الرئيس الصيني شي جينبينغ

تشكّل الاستثمارات الصينية في أفريقيا، والتي تراجعت بنسبة 40 في المئة في الربع الأول من السنة، محور القمة السادسة للتعاون بين الطرفين، في وقت تبدي القارة التي تعتمد على صادراتها من المواد الأولية قلقًا، بعد سنوات من ازدهار العلاقات الاقتصادية مع بكين.

ويلتقي الرئيس الصيني شي جينبينغ نظراءه الأفارقة في هذه الأجواء غير المسبوقة في القمة التي تبدأ أعمالها اليوم الخميس.

ومنذ بداية القرن، اشترت الصين النفط والحديد والنحاس من عدد من الدول الأفريقية، ما ساهم في رفع أسعار المواد الأولية، لكن تباطؤ اقتصادها حاليًا يؤدي إلى نتيجة عكسية، إذ يساهم في انخفاض الأسعار، ويهدد دولًا تفرط في اعتمادها على الشريك الصيني. ففي زامبيا مثلًا، يأتي 60 في المئة من عائدات التصدير من النحاس، والصين زبون رئيس له. ومع تباطؤ العرض وانخفاض الأسعار باتت زامبيا في وضع هش. وتنوي مجموعة "غلينكور" للنحاس إلغاء 3800 وظيفة، بينما خسرت العملة الزامبية 45 في المئة من قيمتها في مقابل الدولار.

وأكدت وزيرة التجارة في زامبيا مارغريت مواناكاتوي، ضرورة "إيجاد منتجات أخرى لنصدّرها إلى الصين التي تحتاج إليها، بعدما تراجعت أسعار النحاس". وتوقعت أن "تؤدي القمة السادسة للتعاون بين الصين وأفريقيا، إلى تعزيز العلاقات الثنائية".

ويصل الرئيس الصيني إلى القمة بعد زيارة استمرت يومين لزيمبابوي، إذ لا تزال المشاريع الصينية لديها تشكل أحد الأسس الرئيسة لاقتصاد أضرّت به قرارات الرئيس روبرت موغابي على مدى السنوات الـ15 الأخيرة. والتقى الأربعاء رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما.

وعلى رغم التراجع الأخير، تبقى الصين الشريكة الاقتصادية الأولى لأفريقيا منذ عام 2009، ويُنجز ثلث مشاريع البناء الصينية في الخارج في أفريقيا. وارتفع حجم المبادلات التجارية بين الصين وأفريقيا من عشرة بلايين دولار عام 2000 إلى 300 بليون هذه السنة، بينما يعمل أكثر من 2500 شركة صينية في القارة.

وترتبط الكونغو الديموقراطية والصين مثلًا، منذ عام 2008، باتفاق عنوانه "مناجم في مقابل بنى تحتية". وعلى رغم انتقادات صندوق النقد والبنك الدولي للاتفاق بسبب النقص في الشفافية، منحت الكونغو امتيازات ضخمة في المناجم لكونسورسيوم من الشركات الصينية في مقابل قروض بفوائد مخفضة ووعود بإنجاز بنى تحتية.

وفي الجزائر، أزاحت الصين فرنسا منذ عام 2012 من مرتبة الشريك الأول لهذا البلد بفوزها بطلبات استدراج العروض تقريبًا في مجال الأشغال العامة، مثل بناء المسجد الكبير في العاصمة الجزائرية، والذي سيكون أكبر ثالث مسجد في العالم أو توسيع المطار.

ويُفترض أن تشهد القمة توقيع اتفاقات وقروض جديدة. واعتبر وزير الخارجية الصيني جانغ مينغ، أن "التعاون الصيني - الأفريقي هو مجال يحتاج إلى التحسين والتحول"، لافتًا إلى أن أفريقيا تشهد المراحل الأولى للتصنيع. وأكد أن الصين وأفريقيا يمكن أن "يكمّل بعضهما بعضًا في مجال التنمية". وعلى سبيل المثال، أعلنت الصين تخصيص 117 مليون دولار من المساعدات لدول غرب أفريقيا التي انتشر فيها فيروس "إيبولا"، وأرسلت طاقمًا طبيًا يضم المئات لمكافحته.

ورأى الباحث في معهد "بروكينغز" الفكري الأميركي يون سون، احتمال أن "يكون شيئًا حذرًا جدًا، لأن احتياط الصين من العملات الصعبة ليس من دون حدود". ولم يستبعد أن "تكون الاستثمارات الصينية في أفريقيا أكثر تنوعًا". وعلى رغم تباطؤ اقتصادها، فهو لا يزال يسجل نموًا نسبته نحو سبعة في المئة، ويمكن أن تستفيد الصين من فرص جديدة مع إغلاق مجموعات منجمية غربية ضخمة، مثل لونمين وغلينكور بعض المواقع في القارة الأفريقية.

وأعلن الخبير في الأسواق الناشئة في مجموعة إينفيستيك راين ويبرلي، أن الصينيين لن يتخلّوا عن هدفهم أن يكونوا في الطليعة في القارة.