باريس - اش ا
يظل الإرهاب وعناصره المتطرفة أحد أسوأ العقبات التي تعيق تقدم البشرية طوال تاريخها، ويأتي على رأس هذه الجماعات الإرهابية جماعة/ بوكوحرام/النيجرية التي تمارس القتل والخطف واغتصاب النساء والفتيات القاصرات في البلاد.
ومن ضمن الفتيات اللاتي كن من ضمن ضحايا الجماعة المتطرفة "حبيبة" ، تلك الفتاة النيجيرية التي تبلغ من العمر 16 عاما – وهي إحدى الناجيات اللاتي حررهن الجيش النيجيري في 30 أبريل الماضي من براثن "بوكو حرام" الجهادية – تحاول أن تلعق جراحها الجسدية والنفسية داخل مخيم بمدينة /يولا/ شرقي نيجيريا بالقرب من الحدود مع الكاميرون.
إنها الفتاة الوحيدة داخل هذا المخيم التي لا تحمل رضيعا على يديها، ومع ذلك لم يكن هناك ما يمنع سؤالها ما إذا كانت حبلى نظرا لبقائها أسيرة في قبضة مقاتلي "بوكو حرام" قرابة تسعة أشهر، ولاسيما بعد الاستماع إلى شهادات نساء وفتيات كثيرات اغتصبن من بين ما يزيد على مائتي امرأة نجح الجيش النيجيري في تحريرهن.
وبحسب ما ذكرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن حبيبة تؤكد أنها ظلت طوال تلك الفترة تقاوم وترفض الاقتران بأي من مقاتلي هذه الجماعة المتشددة المسلحة ، فيما تروي بصوت رتيب المعاناة التي تكبدتها قائلة "كانوا يروعوننا لكي نتزوج منهم، فكانوا يقيدوننا بالأغلال ويحبسوننا داخل أكواخ لا نخرج منها سوى كل صباح لكي يشهروا الأسلحة في وجوهنا وهم يعرضون علينا الزواج منهم تحت تهديد السلاح، ربما عدلنا عن رأينا وإن رفضنا ذلك ، كان مصيرنا الجلد وحرماننا من الطعام وإزاء هذه المعاناة على اختلاف صنوفها وأشكالها، لم يكن في مقدور بعضهن التحمل ومن ثم قبلن الزواج منهم".
وكان يقوم بإتمام مراسم الزواج أحد الأئمة التابعين لجماعة "بوكو حرام" (ومعناها "التعاليم الغربية حرام") والمعروفة أيضا باسم "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد"، والتي أعلنت في مارس الماضي مبايعتها لتنظيم"داعش" الإرهابي في العراق والشام.
وتجلس حبيبة في نهاية القاعة، التي أعدت فور عودة الأسيرات المحررات لعلاج الحالات الأكثر خطورة من بين النساء والأطفال الذين عثر عليهم في غابة /سامبيسا/ شمال شرقي نيجيريا في قلب الأراضي التي سقطت في قبضة جماعة "بوكو حرام" الإرهابية ولا يمكن للعين أن تخطئها وهي جالسة في صمت منزوية بأحد أركان المكان وسط هذا الضجيج الذي لا ينقطع من حولها، حيث أطلقت النساء العنان لأحاديث لا تنتهي بينما لا يكف صغارهن عن البكاء إنها تجد صعوبة في الحركة كما أن ذراعها اليسرى تؤلمها كثيرا، فقد أتت حبيبة لاستخراج رصاصة من جسدها أصابتها خلال عملية تحرير الرهائن من أيدي "بوكو حرام"، ويبدو أنه جرى تضميد جرحها على عجل.
وأخذت تهمس بصوت خافت قائلة "حينما وصل الجنود، بدؤوا بتبادل إطلاق النار مع بوكو حرام وهنا أصبت في ذراعي بينما كنا منبطحين أرضا وقتل نحو عشرة رهائن وعندما لاذ المقاتلون بالفرار، تمكنا من الخروج من الغابة وقد حالفنا الحظ لأننا كنا عند مدخل الغابة وأن المجموعات الأخرى كانت تحتجز بعيدا في الداخل".
وتعين على هؤلاء المصابين الانتظار قرابة خمسة أيام ريثما يتسنى للسلطات الصحية النيجيرية أن توفر لهم المضادات الحيوية.. كما لم تحصل الأمهات – إلا بعد ستة أيام من وصولهن إلى المخيم – على زجاجات الرضاعة لإطعام صغارهن رغم ما يعانوه من سوء تغذية وجفاف شديد.
ويتم استقبال بعض الحالات في قسم الأطفال بالمركز الطبي الفيدرالي في مدينة يولا الواقعة على مسافة 700 كلم شرقي العاصمة أبوجا بالقرب من الحدود الكاميرونية.
وترقد حبيبة داخل تلك الغرفة المكتظة بالمصابين فوق سرير يعلوه فراش وثير ظفرت به ؛ نظرا لخطورة إصابتها بينما تنام غالبية النساء الأخريات وأطفالهن فوق فراش من الإسفنج على الأرض مباشرة ، حيث لا توجد سوى ثمانية أسرة فقط ومع ذلك يصعب النوم والاسترخاء نظرا لارتفاع درجة الحرارة التي تصل إلى 42 درجة مئوية نهارا وتنخفض إلى 30 درجة ليلا، إن أحدا لم يفكر في إصلاح مراوح السقف أو الاستعانة بغيرها.
وتنكمش حبيبة في فراشها مديرة ظهرها للموجودين في الغرفة، وكأنها أرادت أن تتوارى عن الأنظار هربا من المصورين الذين يتجولون طوال اليوم لالتقاط الصور دون استئذان بالطبع وعندما توافق على تصويرها فإنها تبدأ بارتداء حجابها لإخفاء ضفائرها وقرطها، والأهم من ذلك أن تغطي صدرها العاري لأنها لا تستطيع ارتداء سترة بسبب الجبيرة الموضوعة على ذراعها.
أرسل تعليقك