البرتغالي كريستيانو رونالدو

منذ 2008 يتناوب كل من كريستيانو رونالدو، وغريمه ليونيل ميسي، على جائزة أفضل لاعب في العالم، فما الذي يميزهما عن باقي اللاعبين؟ وإلى متى سيستمران في التربع على عرش الأفضل كروياً على الصعيد العالمي؟ وبدأت المنافسة المحتدمة بين اللاعبين منذ 2008، حيث احتكرا الكرة الذهبية التي تقدم لأفضل لاعب في العالم.

وبلغة الأرقام يتساوى ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، في الفوز خمس مرات لكل منهما بجائزة الأفضل في العالم. وبحسب المراقبين يتمتع نجم "البلوغرانا"، ليونيل ميسي، بقدم يُسرى ساحرة تتيح له إمكانية التلاعب بدفاعات الخصوم، وتسجيل الأهداف من أنصاف الفرص ومن وضعيات مختلفة بالقدم والرأس والركلات الحرة، وكذلك ضربات الجزاء، وهو ما يراه البعض نتاجا لموهبة ميسي الفطرية.

بيد أن هذه "الفرضية" قد تكون صحيحة نسبياً، فبعد رحيل مدرب برشلونة السابق بيب جورديولا أثبت ميسي قدرته على التطور مع مدربين أقل كفاءة من بيب، من خلال التمركز الجيد على المستطيل الأخضر، وضبط الإيقاع والتمرير والتكيف مع أدوار تكتيكية مختلفة، بالإضافة إلى الثبات في المستوى .

وأما رونالد الهداف التاريخي للميرنجي، فهو الآخر يتمتع بالعديد من مزايا ميسي، غير أن ما قد يُميزه نوعاً ما عن هذا الأخير هو العمل الشاق الذي يقوم به باستمرار. ففي 2012 خصصت قناة "سكاي سبورت" البريطانية فيلما وثائقياً، هو الأول من نوعه في العالم، بهدف تحديد مكامن قوة رونالدو.

وتوصل الخبراء إلى أن كريستيانو لاعب يتمتع بسرعة عداء، إذ يركض في كل مباراة بمعدل 10 كيلومترات، ويمتلك قدرة خارقة على القفز ولعب الكرة من مسافات بعيدة بدقة عالية، وسرعة المراوغة، بالإضافة إلى قدرته على توقع المكان الصحيح للكرة وإحراز الأهداف.

ويرفض كلا اللاعبين الخسارة، حيث يتمتعان بعقلية الفوز، هذا على الأقل ما أوضحته صور الكاميرا لهما في العديد من المناسبات الكروية. ففي 2004 شاهد العالم كيف ذرف الشاب البرتغالي رونالدو الدموع بعد خسارة منتخب بلاده نهائي كأس أوروبا أمام الحصان الأسود للبطولة اليونان بهدف دون رد، أما ميسي فقد بكى كثيراً بعدما أهدر ضربة جزاء في نهائي كوبا أميركا 2016 أمام تشيلي التي تُوجت باللقب آنذاك.

إذن، فعقلية الفوز هذه والتنافس المحموم بينهما هو ما يدفع ميسي ورونالدو لتقديم الأفضل ومواصلة التربع على القمة حيث يكمل كل منهما الآخر، بل حتى رونالدو نفسه اعترف بذلك على هامش مشاركته في حفل جوائز الفيفا السنة الماضية، حين قال إن ميسي ساعده كثيراً للوصول إلى ما هو عليه الآن.

ويتمتع ميسي ورونالدو بسجل تهديفي "خرافي" فهما اللاعبان الوحيدان في العالم اللذان يسجلان كل سنة أكثر من 50 هدفاً في المسابقات المحلية والقارية، حيث احتكرا على مدى السنوات الماضية جائزة الحذاء الذهبي، ولا يبدو أنهما سيتوقفان عن هوايتهما المفضلة في هز الشباك.

ورغم حصد ميسي ورونالدو كل الألقاب الممكنة مع برشلونة ومدريد، ما يزالان يطمحان إلى تحقيق المزيد، وهذا ما تعكسه تصريحاتهما المستمرة بأهمية التتويج بكل الألقاب الممكنة، ومواصلة كتابة التاريخ. كما أن بلوغهما سن الثلاثين لم يؤثر كثيراً على الأداء الذي يقدمانه على مدى الموسم، بل على العكس يثبت اللاعبان مراراً وتكراراً أن السن يبقى مجرد رقم.

ومن المعروف كروياً أن هذه المرحلة هي الأفضل بالنسبة لأي لاعب كرة قدم، إذ يصل إلى مرحلة النضج الفني والتكتيكي ويكتسب خبرة كبيرة. فرونالدو مثلاً كما أشارت له جريدة "الإندبندنت" البريطانية، لا ينام كالكثير من اللاعبين 8 ساعات متصلة كباقي الناس، بل خمس مرات في اليوم وعلى فترات متقطعة تبلغ مدة كل واحدة منها تسعين دقيقة، وذلك بهدف الحفاظ على مستواه المعهود في آخر مراحله العمرية كلاعب كرة قدم.

ومما لا شك فيه أنه رونالدو وميسي سيستمران في التربع على القمة ، لغياب وجود لاعب يتمتع بنفس جودتهما، فحتى البرازيلي نيمار فهم أنه من الصعب الحصول على الكرة الذهبية، في ظل تواجد ميسي ورونالدو، وهذا ما صرح به أيضاً والده ووكيل أعماله نيمار سانتوس في نفس الوقت، بعدما وقع لفريق العاصمة الباريسي بمبلغ خرافي. كما أن اللاعب الويلزي جاريث بيل تعرض إلى الآن إلى 17 إصابة منذ التحاقه بمدريد، ويبدو صعباً إزاحته لرونالدو كما سبق وكتبت جريدة "الماركا" الإسبانية.

وأما نجم باريس سان جرمان الصاعد مبابي لا زال يحتاج للوقت من أجل التطور واكتساب الخبرة اللازمة، في حين لازال مستوى بعض اللاعبين متذبذبا، ويفتقر إلى الثبات على غرار هازارد وكوتينيو وهاري كين. والأكيد أن الإجابة عن سؤال متى سيقود لاعب آخر قاطرة أفضل لاعب في العالم عوض ميسي ورونالدو ستجيب عنه السنوات المقبلة، لكن، مما لا شك فيه هو أن ثنائية ميسي ورونالدو من الصعب أن تتكرر مرة ثانية.