الرئيس الفلسطيني محمود عباس

أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء الخميس، أنّ الشعب الفلسطيني لن يركع، ولن يستسلم مهما بلغت التضحيات، موضحًا أنّ القرارات المصيرية ستخضع لاستفتاء

وبيّن الرئيس في خطاب وجهه، بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين، لانطلاقة الثورة الفلسطينية، أنهم طلاب حق وعدل وسلام، وأنّ السلام والأمن والاستقرار في فلسطين والمنطقة، بل في العالم لن يتحقق أي منها إلا إذا تم الاعتراف بحقوق شعبهم، وحل قضيته حلًا عادلًا، عبر إنهاء الإحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967، وزوال الاستيطان، وتفكيك جدار العزل، والفصل العنصري، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194، وإطلاق سراح جميع أسراهم المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وعلى نحو يفضي إلى استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكد أنهم عزمهم على تحقيق المصالحة الوطنية، وتصميمهم على لم شمل شعبهم الفلسطيني، واستعادة وحدته الجغرافية، وماضون في توجهنا الصادق لتشكيل حكومة وحدة وطنية، على أساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، فالواقع الذي يعيشه شعبهم وقضيتهم، وخطورة المرحلة تفرض عليهم أن يكونوا جسدًا واحدًا يكرس الوحدة الوطنية عبر حكومة تتمثل فيها فصائل وفعاليات العمل الوطني الفلسطيني كافة، بهدف تعزيز صمود شعبهم، ومشاركة الجميع في تحمل المسؤوليات الوطنية.

وقال "لمن يراهنون على انهيار السلطة أو حلها، فهذا أمر غير مطروح، فهي واحدة من مكتسبات وإنجازات شعبنا على طريق إعادة بناء مؤسساتنا الوطنية على أساس سيادة القانون، وتكريس الهوية الوطنية، وتحقيق الاستقلال".

وكشف الرئيس أنّ إقامة السلطة الوطنية هو إنجاز من إنجازات شعبهم، مُضيفًا "لمن يراهنون على انهيار السلطة أو حلها، فهذا أمر غير مطروح، فهي واحدة من مكتسبات وإنجازات شعبهم على طريق إعادة بناء مؤسساتهم الوطنية على أساس سيادة القانون، وتكريس الهوية الوطنية، وتحقيق الاستقلال".

وخاطب الرئيس الشعب الإسرائيلي: قائلًا: "حكومة بلادكم تُضللكم، وهي لا تُريد السلام لكم ولا لنا، وإنمّا تسعى بكل السبل لإطالة عمر إحتلالها واستيطانها لأرضهم، وهي تريد الأرض والأمن والسلام لها وحدها، وهذا أمر مستحيل القبول به، نعم لن نبقى وشعبنا تحت سطوة احتلالكم واستيطانكم، ولن نقبل باستمرار احتجازكم لجثامين شهدائنا، ولن نقبل استمرار اعتقالكم لأسرانا، فأخرجوا من حياتنا وأرضنا، وارفعوا أيديكم عن مقدساتنا المسيحية والاسلامية".

وقال للإسرائيليين" إنّ دباباتكم، ومدافعكم، وطائراتكم، وجدرانكم، واستيطانكم، كل ذلك لن يجلب لكم أي أمن أو سلام، وإنمّا اعترافكم بحقوق شعبنا، وبالظلم التاريخي الذي الحقتموه به، وإصلاح الضرر والإقرار بالحقوق، والتحلي بالشجاعة للقيام بذلك هو مايصنع السلام، فهل انتم مستعدون لذلك؟".

وشدد الرئيس على أنّ تحقيق السلام في منطقتهم، سيسحب الذرائع من المجموعات المُتطرفة التي تعمل باسم الدين، وتستخدم اسم فلسطين والقدس ذريعة لإرهابها، مُضيفًا أنهم على مشارف العام الجديد، قائلًا: "نُحيي شعبنا الفلسطيني الصامد الصابر في كل مكان، ونشيد بأبناء أمتنا العربية المجيدة، وأصدقائنا، أحرار العالم وشرفائه، الذين شاركونا نضالنا وكفاحنا، والذين دعمونا وتضامنوا معنا".

وبيّن قائلًا: "نُحيي اليوم، الذكرى الحادية والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المُعاصرة، انطلاقة أنبل الظواهر وأعظمها، حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، حركة الأحرار في وجه الإحتلال والذل والطغيان، حاملة راية الحرية والكرامة والصمود.

وتابع أنّ "هذا ما دفع ثلة طليعية من الميامين الفلسطينيين بقيادة الشهيد الرمز ياسر عرفات، بإبداع ثورة رائدة، لشعب جريح، رفعت شعار فلسطين لكل أبنائها، ولكل من يستطيع الدفاع عنها، فآمنت بحشد كل طاقات شعبنا وتوحيدها في سبيل فلسطين، وواصلت المسيرة وحققت انتصاراتها، وضربت الأمثلة النموذجية في المحافظة على استمراريتها، ومنعت كل محاولات التصفية والطمس، وتجلت في تعزيز مكانة منظمة التحرير الفلسطينية، مُمثلًا شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني، ما حافظ على كينونة شعبنا وهويته الوطنية".

وأوضح قائلًا: "بين النكبة والنكسة، ومنهما إلى اليوم، لا زال يجترح شعبنا ملحمة الصمود والنضال والمقاومة التي بقيت وستظل، دفاعًا عن هويته، وحقوقه العادلة والمشروعة،

وعن ثوابته الوطنية التي لم ولن نحيد عنها يومًا، مهما كان حجم التضحيات، فالحرية والسيادة والاستقلال على ترابنا الوطني هي أهداف نعمل على تحقيقها، ففلسطين الأرض الطاهرة المباركة، هي عهد الأجداد للآباء، وهي أمانة الآباء للأبناء والأحفاد، نحميها بالصدور والسواعد، وسنظل نحمل الراية والشعلة وفاءًا لهذا الإرث الذي لايضيع، ولن يضيع، والذي افتداه، ولا زال يفتديه شعبنا بعشرات الآلاف من الشهداء، والأسرى، والجرحى، والمعتقلين، من أجل حرية وطنهم وشعبهم.

وأشار قائلًا: "فلكم علينا يا شهداءنا الأبرار، ويا أسرانا البواسل، ويا جرحانا الأعزاء، أن نظل سويًا، شعبًا وقيادة، نحمي الحلم، وندافع عنه، ونتمسك بالعهد والقسم
وتابع الرئيس عباس، أنّ تحقيق السلام في منطقتنا، سيسحب الذرائع من المجموعات المُتطرفة التي تعمل باسم الدين، وتستخدم اسم فلسطين والقدس ذريعة لإرهابها.

ويرى الرئيس أنّ الهبة الشعبية الذي تشهدها بلادهم، هي رد فعل ناتج عن استمرار الإحتلال والاستيطان وامتهان للمقدسات، وغياب حل عادل لقضيتهم، بل وانسداد الأفق السياسي، وغياب الأمل في المستقبل، الأمر الذي يولد الإحباط لدى الشباب في انبثاق فجر جديد يشعرون فيه بالأمن والأمان، فالإحتلال يستبيح بسياساته القمعية كل شيئ، ويعمل على تعقيد حياة شعبهم، وجعلها جحيمًا لا يُطاق.

ورغم كل ذلك، فإنّ شعبهم لن يركع، ولن يستسلم، ولن يذل، وسينبعث من جديد، وسيعملون معًا على استكمال بناء مؤسسات دولتهم، وتطوير اقتصادهم، ومن ناحية أخرى، سيستمرون في خوض معركتهم السياسية والدبلوماسية، وتثبيت جذور دولتهم المسلحة بالقانون الدولي، وبعضويتها في الأمم المتحدة والمنظومة الدولية.

واردف الرئيس عباس، قائلًا: "نرفض ما تمارسونه في حق شعبنا، وفي حق القدس وأهلها، والمسجد الأقصى المبارك، والمسجد الإبراهيمي في الخليل، والمساجد والكنائس في كافة أرجاء فلسطين، وأنهم لن يقبلون بإطلاق العنان لعصابات المستوطنين المُتطرفين التي تحرق البيوت وساكنيها، وتمارس التطرف والعنف ضد شعبهم الفلسطيني في مدنه وقراه ومخيماته، إضافةً إلى سياسة العقاب الجماعي وهدم المنازل.

وكشف الرئيس: "نحن من جهتنا أعطينا الفرصة تلو الفرصة من أجل مفاوضات جادة ومثمرة ، ولكن حكومتكم ظلت كما هو دأبها تدير الصراع، وتتهرب من استحقاقات السلام، وتعمل على إطالة عمر الإحتلال، وتسعى لتحويله إلى صراع ونزاع ديني ستكون عواقبه وخيمة على الجميع."

وتابع "نمد إليكم أيدينا بالسلام القائم على الحق والعدل، ونحن باقون هنا على هذه الأرض فهي أرضنا على ثراها ولدنا وعشنا وسنظل نعيش ونحيا وسنموت وندفن، ولا توجد قوة في الأرض مهما بلغت عنجهيتها، وغطرسة قوتها، وبطشها تستطيع إلغاء تاريخنا وحضارتنا، ووجودنا الثقافي والإنساني قد تستطيعون قتل أجسادنا، ولكن أحدًا لن يقدر على قتل أحلامنا وإرادتنا في الحرية والعيش بكرامة في وطننا فلسطين".

وجدد الرئيس، التأكيد على أنهم لن يعودوا للمفاوضات من أجل المفاوضات، ولن يبقوا وحدهم يطبقون الإتفاقيات الموقعة، ولن يقبلوا بالحلول الانتقالية أو المؤقتة، وسيعملون على توفير نظام حماية دولية لشعبهم، وأنهم مع إنشاء مجموعة دعم دولية، تضُم عددًا أكبر من الدول ذات العلاقة، مثل المجموعات التي نشأت للتوصل لحل أزمات المنطقة، وكما يطالبون بعقد مؤتمر دولي للسلام.

وبيّن أنهم سيواصلون العمل على فك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، واستكمال مسيرة إعادة إعمار ما دمره الإختلال، وأنّ عودة الشرعية لقطاع غزة، ستؤدي حتمًا إلى تخفيف المعاناة، وإنهاء العديد من المشاكل التي يُعاني منها شعبنا هناك.

وطالب الرئيس بوقف جميع المزاوادات وأشكال التحريض، وتصيد الأخطاء، لكي يمضوا جميعًا في مسيرتهم نحو تحقيق الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال لشعبهم، كما ولا بد من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لتجديد هيئاتهم وأطرهم التنفيذية، فنحن متمسكون بالديمقراطية الفلسطينية الناشئة والواعدة، وهو أمر نعتز به كثيرًا وسيظلون نعمل على تنميتها وتطويرها.

وتابع هذا في الوقت الذي يعملون فيه من أجل عقد المجلس الوطني الفلسطيني، بهدف تدعيم منظمة التحرير الفلسطينية، التي هي الإطار الجامع والممثل الشرعي الوحيد لشعبهم الفلسطيني حيثما وجد