صحيفة "معاريف"

ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية الثلاثاء أن الاشتباكات العنيفة التي وقعت بين اليهود الأثيوبيين والشرطة الإسرائيلية؛ الاثنين أثارت ردود فعل أعضاء الكنيست والسياسيين، موضحة أن رئيس الوزراء التقى مع ممثلين عن الأثيوبيين لمناقشة مشكلاتهم.

وشارك أعضاء كنيست وسياسيون، حضر بعضهم المظاهرة، الإثيوبيين في مشاعرهم في صفحاتهم على "الفيس بوك" عقب الاشتباكات العنيفة التي مساء الأحد وصباح الاثنين.

وكتب عضو الكنيست من القائمة المشتركة أحمد الطيبي الاثنين على صفحته: "إن حلم كل متظاهر عربي اليوم، أن يكون إثيوبياً لفترة قصيرة؛ لأنهم أغلقوا طريق الأيالون، وألقوا الحجارة ورغم هذا مازالوا على قيد الحياة، فلا يوجد قناصة، ولا قتلى وهذا أمر جيد".

وأضاف: "أنا بالطبع ضد عنف الشرطة ضد أبناء الطائفة الإثيوبية، ولكن قبل ذلك أنا ضد العنف اليومي القاتل ضد العرب، ولكن الشرطي العنيف الذي لا يُحاكم؛ لأنه استخدام العنف ضد متظاهر عربي، نهايته أن يكون عنيفاً ضد الجميع، فكفانا عنصرية".

وكانت الشرارة عبارة لقطات فيديو عمرها أسبوع تظهر اثنين من رجال الشرطة الإسرائيلية وهما يلكمان ويضربان ويحاولان اعتقال جنديا إسرائيليا من أصل أثيوبي فيما بدا انه هجوم لم ينشب نتيجة لاستفزاز.

ويستغرق هذا التسجيل المصور دقيقتين الذي هو الأحدث في سلسلة حوادث أثارت تساؤلات مزعجة بشأن معاملة إسرائيل للأقليات العرقية وجهودها لتكامل القادمين الجدد في المجتمع الأوسع سواء كانوا من اليهود أو غير اليهود.

واجتمع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاثنين مع الجندي داماس فاكادا في مكتبه في القدس وعانقه، وقال في حسابه على موقع "تويتر": "صدمت نتيجة للقطات الفيديو، لا يمكننا قبول هذا وسنغيره".

وسلط بعض المعلقين الضوء على العنصرية الكامنة في بلد استوعب ملايين المهاجرين خلال الستين عاما الماضية لكنه ما زال يعاني من مخاوف بشأن الخلافات بين يهود شرق أوروبا والشرق الأوسط والعلاقات مع الأقلية العربية الكبيرة وكيفية التعامل مع وصول مزيد من يهود أفريقيا.

وأوضح مدير جماعة تيبيكا فنتاهون أسيفا-داويت وهي جماعة دعوة باسم الإسرائيليين من أصل أثيوبي الذين يبلغ عددهم نحو 130 ألفا ولد كثيرون منهم في إسرائيل: "توجد مشكلة .. توجد قضايا تمييز وتوجد عنصرية في إسرائيل".

وأضاف قبل لحظات من الموعد المقرر للاجتماع مع نتنياهو: "نريد ان يتولى رئيس الوزراء هذا الأمر بنفسه، نحثه ونطالبه على وضع نهاية لهذه الأمور".

وفي الفترة التي سبقت الانتخابات الإسرائيلية في آذار مارس/ والأسابيع التي انقضت منذ أن كانت هناك سلسلة حوادث عنف، أذكت تعليقات السياسيين واقتراحات الشرطة مخاوف من أن البلاد تعاني من مشكلة عنصرية، ولا يتعلق الأمر فحسب بالسكان العرب الذين يمثلون 20 في المائة من السكان وإنما بأقليات الجماعات اليهودية أيضا.

وفي الأسبوع الماضي بيّن يهودي اثيوبي أنه تعرض للضرب من جانب مفتشي سلطات الهجرة والسكان في إسرائيل لأنهم اعتقدوا أنه مهاجر من السودان أو من أريتريا، وأوضحت سلطات الهجرة أن الرجل هاجم المفتشين أولا.

وأوضح نتنياهو في يوم الانتخابات في 17 آذار مارس / وخوفا من أن يخسر أن الناخبين العرب يخرجون بأعداد كبيرة، وهي تعليقات أهانت السكان من عرب إسرائيل واجتذبت اتهامات بالعنصرية، واعتذر رئيس الوزراء في وقت لاحق.

وتهدد إسرائيل على مدى أشهر عدة بسجن آلاف المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين إذا لم يوافقوا على ترحيلهم إلى بلد ثالث في إفريقيا رغم تعبير المحكمة العليا عن تحفظات بالغة بشأن هذه السياسة.

وأكد مسؤولون إسرائيليون في التسعينات أن الدماء التي تبرع بها الإسرائيليون الأثيوبيون تم التخلص منها خوفا من أن تكون مصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب "إتش.آي.في" وأمراض أخرى.

وصرح المعلق السياسي البارز ناحوم بارنياع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاثنين: "كراهية الآخر أو أي شخص ينظر إليه على انه الآخر ليست متأصلة بعمق فحسب وإنما تلقى تشجيعا من سياسيين عشية الانتخابات".

وأضاف كاتب العمود في صحيفة "معاريف" بن كاسبت أن الأمر ليس متروكا لنتنياهو ليقرر الكيفية التي يعامل بها الأثيوبيون وإنما لكل الإسرائيليين لكي يستيقظوا ويتعاملوا مع هذا الأمر.

وأوضح أن الأشخاص الذين يوجه إليهم اللوم في أن هذه الأشياء المرعبة التي أجبر أفراد هذه الطائفة الرائعة على أن يشهدوها يوميا هو هم.

وتابع: "إن بيننا من يتعامل بأنفة عندما تدخل أسرة أثيوبية الحي وأولئك الذين بيننا الذين لا يرضون عن رؤية أطفال أثيوبيين في حجرات الدراسة التي بها أطفالهم".

وتم إحضار نحو 20000 يهودي أثيوبي إلى إسرائيل في رحلات جوية سرية في أواسط الثمانينات وأوائل التسعينات.

وبذل أوائل الذين جاءوا إلى إسرائيل جهودا كبيرة للاندماج في المجتمع، ويخدم كثير منهم في وحدات النخبة بالجيش بامتياز. وفازت امرأة أثيوبية في مسابقة ملكة جمال إسرائيل في الآونة الأخيرة، لكن بعد الخدمة العسكرية الإجبارية، القبول في قوة العمل ثبت أنه يحتاج لنضال أكثر من جانب كثيرين.

وأوضح أسيفا-داويت من جماعة تيبيكا أنه عندما يقدم أثيوبي طلبا لشغل وظيفة رغم انه مؤهل ولائق فانه لن يطلب منه إجراء مقابلة لأن له اسم أثيوبي في السيرة الذاتية.

وأضاف: "إسرائيل بلدنا ، لا يوجد (نحن) و (هم) هذا هو بيتنا، المجتمع يصرخ لكي تحل الحكومة هذا الأمر".

ولم تتوقّف العنصرية الإسرائيلية تجاه المواطنين من أصول أثيوبية على التعامل العنصري من قبل الشرطة، فعلى الرغم من أن لجنة التبرّع بالدم في الكنيست سمحت للأثيوبيين بالتبرّع بالدم، إلا أن وزارة الصحة أرجأت منحهم حق التبرّع بصورة متعمدة.

وجاء قرار تشكيل لجنة خاصة في الكنيست تبحث السماح للمواطنين الأثيوبيين بالتبرّع بالدم، بعد أن حاولت عضو الكنيست من أصل أثيوبي بنينا تمنو، التبرّع بالدم وتم رفضها وعدم السماح لها بالتبرّع.

وأمرت وزيرة الصحة حينها ياعيل غيرمان، بتشكيل اللجنة المذكورة لبحث السماح للمواطنين من أصول شرقية ومثلييّ الجنس بالتبرّع بالدم.

وعقّبت وزارة الصحة على التأجيل بالقول: "إن الجهات التي تبحث الموضوع لم تتفق حتى اللحظة على كل النقاط، وبالتالي تم تأجيل البث في الموضوع حتى انتهاء المداولات كاملة".

ووافق أعضاء اللجنة على منح المواطنين من أصول أثيوبية ومثليي الجنس التبرّع بالدم، إلّا أن مداولات اللجنة توقفت منذ الخميس الماضي بذريعة العمل على اتفاق أوسع.

واتفقت اللجنة والوزارة على أن يتم السماح للأثيوبيين الذين ولدوا في إسرائيل، والأثيوبيين الذين زاروا أثيوبيا لمدة أسابيع معدودة بالتبرّع بالدم.

وكانت قضية التبرّعات بالدم من قبل الأثيوبيين انتشرت قبل حوالي 20 عاماً، وأحدثت ضجة كبيرة، إذ تبيّن حينها أن وجبات الدم التي يتم التبرّع بها من قبل الأثيوبيين يتم إتلافها في بنك الدم خوفاً من فيروس "الإيدز"، وأظهرت تحاليل أجريت على آلاف وجبات الدم في حينه أن غالبيتها العظمى كانت وجبة دم سليمة وخالية من الفيروس.