ارتفاع حدة تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد البريطاني

عززت أنباء تباطؤ سوق الإسكان، وانخفاض الإنتاج الصناعي، وضعف الأداء المخاوف حول تدهور الاقتصاد البريطاني لمدة سنة في قطاع صناعة البناء والتشييد.

وأكّد الاقتصاديون الجمعة أن هناك أدلة متزايدة على أن الاقتصاد البريطاني يتراجع خلال دخوله العام الجديد بعد أداء قوي في عام 2016، مما اثأر ارتباكًا بين القائمين بالتنبؤ حيث يتوقعون انكماش الاقتصاد ما بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما تُشير المؤشرات الاقتصادية، الآن، وبعد 10 أشهر من التصويت لمغادرة الاتحاد الأوروبي، إلى وجود ضغوط على الشركات لارتفاع التكاليف مع تراجع الجنيه ما يجعل المواد المستوردة والوقود أكثر تكلفة، كما أن المستهلكين، القوة الدافعة الرئيسية للنمو الاقتصادي في المملكة المتحدة، يتعرضون أيضًا لضغوط ارتفاع التضخم، مع وجود مؤشرات أنهم أقل استعدادًا للأنفاق على المتاجر والمطاعم والحانات.

وأظهرت آخر الأرقام الرسمية لشهر فبراير/شباط صورة لتيسير النمو الاقتصادي بعد التوسع القوي بنسبة 0.7٪ في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2016، بينما أوضح مكتب الإحصاءات الوطنية: "تشير بيانات اليوم إلى أن النشاط الاقتصادي الكلي في المملكة المتحدة كان ضعيفا نسبيا في شباط، عقب نمو قوي في الصناعات الرئيسية في نهاية عام 2016"، كما أشار المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية إلى أن النمو ربما تراجع إلى 0.5٪ في الربع الأول، استنادًا إلى تحليله لأحدث الأرقام الرسمية.

وقال الزميل الباحث في بنك ثينكتانك، جيمس وارن: "كان أحد المكونات الرئيسية لهذا الاعتدال مبيعات التجزئة الضعيفة نسبيًا في الشهرين الأولين من هذا العام"، مضيفًا : “من المتوقع أن يتراجع الاستهلاك أكثر هذا العام مع زيادة التضخم الذي يضعف القوة الشرائية للأسر".

ونتيجة لذلك، من المرجح أن يتجاهل بنك إنجلترا الضغوط السعرية المتزايدة على الجنيه الضعيف لصالح دعم النمو وعدم التسرع في رفع أسعار الفائدة من أدنى مستوياته على الإطلاق والتي تبلغ 0.25٪، كما ستخيب أرقام مكتب الإحصاء الوطني المعلقين الذين يأملون في زيادة الصادرات من الجنيه الضعيف والذى من شأنه أن يعّوض التباطؤ في الإنفاق الاستهلاكي حيث تتصدى الأسر للازدواجية في ارتفاع الأسعار والنمو البطيء في الأجور، في حين أوضح محافظ البنك مارك كارني، الجمعة، أن هناك مؤشرات على أن الطلب الاستهلاكي القوي "ينطلق ببطء"، وأضاف "هذا ما نتوقعه لكننا سنراقبه ونضمن أن نرسم الطريق الصحيح".

وتراجع الجنيه الإسترليني بنحو 17٪ مقابل الدولار و11٪ مقابل اليورو منذ الاستفتاء، مما جعل السلع والخدمات البريطانية أرخص بكثير للمشترين في الخارج، وكان سعر الجنيه أقل بقليل من 1.24 دولار الجمعة، حيث دفعت الأرقام الاقتصادية الهائلة المستثمرين إلى خفض توقعات المملكة المتحدة.

وكانت هناك بعض الدلائل على زيادة الصادرات من الجنيه الأضعف، إلا إن آخر أرقام التجارة أظهرت أن عجز بريطانيا فى تجارة السلع والخدمات اتسع فى شباط حيث انخفضت الصادرات وارتفعت الواردات، وازداد العجز على السلع وحدها إلى 12.5 مليار جنيه إسترليني من 12 مليار جنيه إسترليني في يناير/كانون الثاني وكان أعمق بكثير من توقعات 10.9 مليار جنيه إسترليني في استطلاع رويترز للاقتصاديين، غير أن المكتب حذر من أن هذا الاتساع يرجع أساسًا إلى زيادة الواردات من السلع غير المنتظمة، وهي فئة تشمل أصنافا كبيرة مثل السفن والطائرات وأولئك الذين لديهم أنماط تجارية غير منتظمة مثل الأحجار الكريمة والذهب.

وأظهرت الأرقام الخاصة بالإنتاج الصناعي انخفاضا في الإنتاج بنسبة 0.7٪ في شباط مع ارتفاع في الطلب على مواد الطاقة المنزلية، كما قال جاك كوي في مركز الاستشارات الاقتصادية وأبحاث الأعمال، إنه لا يزال هناك فرصة جيدة للتصنيع قد تساعد في تعزيز الاقتصاد هذا العام، فيما أظهرت أرقام قطاع البناء أن الناتج انخفض بنسبة 1.7٪ في شباط على خلفية ضعف البنية التحتية وبناء المنازل.

وكانت هناك أيضا مؤشرات جديدة على تباطؤ سوق الإسكان، حيث أفادت هاليفاكس، أكبر مقرض للرهن العقاري في بريطانيا، أن أسعار المنازل ترتفع بأبطأ وتيرة سنوية لها منذ ما يقرب من أربع سنوات، وارتفعت بنسبة 3.8٪ في الأشهر الثلاثة حتى مارس/آذار مقارنة مع العام السابق.