تصاعد الضغط على القوى الكبرى لمنع سقوط مدينة عين العرب السورية (كوباني بالكردية) التي انسحب مقاتلو تنظيم "الدولة الاسلامية" الاربعاء من بعض احيائها بعد الضربات الجوية التي شنها التحالف الدولي.
والوضع في ثالث مدينة كردية في سوريا الذي وصفته واشنطن بانه "فظيع" تسبب باضطرابات في مدن تركية حيث قتل 14 شخصا في مواجهات بين قوى الامن ومتظاهرين اكراد كانوا ينددون بعدم تحرك انقرة ضد الجهاديين.
ودعا موفد الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الى "التحرك فورا" لانقاذ المدينة من الجهاديين. وقال من جنيف ان "العالم، وجميعنا، سنشعر باسف شديد اذا تمكنت الدولة الاسلامية من السيطرة على مدينة تدافع عن نفسها بشجاعة لكنها باتت اقرب الى العجز عن مواصلة القيام بذلك. يجب التحرك الان".
وتمكن تنظيم "الدولة الاسلامية" مساء الاثنين من دخول كوباني التي يتقدم نحوها منذ اكثر من ثلاثة اسابيع، بعد معارك ضارية مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية. وسيطر على ثلاثة احياء في شرق المدينة وتمركز على بعض الاطراف الجنوبية والجنوبية الغربية قبل ان يتمكن المقاتلون الاكراد من صده، ما اجبره على التراجع بعض الشيء.
وقال المسؤول المحلي ادريس محسن لوكالة فرانس برس ان "الوضع تغير منذ الامس. وحدات حماية الشعب الكردي صدت قوات تنظيم الدولة الاسلامية" مضيفا ان الضربات الجوية "كانت مفيدة".
من جهته، قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "انسحب مقاتلو تنظيم الدولة الاسلامية ليلا من مناطق عدة في شرق مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) ومن الاطراف الجنوبية الغربية".
واوضح ان الانسحاب جاء بعد استهداف "مواقعهم الخلفية بالغارات ما خلف خسائر بشرية في صفوفهم كما تأكدت اصابة اربع عربات على الاقل للتنظيم".
ويفترض ان يلتقي الرئيس الاميركي باراك اوباما الاربعاء قادة القوات المسلحة وان يستعرض نتيجة الضربات الجوية التي يشنها الجيش الاميركي والحلفاء في العراق وسوريا.
وكانت اصوات قذائف الهاون والنيران تسمع من الحدود التركية صباح الاربعاء بحسب صحافيي وكالة فرانس برس في المكان.
وذكر الصحافي والناشط مصطفى عبدي من كوباني على صفحته على موقع "فيسبوك" صباح اليوم ان "جثث قتلى داعش تملأ شوارع حي مقتلة جنوب شرق كوباني". واشار من جهة ثانية الى استمرار وجود "المئات من العائلات وكبار السن" في كوباني، والى ان "الاوضاع الانسانية صعبة، والاهالي بحاجة الى مواد غذائية وماء".
وبدأ تنظيم "الدولة الاسلامية" هجومه في اتجاه كوباني في 16 ايلول/سبتمبر، وسيطر على منطقة واسعة في محيطها، حتى فرض عليها حصارا من ثلاث جهات، بينما تحدها تركيا من الجهة الرابعة. وقتل في المعارك اكثر من 400 شخص غالبيتهم من المقاتلين من الطرفين، بحسب المرصد السوري. كما نزح اكثر من 300 الف شخص.
ومن الصعب تحديد عدد المدنيين الذين لا يزالون في المدينة. وكان عدد سكان كوباني قبل بدء النزاع السوري يناهز الخمسين الفا، لكنه تضخم بعشرات الالوف الاخرى مع موجة النزوح اليها من مناطق سورية اخرى.
وليلا قال ادريس محسن ان 350 مدنيا غادروا الى تركيا لكن اجهزة الاستخبارات التركية اوقفتهم للاشتباه بعلاقتهم بحزب العمال الكردستاني.
وهؤلاء المدنيون محتجزون حاليا في مبنيين في بلدية تقع على الحدود وسينقلون الى سجون مدينتي دياربكر وشانلي اورفا.
واضاف المسؤول الكردي انه "اذا لم يتم الافراج عنهم فسيحرقون انفسهم" موضحا انهم اضرموا النيران ليلا باغطية الاسرة.
ونفذت طائرات التحالف الدولي الاربعاء غارة على هدف للتنظيم في محيط كوباني كما شنت ضربات الثلاثاء على مواقع التنظيم في محيط المدينة على دفعتين في الصباح وفي المساء. وبعد الغارات المسائية الثلاثاء، نفذ التنظيم انسحابه.
وحذر خبراء من ان الضربات الجوية ولو انها ساعدت المقاتلين الاكراد على استعادة مواقع من الجهاديين، الا انها غير كافية لانقاذ المدينة. وقالوا ان تدخلا بريا، عربيا او تركيا بعدما استبعدت واشنطن ارسال قوات، هو الوحيد القادر على تغيير مسار الامور فعليا.
ودعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء الى شن عملية عسكرية برية ضد الجهاديين لكن الشكوك لا تزال تحيط باحتمال نشر قوات تركية على الارض.
وتساءل مصدر حكومي فرنسي "هل تعتقدون ان ذلك في مصلحتهم؟" مشيرا الى نزاع انقرة مع الاقلية الكردية لديها.
لكن هذا قد يكون الحل الوحيد لتهدئة اكراد تركيا الذين نزلوا بكثافة الى الشارع منذ الاثنين بدعوة من ابرز حزب سياسي كردي. وقتل 14 شخصا خلال هذه التجمعات التي قمعت بالقوة.
أرسل تعليقك