الرئيس الأميركي دونالد ترامب

يظنّ الجميع أنّ كل ما يحتاج إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في القمة المرتقبة غرفة بها طاولة وبعض الكراسي، ولكن الواقع غير ذلك، فلتحديد مصير مستقبل كوريا الشمالية النووي توجد تفاصيل لا حصر لها وغير محددة، والتي غالبا ما تميّز المفاوضات الدبلوماسية الصعبة.

الأمن أولوية الجانبين والبلد المُضيف

وصلت وفود من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية إلى سنغافورة لوضع اللوجيستيات الخاصة بمفاوضات 12 يونيو/ حزيران، حتى قبل أن يعلن ترامب عودة القمة بعد إلغائها، وسيتفاوض الجانبان على كل شيء بداية من موقع الاجتماع وصولا إلى أي زعيم سيجلس على الطاولة، ومن سيكون في الغرفة معهم، وعدد الوجبات، وفترات الراحة، وما هو المشروب الذي سيكون نخب الانتصار، إذ إنّ ترامب لا يشرب الكحول، وما هي الهدايا التي يمكن تبادلها، ومن الذي سيدفع المال مقابل ماذا.

وستكون الأولية القصوى لكلا الجانبين هي بالتأكيد الأمن، وبوصفها البلد المضيف، ستكون سنغافورة مسؤولة عن ضمان أمن الطرق والمرافق العامة الأخرى، كما أن الولايات المتحدة وكوريا الشمالية ستشرفان على سلامة قادتهم.

ويُرافق الرئيس الأميركي حين يقوم بأي رحلة دولية، موظفي الخدمة السرية، بجانب سيارات الليموزين وطائرات الهليكوبتر، وعربات الحماية الأخرى، أما كيم فهو قليل السفر إلى الخارج، وستكون سنغافوة هي أبعد بلد سيزورها منذ توليه الحكم في عام 2011.

ترامب يكتسب اليد العليا في سنغافورة
ويعد عقد زعيمين لقمة في دولة ثالثة غير معتاد، ولكن يعتقد المحللون الدبلوماسيون بأنّ عقد القمة في سنغافورة يمنح ترامب اليد العليا، وفي هذا السياق، قال إيفانز ريفر، دبلوماسي سابق في وزارة الخارجية ومتخصص في شؤون شرق آسيا "ربما يشعر السيد كيم بمزيد من عدم الارتياح، كلما ابتعد عن شبه الجزيرة الكورية، وهذه ميزة تخدم السيد ترامب".
ولم يعلن المسؤولون بعدُ عن مكان انعقاد الاجتماع التاريخي في سنغافورة، لكن حظي فندق شانغريلا بتفضيل الرؤساء الأميركيين السابقين كمكان للإقامة، في حين اقترح مسؤول سنغافوري سابق أن الاجتماع بين السيد ترامب والسيد كيم كان من المرجّح أن يعقد في منتجع جزيرة سنتوسا، قبالة الطرف الجنوبي من سنغافورة.

خلاف بشأن تكاليف إقامة وفد كوريا الشمالية
واقترح مسؤول سنغافوري آخر عقد سلسلة مِن الاجتماعات في أماكن مختلفة، وذَكَرَت صحيفة "واشنطن "بوست الأميركية أن جو هاين، رئيس أركان البيت الأبيض، كان يساوم مجموعة من البيروقراطيين الكوريين الشماليين، بقيادة كيم تشانغ سون، مدير أمانة لجنة الشؤون العامة في كوريا الشمالية، بشأن من سيدفع ثم إقامة السيد كيم وحاشيته، ومن المعروف أن بيونغ يانغ تحث حكومات أخرى على دفع مصاريفها حين يسافر مسؤولها إلى الخارج، وهذا ما حدث في فبراير/ شباط الماضي، حين سافر الوفد الكوري الشمالي لحضور الأولمبياد الشتوية في كوريا الجنوبية، وتكلفت سيول بإقامة الوفد، وكانت تكلفته 225 ألف دولار، ودفعت مبلغًا إضافيًا 121 ألف دولار.

وأكد وزير الدفاع السنغافوري أن بلاده مستعدة لدفع مصاريف بيونغ يانغ، كمساهمة في هذه القمة التاريخية.

من جانبها، قالت ويندي شيرمان، دبلوماسية أميركية سابقة رافقت وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت إلى بيونغ يانغ في عام 2000؛ للقاء والد كيم، كيم جونغ إيل "سنحاول إضافة بعض الخطوات للحصول على الفائدة".

تحديد أماكن الجلوس وماذا تعني
ولفت مسؤول ياباني حضر محادثات سابقة بين مسؤولين يابانيين وكوريين شماليين، إلى أن الشخص صاحب المركز الأعلى يجلس أبعد ما يكون عن الباب، والحل في وضع كيم وترامب هو اختيار غرفة ذات مدخلين.

وعند التحدث عن المداخل، سيتحقق مخططو الاجتماع من وجود أقفال على الباب مسبقًا، ففي عام 2005، عندما التقى الرئيس جورج دبليو بوش، الرئيس جو هينتاو في بطين، أطلع بوش الصحافيين في الغرفة على ما حدث، وحين حاول الخروج وجد الباب مغلقا، كما أن التفاصيل الخاصة بعدد الخطوات التي يجب على كل قائد اتخاذها قبل التوقف أمام الكاميرات سيتم تخطيطها بدقة.

وفي ما يخصّ التقاط الصور، سيتفاوض الجانبان على ما إذا كانت وسائل الإعلام لكلا البلدين ستظهر أي صور رسمية من الاجتماع، حيث قال ميتوغي يابوناكا، دبلوماسي ونائب وزير سابق في وزارة الخارجية اليابانية "هل سيعترفون بكوريا الشمالية رسميا كدولة؟"، موضحا أهمية وجود العلم الكوري الشمالي في المحادثات.

الشماليون يتراجعون دائمًا

وتوضّح السيدة شيرمان "خلال رحلة السيدة ألولبرايت إلى بيونغ يانغ في عام 2000، كان المسؤولون الكوريون الشماليون غير قادرين على الالتزام بأوقات وأماكن محددة، ولم نكتشف أين ومتى ستلتقي الوزيرة أولبرايت، كيم جونغ إيل حتى وصولها".

وقال دبلوماسيون اجتمعوا سابقا مع مسؤولين كوريين شماليين إن الكوريين الشماليين يمكن أن يحبطوا خططا جيدة من خلال رفض المشاركة أو تغيير نبرتهم.

ولفت تاكيو هارادا، دبلوماسي ياباني سابق كان كبير موظفي وزارة الخارجية، عندما زار رئيس الوزراء جونيتشيرو كويزومي، بيونغ يانغ "على الدبلوماسيين الأميركيين توخي الحذر، فعلى الرغم من كون الكوريين ودوديين أثناء المحادثات التحضرية، فأنت لا تعرف أبدا كيف سيتصرفون في اللحظة الأخيرة، خلال اللقاء بين ترامب وكيم جونغ أون".