جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس تمسكه بإقامة السلام عبر المفاوضات، لكن عبر آلية دولية تحت مظلة الأمم المتحدة، وليس الولايات المتحدة الأميركية.
وقال عباس أمام القمة العادية الـ30 للاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا: «إن تمسكنا بخيار السلام، هو خيار نسعى لتحقيقه منذ عقود، غير أن قرار الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب المتعلق بالقدس، قد جعل الولايات المتحدة طرفاً منحازاً لإسرائيل، وبذلك تكون استبعدت نفسها كوسيط في عملية السلام؛ لأنها لن تكون قادرة على أن تقترح حلاً عادلاً ومنصفاً لتحقيق السلام في الشرق الأوسط».
وأضاف عباس: «إن متابعة جهود السلام تتطلب إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة، وندعو لأن يكون للاتحاد الأفريقي، ودوله الأعضاء ممثلون لهم في هذه الآلية أو في المؤتمر الدولي الذي ندعو لتنظيمه وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبدأ حل الدولتين على حدود 1967، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وبما فيها القدس الشرقية، عاصمة دولتنا، التي نريدها مفتوحة لجميع أتباع الديانات السماوية، الإسلام والمسيحية واليهودية، ليمارسوا شعائرهم وصلواتهم فيها بأمن وسلام؛ الأمر الذي سيتيح الفرصة لكل من فلسطين وإسرائيل لتعيشا في أمن واستقرار وحسن جوار».
وطالب عباس من الدول الأفريقية «الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس، عملاً بقرار مجلس الأمن 478 لعام 1980، وعدم الاعتراف بأي إجراءات أو تدابير مخالفة لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس والقضية الفلسطينية». مردفاً: «مدينة القدس المحتلة، تتعرض من قِبل إسرائيل دولة الاحتلال، لهجمة شرسة تهدف لتغيير هويتها الروحية، وطابعها، ومكانتها التاريخية، والعبث بمقدساتها المسيحية والإسلامية، إضافة إلى إصدارها قوانين كثيرة تكرس ضم القدس الشرقية، والاستيلاء عليها بقرار أحادي، واتخاذ قرارات مخالفة للقانون الدولي تحت مسمى القدس الموحدة».
وأشاد عباس «بالجهود الأفريقية والتنسيق القائم فيما بين دولكم لمكافحة الإرهاب والتطرف» وقال إنه يدين التطرف أياً كان مصدره وشكله.
وتابع: «في هذا الصدد نعمل مع العشرات من دول العالم لمكافحة الإرهاب، ومنها بعض دولكم الصديقة، إضافة إلى جاهزيتنا للشراكة مع القارة الأفريقية في برنامج التنمية، ولعقد اتفاقات تعاون وتبادل الخبرات في مجالات الصحة والزراعة والطاقة والإدارة العامة والتعاون بين رجال الأعمال من خلال الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي».
وجاء حديث عباس بعد يوم من إعلانه وفاة اتفاق أوسلو الذي أنشئت بموجبه السلطة الفلسطينية، مؤكداً رغبته في العودة إلى مفاوضات، لكن ليس عبر الولايات المتحدة، متهماً إياه بالتركيز على معاقبة الفلسطينيين.
وناقش عباس في بروكسل مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي إطار عمل دولي متعدد، مكوناً من 5 أو 7 دول تدخل في صلب عملية سياسية مع الفلسطينيين والإسرائيليين على غرار «5 زائد 1» التي وضعت اتفاق النووي الإيراني.
وكان من بين الاقتراحات، إضافة أعضاء دول إلى جانب الرباعية الدولية لتصبح قادرة على إدارة عملية سياسية جديدة، وتتشكل الرباعية الحالية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة.
وحذر صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، من أن تمسك ترمب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة أميركا من تل أبيب إلى القدس والقول إنه تم إسقاط ملف القدس من المفاوضات، سيعتبر وصفة لتوسيع دائرة العنف والفوضى والتطرف وإراقة الدماء ليس فقط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط.
وقال عريقات: إن المدخل لإحلال السلام في المنطقة هو الاعتراف بفلسطين، مضيفاً: «المدخل الوحيد لإرساء دعائم السلام الشامل والعادل والدائم في المنطقة يتطلب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتكريس استقلال وسيادة دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل».
وأطلق الفلسطينيون حملة من أجل جلب مزيد من الاعترافات بفلسطين كجزء من الردود على قرار ترمب بشأن القدس.
وتعمل وزارة الخارجية وسفراء ومبعوثون من عباس على إقناع الدول التي لم تعترف بفلسطين، بضرورة الاعتراف.
وبذل عباس شخصياً دوراً كهذا عندما التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزراء خارجية دول أوروبية كذلك. وتأمل السلطة أن تقوم دول بحجم فرنسا أو بريطانيا ودول أوروبية بالاعتراف بفلسطين في هذا الوقت؛ لما لذلك من معانٍ ورسائل خاصة.
وثمة جهد مركز على فرنسا، وسلوفينيا، ولوكسمبورغ، وآيرلندا والبرتغال، وبلجيكا، وإسبانيا، واليابان؛ من أجل الاعتراف بفلسطين.
وقال مستشار الرئيس للعلاقات الدولية والشؤون الخارجية نبيل شعث، إنه سيطلب من اليابان «الاعتراف بدولة فلسطين، وأن تكون جزءاً من الإطار الدولي متعدد الأقطاب للإشراف على عملية السلام، إضافة إلى تقديم دعم إضافي لوكالة (أونروا) بعد خفض التمويل الأميركي».
وقال شعث في بيان صحافي صادر عن مكتبه برام الله: «إن هذه الخطوة تأتي في إطار الحراك الدولي في هذه المرحلة، رداً على إعلان الرئيس الأميركي ترمب القدس عاصمة لدولة الاحتلال».
ويلتقي شعث الذي يصل اليابان اليوم، مبعوثاً للرئيس محمود عباس، رئيس الوزراء ووزيري الخارجية والتعاون الدولي وأعضاء البرلمان وممثلي جمعيات الصداقة اليابانية مع فلسطين؛ بهدف تقوية العلاقات الثنائية ومطالبتها الاعتراف بفلسطين ومشاركتها في الإطار الدولي للسلام، مشيراً إلى مواقفها الإيجابية تجاه القضية الفلسطينية. وسيتوجه شعث بعد ذلك إلى كوريا الجنوبية، حيث يلتقي وزير الخارجية؛ لبحث موضوع الاعتراف بفلسطين ودعم العلاقات الثنائية وتعزيز الدعم المالي والسياسي للقضية الفلسطينية.
أرسل تعليقك