حسن البطل
من الذي قال مخاطباً سحابة غير ممطرة (غير مزناء): «اذهبي حيث شئت فإن خراجك لي» .. على العكس من الذي قال: «بغداد تكفيني».
يقولون عن الأزمات العابرة: سحابة صيف، وفي صيف فلسطين تمر السحابات كما وصف شاعر مرور امرأة حسناء «مرّ السحابة لا ريث ولا عجل» .. وبالطبع مرورها من «بيتها» إلى «بيت جارتها».
في الصيف يمرّ موسم الأعراس الموسمي العادي، ولا أدري إن كان هذا موسم ذروة في الزواج. في الصيف، أيضاً، موسم جفاف في صنابير المياه، ويبدو أنه موسمي فوق موسمه الاعتيادي، بسبب موجة حر غير اعتيادية، أدت تفاعلاتها الى حل المجلس البلدي في نابلس، وجاء في آخر الأخبار أن شركة مكوروت قننت المياه إلى مدن وقرى شمال الضفة بسبب فاتورة متراكمة.
ماذا أيضاً؟ كان موسم المهرجانات الصيفية نشيطاً فوق العادة، وذروته مهرجان مركز الفنون الشعبية القديم نسبياً، والأقدم منه مهرجان «وين ع رام الله» الذي قد يكون مسك الختام قبل افتتاح المدارس.
أتابع احصائيات عبور الجسر الوحيد: معبر الكرامة، وخاصة في ذروته الصيفية، أي موسم الزيارات والإجازات.
حسب آخر إحصائية عن حركة العبور في شهر تموز، فقد مرّ على المعبر، في الاتجاهين، زهاء ربع مليون مسافر، بما يجعله ذروة الصيف في أزمة عبور المعبر، على أمل الغاء «محطة الحقائب» في الجانب الأردني أو «كاراجات سيارات عبدو» بالتنسيق مع سيارات عبد الحي، والإسرائيليين بالطبع .. وهذا وعد جديد ميعاده في أول الخريف.. لعل وعسى!
لا أدري لماذا معبر وحيد (هناك معبر آخر شمال الضفة للزوار الأجانب بخاصة) بدلاً من معابر عدّة تخفف، خاصة في الصيف، من أزمة العبور.
الإسرائيليون منّوا علينا، هذا الصيف، بفتح المعبر كل يوم خميس من شهر تموز مدة ٢٤ ساعة، لكنهم يمتنون علينا بالمقارنة بين معبر اللنبي (الكرامة، ومعبر رفح).
ما يهمني في إحصائيات الجسور هو المقارنة بين عدد المغادرين وعدد العائدين، وهي على العموم متوازنة، وكانت كذلك في ذروة أزمة العبور في شهر تموز .. يعني: لا توجد حركة هجرة غير عادية!
استوقفتني في أزمة المعابر الموسمية (وهي ليست موسمية بالنسبة الى معبر رفح) حالة فلسطينية سياسية - إنسانية وهي ان ٢٦٠ أسرة فلسطينية سورية لم تجد ملجأ للفرار من هذا البلد الذي كان أحسن حالاً للجوء الفلسطيني، سوى أن تلجأ إلى قطاع غزة، ومنها عائلات سورية أيضاً، وهذه حالة ينطبق عليها قول المتنبي «بيدٌ دونها بيد» علماً أن عائلات فلسطينية سورية، او حتى سورية، على «قائمة الانتظار» في العريش لدخول غزة.
سحابة صيف؟ ولكن هذا ليس حال بعض أزمات هذا الصيف الذي بعد حلحلة الأزمة النووية الإيرانية في أيلول، تنتظر حلحلة الأزمة السورية، وهي الأكثر تأثيراً على الوضع السوري والعربي .. والعالمي، وبالطبع وأولاً على الوضع الفلسطيني.
أيضاً، ليست أزمة الشرعية الفلسطينية «سحابة صيف» سواء في مسألة اللجنة التنفيذية أو مسألة استقالة مجلس بلدية نابلس، او اجتماع المجلس الوطني، فما بالك بأزمة حكومة التوافق، وبالذات أزمة كبيرة في الأفق وهي تفكير الحكومة في إعادة هيكلة كادرها الوظيفي، لتقليص التضخم غير العادي ودوره في أزمة الرواتب غير الموسمية بحال.
بين أخذ وردّ، يقال أن الخطة مرحلية ومتعددة السنوات، لكنها لن تشمل موظفي قطاعي التعليم والصحة، فهل سيتم «تدوير» أي وفر في ميزانية رواتب موظفي الحكومة لزيادة رواتب الموظفين في قطاعي التعليم والصحة؟
في الواقع الحالي، هناك موظفون يقبضون ولا يداومون، أو يداومون ولا يعملون، أو مفروزون من الوظيفة العامة الى الفصائل والمنظمات الشعبية.
لا تتوفر إحصائية عن إنتاجية الموظف الفلسطيني، وأغلب الظن أنها متدنية، وبخاصة في شهر رمضان مثلاً.
مقياس نجاعة إعادة هيكلة الوظائف الحكومية هو الجدوى المالية والإدارية، ومنها دمج وزارات، فما حاجتنا الى وزارات في عدد دولة ونحن لسنا دولة!
بعض الأزمات موسمية، او سحابة صيف، وبعضها مقيمة على مدار العام مثل الأزمة السياسية والوطنية كالصلحة وإجراء الانتخابات .. وبالطبع العلاقة مع إسرائيل.