معهد أبحاث السرطان في لندن

كشف العلماء البريطانيون عن أسباب انتكاسة مرض السرطان على الرغم من مرور أعوام أو عقود على الشفاء منه، وأظهرت الأدلة الوراثية أن الخلايا السرطانية يمكن أن تتحول إلى خلايا نائمة لا يؤثر عليها العلاج، إلا أنها تعود للاستيقاظ بعد سنوات، لتنهش أجساد الأشخاص الذين تماثلوا للشفاء.

وأكد الباحثون في معهد أبحاث السرطان في لندن، أنَّ النتائج التي توصلوا إليها ستساعد على اكتشاف طرق علاجية جديدة لاستئصال الخلايا السرطانية النائمة، وأضافوا أنَّ هذه الطرق العلاجية يمكن أن تقضي على أي احتمال خطير صغير يهدد بانتكاسة المرض بعد الشفاء منه.

وأجرى الباحثون هذه الدراسة الفريدة عن طريق الحصول على عينات دم ونخاع العظام، من مريض مصاب بنوع نادر من سرطان الدم، امتد على مدى 20 عامًا، حيث حللوا العينات المأخوذة عندما تم تشخيص المريض بإصابته بالسرطان في عمر الأعوام الأربعة، وكذلك عند انتكاسة المرض في عمر 25 عامًا.

وصرَّح الباحث المؤلف للدراسة ميل غريفز، قائلًا "نعلم تمامًا أن هناك حالات نادرة من سرطان الدم يمكن أن تنتكس بعد الشفاء منها ظاهريًا، ولكن كنا نفتقر إلى الأدلة التي تثبت أن الخلايا السرطانية يمكن أن تظل نائمة لفترات طويلة من الزمن".

وأضاف غريفز: "كشفت الدراسة عن سلالة جينية مشتركة، تربط بين سرطان الدم الأصلي وانتكاسة المرض بعد عقود من الشفاء، مما يقدم دليلًا دامغًا على قدرة الخلايا السرطانية على التطور والتحول، من خلال بقائها خاملة لتجنب العلاج، ثم البدء في مراكمة طفرات سرطانية جديدة، تؤدي إلى انتكاسة المرض وظهوره في حلة جديدة".

وتتقلب الخلايا الجذعية في الدم بشكل منتظم بين كونها نائمة وكونها تنقسم بسرعة كبيرة، ولذلك تقلد الخلايا السرطانية هذه الحيلة لتجنب تعرضها للموت بسبب العلاج الكيميائي، ومن الممكن أن يتوصل العلماء في المستقبل إلى طريقة تسرع نمو هذه الخلايا النائمة السرطانية، بحيث يمكن استهدافها والقضاء عليها باستخدام العلاج الكيميائي، للحد من خطر الانتكاس.

واكتشف الفريق حدوث طفرة محددة في الحمض النووي "دي إن إيه"، والتي يندمج فيها الجينان ""BCR و""ABL1، الموجودة في الخلايا السرطانية من عينات الدم، التي تم أخذها بفارق 22 عامًا، ما يعني وجود علاقة جينية مشتركة بين سرطان الدم الأصلي والانتكاسة، ما يعني أن الخلايا السرطانية قد قاومت العلاج الكيميائي قبل أن تصبح نائمة، ثم استيقظت بعد عقود من النوم.

واقترحت هذه الدراسة أن الخلايا التي أدت إلى عودة المرض لا تزال على قيد الحياة، لأنها كانت تنمو بمعدل أبطأ بكثير من الخلايا السرطانية الأخرى، فضلًا عن مقاومة العلاج الكيميائي الذي يهاجم الخلايا المنقسمة بسرعة، ويزود هذا الاكتشاف الباحثين بمجموعة من الأفكار الهامة التي قد تساعدهم على اجتثاث الخلايا السرطانية النائمة، مثل إيقاظ هذه الخلايا حتى يتمكن العلاج الكيميائي من قتلهم.