هل تذكرون «صفقة القرن»
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

هل تذكرون «صفقة القرن»؟

 فلسطين اليوم -

هل تذكرون «صفقة القرن»

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

ليس في نيّتي الحصول على جواب طبعاً، وليس القصد من السؤال سوى التشارك مع القراء حول هول ما أصاب العالم، وحول ما أحدثه وما سيحدثه «كورونا» فيه، الآن وفي المستقبل القريب والبعيد، أيضاً. «صفقة القرن»، شأنها في ذلك شأن الكثير من قضايا ومعضلات وأزمات عالمنا تنحّت جانباً، وتحول استكمال كل أو معظم حلقاتها المتبقية إلى هوامش مؤجّلة، وإلى «مسألة» ثانوية في سُلّم الأولويات الأميركية والإسرائيلية والدولية والإقليمية.

المشهد في عالم اللحظة اليوم هو مشهد النجدة والاستنجاد، مشهد الإنقاذ والإسعاف، مشهد الصراع على وقف الزحف [زحف الفيروس] وإيقاف التدهور. الصراع هو صراع على الخروج من عاصفة هذا الوباء، ليس بأقل الأعداد من الموتى، أو بأقل مساحات للانتشار ـ فهذا الأمر مفروغ منه ـ وإنما الخروج من هذه العاصفة، بأعلى درجة ممكنة من القدرة على الصمود في معركة البقاء القادمة حتماً، ومن زاوية قدرة الاقتصاديات الوطنية في كل دولة قومية، وقدرة البنى السياسية والاجتماعية على التماسك، ومنع التهاوي والانهيار، وقدرة البنى الثقافية التي سادت وتسيّدت عشية هذا الزلزال العاصفة على الاستمرار والبقاء في ظل البدء بتداعي هذه البنى بالذات.

قد يكون من المبكّر «الخروج» ومنذ الآن باستنتاجات قاطعة حول «صمود» هذه البنى، وحول قدرتها على تجاوز امتحان الجدارة والاستحقاق، وقد يكون من الصعب أصلاً قراءة حقيقة الأبعاد الآنية الراهنة والمستقبلية في مدياتها المباشرة والمتوسطة، ناهيكم طبعاً عن تلك البعيدة.. لكن شيئاً من هذا القبيل كله أصبح ممكناً رؤيته ومنذ الآن. المريض الحقيقي ليس هو المصاب بمرض الـ»كورونا».
المريض الأول هو النظام الرأسمالي برمّته.

وكما هو حال المرض الذي تسبب به فيروس «كورونا» فإن البنى القديمة أو المتقادمة في الرأسمالية هي الأكثر عرضة للخطر، في حين أن البنى الشابة يمكن لها أن تقاوم وأن تتجاوز امتحان «الجدارة»، أو لنقل الصمود في معركة البقاء مع تحديات المستقبل. الاقتصاد الاجتماعي أعلى تأهيلاً، وأعلى قدرةً، ومَنَعَة على المقاومة وعلى الصمود، أما اقتصاديات التوحش الرأسمالي بدأت تكابد ويلات هذا المرض.

لاحظوا كيف أن عالم الرأسمالية بدأ يفرز نفسه بنفسه! الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل على الرغم من رؤيتها لما حصل أمام أعينها في إيطاليا ثم اسبانيا وفرنسا تأخّرت ـ بضغط من المصالح المباشرة للرأسمال المسيطر ـ ولم تتخذ الإجراءات المطلوبة لحماية الناس [لأن الأولوية لهم هي حماية «الاقتصاد»]. وهم سيدفعون الثمن غالياً، تماماً كما دفعت إيطاليا وفرنسا واسبانيا هذا الثمن.
فقط ألمانيا وازنت ما بين الحالين، ويعود السبب في ذلك لطابع الاقتصاد الألماني من جهة (بعض السمات الاجتماعية العالية)، وإلى قوة البنية الصحية لديها.

في واقع اليوم يرى العلماء، وليس الكتّاب والفلاسفة والمراقبين والمحلّلين السياسيين فقط أن موجة كورونا ستنحصر شيئاً فشيئاً بدءاً من منتصف نيسان في أوروبا في حين أنها ستنفجر في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في الأيام والأسابيع القليلة القادمة، وأن معدلات الانتشار ستبلغ درجات مُرعبة. ترامب ما زال يكابر، وجونسون بدأ يطلب المتطوعين، وإسرائيل تسابق الزمن لشراء أجهزة التنفس، وهناك من المؤشرات أن اسبانيا تلحق بإيطاليا بسرعة مفزعة، وأن المانيا تحارب على جبهتين: الداخلية والخارجية لإغاثة اسبانيا وفرنسا على حدٍّ سواء.

لو فكّرنا في الأمر مليّاً فإن دولة مثل الولايات «تقود» العالم، ودولة مثل بريطانيا «قاتلت للخروج من الاتحاد الأوروبي» «لحماية» الرأسمالية الخاصة بها، ودولة مثل إسرائيل أدارت ظهرها للعالم كله، وأبقت على تحالفها الوثيق مع السياسة الترامبية ورهنت مستقبلها السياسي به وبسياساته.. لو أمعنّا النظر هنا لوجدنا أن مصلحة رأس المال هي في إيجاد ذلك «التوازن» بين استمرار القطاعات الاقتصادية على العمل من جهة والعمل على تقليص مساحة الانتشار والإصابة من جهة أخرى.

لكن المشكلة على ما يبدو أن الوصول إلى توازن من هذا النوع هو أمرٌ مشكوكٌ فيه، لأن المرض المتأتّي من مساحة الانتشار والإصابات قد لا يعطي لهذه البلدان فرصة «لرفاهية» من هذا النوع، طالما أنها (أي هذه البلدان) لم تتخذ من الإجراءات السريعة والحاسمة في الوقت المناسب، كما أن مثل هذا التوازن حتى ولو تم الوصول إليه بهذه الطريقة أو تلك، وإلى هذه الدرجة أو أخرى فإنه لن يعني بأي حال عدم تصدّع البنى التي أشرنا إليها، ولن يعني عودة الأمور إلى ما كانت عليه أبداً وبالمطلق.

الانهيارات قادمة أيها السادة، ولا مجال لغير ذلك لأن الفارق بين الهروب والتهرُّب بات هشّاً تماماً. عالم ما بعد «كورونا» ليس لديه أولويات ما قبلها لا في إسرائيل ولا في الولايات المتحدة ولا في أي مكان من العالم. عالم مابعد «كورونا» هو عالم الصين وروسيا والهند وعالم الدول الصاعدة بعد أن تنفض بناها الشائخة والمهترئة، وعالم ألمانيا الناجية ومن حولها بعض البلدان الغربية الضعيفة الواهنة.

عالم ما بعد «كورونا»، ربما يعيد اليابان إلى الصفوف الأمامية بل ويمكن لدولة مثل كوريا أن تطمح بالتعلق والإمساك جيداً بالثوب الياباني. من سيعود للحديث عن «صفقة القرن»؟
آه لو نُدرك كيف أن «كورونا» أحدث في عالم اليوم، وستحدث من المتغيرات ما يوازي أو يكاد ما أحدثته ثورات اجتماعية وسياسية كبيرة في تاريخ البشرية.

قد يهمك أيضا :  

انتخابات لن تفضي إلى حلول!

  في بعض أبعاد سيكولوجية الهلع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تذكرون «صفقة القرن» هل تذكرون «صفقة القرن»



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 01:45 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة كأس البحرين لسباق الخيل تنطلق في بريطانيا السبت

GMT 18:37 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

مفيدة شيحة تُهاجم غيتس خلال "الستات مايعرفوش يكدبوا"

GMT 07:55 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

انتخاب نساء أكثر في الحكومات يُقدّم مساهمات حقيقية

GMT 13:31 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الدكتور علي جمعة يقدم برنامج "فن الدعاء" على "CBC"

GMT 05:28 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

إنتاج علاج جديد للسرطان يمنع انتشار المرض

GMT 20:24 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجم حسن الفذ يُعلن عن استعداده لعرضه الفني الجديد

GMT 04:55 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

أستاذ تاريخ يشبه إزالة "رودس" بتدمير داعش آثار سورية

GMT 10:11 2015 الجمعة ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أسرار جمال اللون الكحلي في زفافك

GMT 06:28 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

7 أخطاء يجب عدم الوقوع بها في موضة الصيف
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday