الأصل الفلسطيني نقاش قديم جديد
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

الأصل الفلسطيني: نقاش قديم جديد

 فلسطين اليوم -

الأصل الفلسطيني نقاش قديم جديد

عاطف ابو سيف
بقلم : عاطف ابو سيف

قرأت بعض الردود على بعض المداخلات حول ضرورة التركيز على قراءة التاريخ الكنعاني كجزء من إعادة موضعة الصراع مع الاحتلال، في ظل ما يتعرض له تاريخ فلسطين المادي وغير المادي من سرقة واستلاب، مثل ما تتعرض له الأرض الفلسطينية. وربما في الكثير مما دار، إذا تم استثناء الغث منه، جدية تهدف إلى الوصول إلى مقاربات أفضل لفهم الكيفية التي يمكن موسقة السياق الكنعاني في السياق الفلسطيني المعاصر. والمؤكد أن ثمة الكثير الذي يمكن قوله في هذا الجانب، لكن الأكثر إلحاحاً بالطبع هو ضرورة فهم كيف يمكن توظيف كل هذا في فهم اعمق لطبيعة ما

تتعرض له الأرض، وما يتعرض له الموروث وحامله الإنسان وموقعه الأرض من استلاب أيضاً.أولاً: يجب فض الاشتباك بين الجدل الواهي بين الأصل الكنعاني بتنويعاته وتجلياته، وفي قلبها الفينيقي والفلسطيني من جهة، وبين العروبة. إذ إن ثمة افتراضا خاطئاً بوجود تناقض من نوع ما. أولاً فإن التجليات العربية مختلفة التكوينات سبقت ظهور فكرة العروبة نفسها التي يجب النظر إليها بشمولية كبيرة دون حصرها في إطار عرقي ضيق. بل إن المعالجة الثقافية للعروبة والإقرار بتنوع التكوين وشموليته سيساهم بشكل كبير في فهم التاريخ العربي القديم. فمن المؤكد أن شعوب المنطقة

القديمة انحدرت كلها من عرق واحد. في لحظة تاريخية تنوعت الاختلافات وفق جغرافيا الأماكن المختلفة دون أن يعني تبايناً عرقياً ما، وإن كانت بعض الشعوب قد اختلطت مع شعوب أكثر بقدر أكبر من غيرها، وبالتالي حدث تقارب أكبر بين بعض التكوينات البشرية من غيرها. وهذا يفسر مثلاً ظهور اللهجات المختلفة التي تخلقت على شكل لغات مختلفة سبقت تكوين العربية كما نعرفها وكما نكتبها، مع وجود شبه كبير وربما في بعض الحالات البنائية اللغوية تطابق. وهذا بحد ذاته تأكيد على أن الاختلاف الذي حدث عبر القرون ليس إلا نشوءاً طبيعياً لمرحلة نمو الشعوب، وهو لا

يتعارض بأي حال مع وحدة الحال المبحوث عنها في التاريخ من أجل تبرير الحاجة إلى وحدة الحال الراهن، مع ما في هذا البحث من مغالطات منهجية. وهذا أمر مختلف. فالحاجة لوحدة الحال الراهنة ليست بحاجة لتبرير تاريخي، ويجب أن لا تغرقنا في مقولات كبيرة تتجاوز ضرورات التاريخ، ولا تغفل عن تنوعه ونموه في مراحله المختلفة. فالتنوع لا يعني تفتت وحدة الحال، كما أن الاختلافات التي ظهرت في المكون الحضاري لا تعني نفي الأصل الواحد، والإقرار بهذا التنوع لا يعني نفي وحدة التاريخ. والتاريخ بطبعه ليس وحدة ساكنة، وتاريخ الشعوب ليس قصةً واحدة نرويها قبل النوم،

إذ إن ثمة أكثر من رواية لذات الحدث، وهناك مئات الأساطير حول ذات الحادثة، والمؤكد أن فهماً عميقاً للتاريخ يساعد كثيراً في تجاوز بعض القضايا التي يستعصي فهمها في نطاق ضيق.
ثانياً: يبدو مهماً التأكيد على أن مثل هذا التأكيد على ضرورة استعادة المبادرة لقراءة التاريخ الكنعاني، كجزء من التأكيد على الهوية الوطنية المعاصرة، لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع العمق العربي للقضية الفلسطينية. وهذا النقاش ربما رافق نشوء الحركة الوطنية الفلسطينية بين أولوية الصراع بين الوحدة والتحرير، وهو نقاش وإن خمد قليلاً لكنه لم يغب بالطبع كما يبدو. فالوطنية

الفلسطينية لا تتناقض مع العمق العربي للصراع الذي وجد بعد أن تم زرع الجسم الكولينيالي في أرض فلسطين، وإن مطامح دولة الاحتلال في الأساس كانت تمزيق الحالة العربية وقطع الطريق أمام وحدة الحال العربي. ومهما يكن الأمر، فإن مثل هذا الفهم يجب أن لا يغيب عن بالنا ولم يغب، كما يمكن ملاحظته، عن بال آباء الحركة الوطنية الفلسطينية.ومع هذا، فإنه يجب ملاحظة أن الصراع يدور على أرض فلسطين، وأن زارعي بذرة الاستعمار في بلادنا استخدموا كل مقولات التاريخ المزورة من أجل نفي وجود الشعب العربي الفلسطيني عن فلسطين. ومع كل الإقرار بالعمق العربي

للقضية الوطنية إلا أن الصراع في جوهره لا يتم إلا في أرض فلسطين في أساسه. صحيح أن مصر وسورية والأردن ولبنان لم تنجُ من العدوان والاحتلال في لحظات مختلفة، إلا أن أساس الصراع ظل أن مهمة المشروع الإحلالي الكولونيالي كانت دائماً إزاحة الشعب الفلسطيني عن الخارطة.وعليه فإن الوعي الغربي تم احتلاله قبل أن يتم احتلال الأرض الفلسطينية، من خلال بيع أوروبا، بوصفها قوة الاستعمار الأولى، مقولات الحركة الصهيونية حول أرض الميعاد الفارغة التي تنتظر شعب الله المختار حتى يعود إليها. وتم توصيف الشعب الفلسطيني بوصفه مجموعة رعاة مشتتين عابرين لا

شيء يجمعهم ولا يمكن وصفهم بشعب، بل إن كلمة شعب لم تعترف بها أوروبا ولم تستخدمها بالإشارة للشعب الفلسطيني إلا بعد عشرات السنين، ربما بعد تقرير شومان عام 1971. الكثير من المقولات تم تأليفها من أجل أن تظل فلسطين الأرض الذي يجب أن يتحقق عليها الوعد الإلهي.مرة أخرى نحن بحاجة لإعادة الاعتبار إلى البحث في التاريخ الفلسطيني القديم، ليس من أجل الرد فقط على مزاعم الصهيونية، على أهمية ذلك، بل من أجل تحصين الهوية الوطنية وصون عملية النضال التحرري. إن مواجهة الرواية المضادة مهم ولكن بناء روايتنا الخاصة أكثر أهمية في بناء الشخصية

الوطنية المعاصرة. إن الشجرة التي تصبو فروعها نحو السماء، أيضاً تمتد جذورها عميقاً في الأرض، وإن تطوير فلسفة عمل وطنية لقراءة التاريخ القديم تتساوق مع بحثنا عن بناء المواطن المعاصر، أمران في غاية الأهمية. من المؤكد أن تاريخنا يسبق مرور العابرين من أرضنا بآلاف السنين، ويجب أن نحرص على إبراز ذلك حتى لا يتم خطف الحكاية عما جرى على هذه الأرض، إذا أردنا أن نظل عليها.

قد يهمك أيضا : 

بعد خمسين عاماً: الاحتلال والدولة الفلسطينية

  حركة "فتح" تدعو إلي أكبر نشاطات جماهيرية مساندة للأسري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأصل الفلسطيني نقاش قديم جديد الأصل الفلسطيني نقاش قديم جديد



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 14:19 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 08:30 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"العقرب" في كانون الأول 2019

GMT 11:41 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:54 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

حقائق مثيرة عن العضلة الأهم في جسم الإنسان

GMT 21:54 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

"خريف" يحصد جائزة أفضل عمل في مهرجان "المسرح العربي"

GMT 14:18 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

روسيا توصلنا لاتفاق يرضي جميع الأطراف

GMT 11:52 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

صلاح يصارع من أجل الفوز بالحذاء الذهبي

GMT 17:07 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تامر حسني يبدأ تصوير الملصق الدعائي لبرنامج "ذا فويس كيدز"

GMT 13:49 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

كشف حقيقة صور هيفاء وهبي المفبركة على مواقع التواصل

GMT 06:09 2016 الجمعة ,02 كانون الأول / ديسمبر

مركبة "UFO 2.0" يخت مستقبلي بمثابة فيلا إنيقة

GMT 18:51 2016 السبت ,18 حزيران / يونيو

أسباب وفوائد كثيرة للشروع في الدراسات العليا

GMT 00:07 2017 الإثنين ,22 أيار / مايو

شارلوت موس تتألق في مهرجان كان الخيري

GMT 00:36 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

ريهام حجاج فتاة متشددة دينيًا في فيلم "مولانا"

GMT 02:22 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"سوثبي للمزادات" يعرض لوحة فريدة للفنانة كاهلو
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday