السويسريين يرفضون منحهم أي راتب دخل شهري مجاني دون عمل

رفض غالبية السويسريين الحصول على دخل شهري مجاني دون عمل، من خلال استفتاء عام للحصول على دخل شهري للجميع، سواء العامل أو العاطل عن العمل، المواطن أو الأجنبي المقيم في سويسرا. وتعد هذه سابقة تاريخية.
 
وأظهرت نتائج أولية نشرتها مؤسسة "جي إف إس برن" للاستطلاعات لصالح التلفاز السويسري العام، أن 78% من السويسريين رفضوا اقتراح الدخل المجاني بعد أن دُعي الناخبون السويسريون إلى التصويت في استفتاء حول تأمين دخل أساسي للجميع، في مشروع فريد من نوعه في العالم أثار جدلًا واسعًا في بلد نشيط يقدس قيمة العمل ولا يؤيد التكاسل، سواء على المستوى الفردي للأشخاص أو على مستوى الاقتصاد الكلي؛ من أجل الحفاظ على قدر مرتفع من التنافسية على مستوى العالم.
 
وقبل إعلان النتائج الأولية أظهرت استطلاعات للرأي قبيل الاستفتاء أن فرص قبول الشعب السويسري للاقتراح ضئيلة، وشكلت فرص الرفض نسبة 71%، وهذا الأمر ليس غريبا على السويسريين الذين رفضوا في عام 2012 زيادة فترة عطلتهم السنوية من 4 - 6 أسابيع خوفا من تراجع قدرتهم التنافسية، مؤكدين درجة الوعي العام بمصالح الاقتصاد السويسري ككل، الأكبر من المصلحة الفردية للأفراد. وجاء الاستفتاء بعد مبادرة شعبية اسمها "من أجل دخل أساسي غير مشروط" التي تقدمت بها مجموعة لا تنتمي إلى أي حزب سياسي؛ بهدف تخصيص راتب شهري لكل السويسريين والأجانب المقيمين منذ أكثر من 5 أعوام، سواء أكانوا عاملين أو دون عمل. والدافع الأساسي لإطلاق المبادرة هو وجود دخل يكون بمثابة رد فعل على الثورة الرقمية التي نتجت عنها قلة الوظائف في البلاد. ولم تُحدد قيمة الدخل في الاستفتاء، ولكن اقترحت المجموعة صاحبة المبادرة دفع 2500 فرنك سويسري (2260 يورو) لكل بالغ، (ما يعادل 2560 دولارا)، و650 يورو لكل قاصر. وفي حال لو كانت تمت الموافقة عليه، فإن ذلك كان سيتطلب ميزانية إضافية تبلغ نحو 25 مليار فرنك سويسري (22.6 مليار يورو) سنويا، تمول بضرائب جديدة أو بواسطة رسوم إضافية.
 
وفي المقابل كان من المتوقع إلغاء المدفوعات للعاطلين عن العمل، والمدفوعات الخاصة بالشؤون الاجتماعية والمعاشات. وكذلك لن يحصل الأشخاص الذين يتقاضون رواتب كبيرة على أموال إضافية في حال تمرير المقترح. ولا يعد 2500 فرنك سويسري شهريا مبلغًا كبيرًا، بل يعد حدا أدنى قد يكفي بالكاد أساسيات الحياة في بلد كسويسرا ترتفع فيها تكاليف المعيشة. ودافع أحد أصحاب المبادرة رالف كونديغ عنها، قائلًا لوكالة الصحافة الفرنسية "أ.ف.ب" "إنه حلم قائم منذ فترة طويلة، وأصبح أمرا لا بد منه في مواجهة البطالة المرتفعة، الناجمة عن استخدام الآلات المتزايد، ومجرد طرحه للاستفتاء إنجاز كبير بالنسبة لنا".
 
وأدانت الحكومة ومعظم الأحزاب السياسية المشروع الذي اعتبرته خياليا ومكلفا جدا. وأكدت الحكومة أن إجراءات التقشف أو ارتفاع الضرائب ستكون ضرورية لتمويل الفكرة. وقال شارل فيبلوس مدير المركز الدولي للدراسات النقدية والمصرفية في جنيف "إنه حلم قديم، ماركسي إلى حد ما، مليء بالمشاعر الطيبة، لكنه يخلو من التفكير الاقتصادي". وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه إذا قطعت العلاقة بين الأجر والعمل، فإن الناس سيعملون بدرجة أقل. وقال الأستاذ في جامعة "لوزان" أندرياس لادنر، للتلفزيون العام السويسري إن "السويسريين اتخذوا قرارهم بشكل واقعي، والحصول على راتب بلا عمل كان سيشكل خطوة كبرى، ولم تكن المبادرة واضحة جدا، وهدفت بشكل خاص إلى إثارة الجدل".
 
يذكر أنه وفقا للنظام السياسي لسويسرا التي تنتهج أسلوب الديمقراطية المباشرة التي يصوت فيها المواطنون بشكل مباشر دون نواب عنهم في ما يتعلق بالقضايا المهمة، يدعى السويسريون إلى التصويت 3 أو 4 مرات في السنة، حول عدد من القضايا التي تقترحها الحكومة، أو تلك التي يقترحها مواطنون، من خلال المبادرات الشعبية، مثل المبادرة الحالية للدخل المجاني. وتتطلب أي مبادرة جمع 100 ألف صوت لطرحه كاستفتاء عام في سويسرا.