السياسة البائسة
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

السياسة البائسة

 فلسطين اليوم -

السياسة البائسة

بقلم : عمرو الشوبكي

حين تغيب السياسة بإرادة سلطوية أو أمنية فهناك كثيرون سيعترضون ويحتجون، ولكن أحيانا يختار بعض من يصفون أنفسهم بالمعارضين سياسات بائسة تكرس بقاء هذه السلطة تحت حجة أن النخبة السياسية ضعيفة ومنقسمة، ويساهمون فى بقاء المجتمع بلا قيم عليا وبلا رسالة، ويقدمون كما عودونا ألف هدية لسلطة الوصاية ومسوغات الاستمرار لأى حكم يرى أن الشعب لايزال غير مؤهل للديمقراطية وأن مجتمعه السياسى لا يصلح للحكم.

إن هذا المشهد العبثى تكرر فى مواقف كثيرة ومع شخصيات عديدة، ربما من أبرزها مواقف بعض الثوار وقلة من الحقوقيين وتيار واسع من الإسلاميين وحلفاء الإخوان فى التباهى برفض التضامن مع إبراهيم عيسى واتهامه بأنه غيّر مواقفه السياسية وهاجم الثوار، وأن هناك بعض التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى من بعض المعارضين تطابقت تماما مع مواقف إعلام التطبيل المؤيد (مفارقة متكررة تحالف المطبلين مع بعض الثوار) حين تركت الموضوع الأصلى، وهو التضامن مع كاتب وصحفى وإعلامى أُغلق برنامجه بسبب آرائه المعارضة واستدعى للنيابة العامة للتحقيق ونقطة، وبين مناقشة آرائه السياسية وفتح ملفات لا علاقة لها بالموضوع الأصلى (حرية الرأى والتعبير) بالقول مثلا إنه هاجم بشدة مدرسة معروفة من ثوار يناير عقب 30 يونيو، وتحويل شهادته التى قالها بحق مبارك إلى شهادة زور لأنه قال إنه لم يكن هناك دليل على إعطائه أمرا بقتل المتظاهرين، وكأن مبارك لايزال فى السلطة يحتاج من ينافقه، فى حين أن ما فعله عيسى فعله قلة من الإعلاميين، وهو انتقاد مبارك حين كان فى السلطة وطى صفحته بعد أن تركها، فى حين استمر فى نقد السلطة الحالية بكل جرأة حين اختبأ كثيرون خلف الهجوم على مبارك، وهو خارج السلطة للتغطية على صمتهم على أخطاء الحكم الحالى.

مدهش وصادم أن يظل هناك تيار فى مصر يصفى حساباته السياسية بمنطق أن هناك فصائل محصنة، على رأسها ريشة، ويعتبر انتقاد كاتب مهما كانت حدته لشلة سياسية أو ثورية جريمة لا تغتفر؟ هل وصلنا إلى هذه الدرجة، أن يكون نقد فصيل أو تيار أمرا مجرما وغير مسموح به من قبل ناس يقولون إنهم فى المعارضة ويدعون الدفاع عن الديمقراطية وإذا مسست أحدا منهم برأى مخالف مارسوا استعلاء يذكرك بالاستعلاء الإخوانى، ويعتبرون انتقاد من وُصفوا بالثوار من المحرمات والجرائم.

يقينا الرأى يُرد عليه برأى آخر، والفكرة بفكرة أخرى، وليس مطلوبا الاتفاق مع كل ما يقوله أى كاتب مثل إبراهيم عيسى أو غيره، إنما المطلوب التوافق على القيمة العليا، أى عدم حبس الرأى الآخر والكلمة الحرة، فهى قيمة عليا لا يعرفها إلا الأسوياء، وإذا كنت تعتبر نفسك معارضا وديمقراطيا وتشمت فى خصمك السياسى، ليس حين يفشل فى الانتخابات مثلا، ولكن حين يُعتدى على حريته وعلى حقه فى أن يقول رأيه، فتأكد أن نظرية المجتمع السياسى غير قادر على الحكم ويحتاج إلى سلطة وصاية كسبت مائة نقطة.

معضلة بعض تيارات المراهقة الثورية وبعض التيارات الإسلامية وبعض المدارس الحقوقية هى تلك النظرة الانتقائية فى الموقف والاستعلائية على خلق الله، وكراهية المخالفين فى الرأى بصورة أكبر بكثير من كراهيتهم للحكم الحالى ولأى سلطة وصاية.

ولأن النظام الديمقراطى يعنى قبول التنوع والخلاف السياسى وإدارته بشكل سلمى، فإن القبول بضرب أحد أركان الديمقراطية (وليس الخلاف فى الرأى) أى حرية الرأى والتعبير، لأنها مست من نختلف معه، يعنى أننا لن نخرج من سلطة الوصاية.

إن النظام الحالى والدور الذى يلعبه الجيش فى الحياة العامة والسياسية لم يأت من فراغ، إنما هو فى جانب مهم منه يأتى من فشل التيارات المدنية فى إدارة صراعاتها السياسية بشكل ديمقراطى ومواجهة بعضها البعض وفق قواعد الدستور والقانون.

المؤسف أن بعض من رفضوا التضامن مع عيسى يدعون أنهم مدافعون عن حقوق الإنسان ومع حرية الرأى والتعبير، فإذا كنتم تفعلون ذلك وأنتم خارج السلطة فماذا ستفعلون إذا لا قدر الله وصلتم لها؟ وهل بهذه الطريقة يمكن أن يتقدم المجتمع السياسى خطوة للأمام ويدخل فى مرحلة شراكة مع سلطة الدولة العميقة بدلا من التهميش الحالى، إذا كانت أطرافه السياسية تدير صراعاتها بطريقة الشماتة والانتقام، وغياب أى تمييز بين الخلاف السياسى والقيم العليا التى تحكم المجتمع وتياراته السياسية؟

طالما ظل المجتمع السياسى صورته بهذا الشكل وإدارته لخلافاته بهذه الطريقة فبالتأكيد سنظل كما نحن محلك سر، وستبقى سلطة الوصاية لعقود جديدة مرتكزة على مقولة: المجتمع غير مؤهل للديمقراطية، والمجتمع السياسى غير قادر على التوافق حتى على مبادئ الديمقراطية، وسيظل هناك أمل فى تعديل شروط الوصاية من قبل أطراف أو أشخاص أو توجهات من داخل سلطة الوصاية تعى أن الشعب رقم والمجتمع السياسى مطلوب بعيدا عن أعداء حرية الرأى والتعبير ممن يدعون أنهم من المدافعين عنها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة البائسة السياسة البائسة



GMT 04:16 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تحية للشعب السوداني

GMT 02:15 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

الاقتصاد في مواجهة السياسة

GMT 04:59 2019 الأحد ,12 أيار / مايو

ظاهرة عادل إمام

GMT 03:31 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

وبدأت الجزيرة

GMT 09:27 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 15:43 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 09:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 09:51 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

عمرو موسى يؤكّد أن العمل العربي المشترك لم يفشل

GMT 13:37 2020 الأحد ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

في «طعم البيوت» نباتات الزينة لمسة جمال في منزلك

GMT 11:18 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

"الكلاسيكية العصرية" عنوان منزل بيورك في مانهاتن

GMT 17:12 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

دنيا سمير غانم تهنئ نادية لطفي على التكريم وتعتذر لها

GMT 22:11 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الاهلي يصرف 100 ألف جنيه مكافأة إلى بطلة الكاراتيه "فاروق"

GMT 00:18 2017 الإثنين ,26 حزيران / يونيو

غيغز وغوارديولا يتنافسان في إحدى منافسات الغولف

GMT 16:07 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد المرأة يبحث مع التعاون الألماني تعزيز التعاون المشترك

GMT 08:52 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

"مكسيكو سيتي" إحدى أكثر المدن أمانًا في أميركا الجنوبية

GMT 21:28 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

كندة علوش تنشر صورة جديدة مع ابنتها حياة

GMT 10:28 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

خلافات داخل الزمالك حول مصير اللاعب المغربى حميد أحداد
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday