ترامب يعلن فرض تعريفات جمركية جديدة على الواردات من كندا والمكسيك والصين مع تهديد بزيادة الرسوم التجارية على الاتحاد الأوروبي

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، مضى الرئيس الأمريكي قدمًا في قراره الصارم بفرض رسوم جمركية على البضائع الواردة من كندا والمكسيك والصين، مؤكدًا أنه لا يمكن لهذه الدول اتخاذ أي إجراءات لمنع تطبيق القرار الذي بدأ سريانه اليوم السبت. كما أعلن الرئيس الأمريكي عن فرض ضرائب جمركية على النفط المستورد، والذي كان مستثنى سابقًا، بنسبة 10% اعتبارًا من 18 فبراير/ شباط.

وقد كانت هذه الرسوم الجمركية من بين الوعود الانتخابية التي تعهد بها الرئيس الأمريكي قبل توليه المنصب، حيث أكد أن أولويته ستكون تقليل العجز التجاري للولايات المتحدة مع الدول المجاورة والحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين ومكافحة تهريب مخدر الفنتانيل عبر الحدود. ووفقًا لهذا القرار، سيتم فرض ضرائب بنسبة 25% على الواردات القادمة من كندا والمكسيك، بينما ستخضع البضائع الصينية لتعريفة جمركية أقل بنسبة 10%.
ردود الفعل من كندا والمكسيك ومحاولات التفاوض

من جانبها، أعلنت كل من كندا والمكسيك أنهما ستتخذان إجراءات انتقامية لمواجهة الرسوم الأمريكية، في الوقت الذي تحاولان فيه طمأنة واشنطن بأنهما تعملان على ضبط حدودهما مع الولايات المتحدة لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات. وقد أفادت تقارير بأن كندا والمكسيك أعدتا قوائم بالمنتجات الأمريكية التي قد تخضع لتعريفات جمركية مضادة، حيث يمكن لكندا أن تفرض قيودًا على صادرات النفط والكهرباء إلى الولايات المتحدة، بينما قد تلجأ المكسيك إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الصين، الخصم التجاري الرئيسي للولايات المتحدة.

وتعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على هذه الدول الثلاث في تجارتها، حيث تمثل كندا والمكسيك والصين حوالي 40% من إجمالي السلع المستوردة إلى السوق الأمريكي. وقد بلغت قيمة السلع والخدمات التي اشترتها كندا والمكسيك من الولايات المتحدة في عام 2023 نحو 808 مليار دولار، بينما بلغت قيمة صادراتهما إلى الولايات المتحدة 1.01 تريليون دولار.
التأثيرات المحتملة على المستهلك والاقتصاد الأمريكي

من الناحية النظرية، تهدف التعريفات الجمركية إلى تقليل الاعتماد على المنتجات الأجنبية وتشجيع الاستهلاك المحلي، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. ومع ذلك، يرى خبراء الاقتصاد أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار داخل الولايات المتحدة، خاصة وأن القرار يشمل فرض ضرائب على النفط المستورد من كندا، مما قد ينعكس على تكاليف الوقود والطاقة، وبالتالي زيادة تكلفة المعيشة للمستهلكين الأمريكيين.

كما أبدت شركات السيارات والطاقة الأمريكية قلقها من هذه السياسات، حيث أفادت صحيفة نيويورك تايمز بأن بعض كبرى الشركات تضغط على البيت الأبيض لثنيه عن تنفيذ هذه الرسوم الجمركية، محذرة من أنها قد تؤثر سلبًا على الصناعة الأمريكية وتحد من قدرتها التنافسية.
تداعيات سياسية داخل كندا والمكسيك

يأتي هذا القرار في وقت حساس بالنسبة لكندا، حيث تشهد البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي بعد إعلان رئيس الوزراء جاستن ترودو استقالته، مما قد يؤدي إلى إضعاف قدرة الحكومة الكندية على التفاوض مع واشنطن بشأن هذه التعريفات. كما أن بعض المسؤولين الكنديين لم يستبعدوا فرض قيود على المنتجات الأمريكية ردًا على هذا القرار.

أما في المكسيك، فقد أعلنت الرئيسة كلوديا شينباوم أن حكومتها أعدت خططًا لمواجهة أي تأثيرات سلبية قد تنتج عن التعريفات الجديدة، مؤكدة أن المكسيك "تفعل كل ما في وسعها" لمنع تنفيذ الرسوم الجمركية.
التصعيد مع الصين والاتحاد الأوروبي

لم تقتصر سياسات الرسوم الجمركية على دول أمريكا الشمالية فقط، فقد أعلن الرئيس الأمريكي أيضًا أنه سيفرض رسومًا جمركية مستقبلية على الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن واشنطن لم تكن تحصل على صفقات تجارية عادلة في السابق. كما أعاد التهديد بفرض تعريفات جمركية مرتفعة على البضائع الصينية، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم.

وكانت الصين قد هددت باتخاذ إجراءات مضادة ضد الشركات الأمريكية العاملة في أراضيها، حيث تشير التقارير إلى أن بكين قد تستهدف الشركات العملاقة مثل تسلا وغيرها التي تعتمد على السوق الصينية بشكل كبير.
التوقعات المستقبلية واحتمالات نشوب حرب تجارية

يرى بعض المحللين أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى اندلاع حرب تجارية جديدة بين الولايات المتحدة والدول المتضررة، كما حدث خلال الولاية الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكي. وقد توقع معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن تؤدي هذه التعريفات إلى إبطاء النمو الاقتصادي الأمريكي وزيادة معدل التضخم، مما قد يضغط على مجلس الاحتياطي الفيدرالي لإعادة النظر في سياسات الفائدة لمواجهة تداعيات القرار.

في ظل هذا التصعيد، لا تزال الأسواق العالمية تترقب الخطوات القادمة من جميع الأطراف، إذ يبقى السؤال الأهم هو: هل ستؤدي هذه السياسات إلى تحقيق أهدافها الاقتصادية المعلنة، أم أنها ستشعل فتيل أزمة تجارية عالمية جديدة؟