنزل فترة طويلة، ومع انتشار طاقة سلبية في أجواء البيت، ستنشب الخلافات داخل الأسرة، بين الأولاد، وبين الزوجين، وعلى أتفه الأسباب، وقد تنتقل تلك المشاعر المأزومة إلى المحيط الضيق للفرد، وهذا ربما يولد مشاعر مختلفة ومتضاربة تجاه الناس والمجتمع، قد تستمر حتى بعد الانتهاء من الأزمة.

ومن الطبيعي أن الأفراد مختلفون فيما بينهم من ناحية تأثرهم، وتفاعلهم، ومدى وصولهم لهذه النتائج، فهناك أناس محصنون نفسيا واجتماعيا وثقافيا، ولديهم قدرة أكبر (جسديا ونفسيا) على التأقلم مع الحجر وتداعياته. لتلافي الآثار السلبية للحجر المنزلي، وللتخلص من حالة الخوف والهلع تنصح الدكتورة نبال، بممارسة تمارين التنفس العميق عدة مرات يوميا، بتوازن واسترخاء.. ولتخفيف حالة القلق تنصح بتدريب العقل الداخلي على تقبل فكرة الحجر، والاقتناع بأهميته، والتذكر بأنك محصن داخل بيتك، وفي منأى عن الخطر، والإدراك أن الوضع الراهن هو وضع مؤقت، ووضع شمولي، وغير مقتصر على فئة أو دولة معينة، وتذكير نفسك كل يوم بذلك، ومحاولة استثمار وقت الفراغ المتاح.

ولتجنب الوصول إلى حالات الاكتئاب، تنصح بالنهوض مبكرا، والنوم ساعات كافية، والإكثار من شرب الماء، والقيام بأي جهد بدني أو نشاط رياضي بالتدريج، وترى أيضا أن الاستحمام بماء ساخن، وارتداء ملابس مريحة، وتبديل ملابس النوم، والاهتمام بالأناقة الشخصية، وفتح النوافذ، والخروج أمام البيت أو الجلوس في «البلكونة»، واستنشاق هواء نقي.. كلها أمور تساعد في تحسين النفسية والمزاج.

كما تنصح باسترجاع كافة الهوايات التي لم يكن ضيق الوقت يسمح بممارستها، مثل القراءة، الكتابة، الرسم، التطريز...الخ، وتوصي أيضا بالابتعاد عن ملاحقة أخبار «كورونا»، إذ تكفي مرة واحدة في اليوم، والأهم عدم تصديق كل ما يُنشر، خاصة الشائعات.. وكذلك عدم الانعزال في غرفة النوم مقابل «السوشال ميديا»، والحرص على مشاركة أفكارك وقلقك وهمومك مع أقرب الناس لديك.

وتوصي أيضا بالاستماع لأفراد الأسرة يوميا، والثناء عليهم، وتشجيعهم، ومشاركتهم قلقهم، وعدم إفساح الفرصة لهم بالانعزال والإقصاء داخل غرفهم، بل توزيع الأدوار عليهم في واجبات المنزل وإعداد الطعام.. وممارسة الألعاب الجماعية التنافسية، أو مشاهدة الأفلام، والاستماع للموسيقى، أو تصليح أشياء قديمة. ومع أهمية هذه النصائح والإرشادات؛ إلا أنّ المجتمعات الإنسانية لديها وسائل عديدة أخرى في التأقلم مع الكوارث والمحن والأزمات، فقد خبرت كافة المجتمعات الإنسانية، على مر التاريخ، كوارث بيئية مدمرة، وأوبئة خطيرة، وحروبا وأزمات اقتصادية.. مع أنها كانت تدفع أثمانا باهظة، وتقدم تضحيات جسيمة، لكنها كانت تنجح كل مرة في الخروج والتعافي.. واستئناف الحياة من جديد.

في أزمة «كورونا» الحالية، وجدنا مثلا وسائل عديدة في التأقلم؛ مثل الغناء الجماعي من فوق أسطح البيوت، ومن الشرفات.. ظهور أغان شعبية فكاهية تحاكي الأزمة، أو السخرية منها من خلال النكات، والتعليقات اللاذعة، والفيديوهات المركبة، ونشر الصور على وسائل التواصل الاجتماعي.. هذه كلها ظواهر قديمة ومعروفة للتحايل على الأزمات، وهزيمتها.. وطبعا إلى جانب حملات التطوع، والمبادرات الاجتماعية الخلاقة، وتعاون الجيران، والتبرع...

مع ضرورة إتباع الإرشادات الصحية، والتقيد بالتعليمات الحكومية، من المهم جدا عدم الوصول إلى حالة من الذعر والخوف.. فالخوف يضعف قدرة الجسم على المقاومة من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن نشر حالة الخوف الجماعي هو الهدف الذي تسعى إليه بعض القوى الشريرة في العالم، حيث هناك تضخيم ومبالغة في الضخ الإعلامي المتعلق بـ»كورونا»، وهذا ليس بريئا تماما، فمن خلال نشر الرعب الجماعي يمكن للحكومات فرض سيطرتها، وتمرير ما كان متعذرا عليها تمريره سابقا، ويمكن للشركات الربحية تحقيق أرباح لم تكن تحلم بها، من خلال بيع منتجات وهمية، مستغلة حالة الخوف الغريزي.. والمنتجات المتعلقة بتداعيات الخوف أكثر مما نتصور، إذ إن كثيرا منها غير واضحة الآن، لأن علاقتها بالخوف غير مباشرة.
وتمنياتي بالسلامة للجميع.

قد يهمك أيضا : 

 الإذعان للسلطة

  ملاحظات حول المعتزلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأقلم مع الحجر المنزلي التأقلم مع الحجر المنزلي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 06:05 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 22:13 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"تحديد موعد النظر في شكوى فلسطين ضد "الفيفا

GMT 19:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

غياب كنكوني والعازمي عن مباراة برقان وكاظمة

GMT 12:54 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

ظافر العابدين ينتهي من تصوير المسلسل البريطاني Fearless

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 21:53 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

ضعف الأظافر وتساقط الشعر دليل عن نقص الفيتامينات في جسدك

GMT 10:05 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء الأسيرات المحتجزات في أسوار سجون "الاحتلال "
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday