زراعة الأشجار

أحيا الفلسطينيون، الأثنين الذكرى 39 ليوم الأرض، بالتمسك بأرضهم وزراعة الأشجار فيها وخاصة المهددة بالمصادرة، وذلك في رسالة للاحتلال على تمسكهم بأرضهم مهما تمادى في ممارساته للسيطرة عليها وتهجيرهم منها.

وحرص الكثير من الفلسطينيين الأثنين على المشاركة في الفعاليات لإحياء يوم الأرض بزراعة الأشجار، والمشاركة في الأنشطة المقررة لإحياء الذكرى.

ويعود يوم الأرض الفلسطيني إلى هبة الجماهير العربية داخل الأراضي المحتلة عام 1948 عام 1976، معلنة صرخة احتجاجية في وجه سياسات المصادرة والاقتلاع والتهويد التي انتهجتها الاحتلال، وتمخض عن هذه الهبة ذكرى تاريخية سميت بيوم الأرض.

ويصر الفلسطينيون في الداخل والضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، والمتضامنون من أنحاء العالم لإحياء هذه الذكرى سنويًا، ويتوقع أن تشهد الضفة الغربية اليوم الأثنين عدة فعاليات ومسيرات تخليدًا للذكرى.

وتعتبر الشرارة التي أشعلت الفلسطينيين في الداخل كانت جرّاء إقدام سلطات الاحتلال على مصادرة نحو21 ألف دونم من أراضي عدة قرى عربية في الجليل ومنها عرابة، سخنين، دير حنا وعرب السواعد وغيرها في عام 1976؛ وذلك لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات في نطاق خطة تهويد الجليل وتفريغه من سكانه العرب. وهو ما أدى إلى إعلان الفلسطينيين في الداخل وخصوصًا المتضررين المباشرين عن الإضراب العام في يوم الثلاثين من آذار/مارس.

وفي ذلك اليوم عام 1976، دخلت مدن وقرى الجليل والمثلث في إضراب عام، وحاول الاحتلال كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الاحتلال، كانت أعنفها في قرى سخنين وعرابة ودير حنا.

وأفادت معطيات لجنة المتابعة العليا - الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48- بأن إسرائيل صادرت منهم نحو مليون ونصف المليون دونم منذ احتلالها لفلسطين حتى عام 1976، ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة.

وقد بذلت إسرائيل جهودًا كبيرة لكسر إرادة القيادات الفلسطينية ومنع انطلاق فعاليات نضالية، لكن رؤساء المجالس البلدية العربية أعلنوا الإضراب العام في اجتماع يوم 25 آذار/مارس 1976 في مدينة شفا عمرو.

وجاء قرار "لجنة الدفاع عن الأراضي العربية" التي انبثقت عن لجان محلية في إطار اجتماع عام أجري في مدينة الناصرة في 18 أكتوبر/تشرين الأول 1975، إعلان الإضراب الشامل، ردًا مباشرًا على مصادرة أراضي (المل) (منطقة رقم 9) ومنع السكان العرب من دخول المنطقة في تاريخ 13-2-1976.

كما كان صدور وثيقة "كيننغ" في 1976/3/1 من قبل متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية الإسرائيلية "يسرائيل كيننغ" وثيقة سرية، سمّيت فيما بعد باسمه، والتي تستهدف إفراغ الجليل من أهله الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها، واحدة من مسببات الاتجاه نحو الإضراب.

ودعت وثيقة "كيننغ" في طياتها إلى تقليل نسبة الفلسطينيين في منطقتي الجليل والنقب، وذلك بالاستيلاء على ما تبقى لديهم من أراضٍ زراعية وبمحاصرتهم اقتصاديًا واجتماعيًا، وبتوجيه المهاجرين اليهود الجدد للاستيطان في منطقتي الجليل والنقب.

وركزت على تكثيف الاستيطان اليهودي في شمال الجليل، وإقامة حزب عربي يعتبر 'أخًا' لحزب العمل ويركز على المساواة والسلام، ورفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الأمور العربية، وإيجاد إجماع قومي يهودي داخل الأحزاب الصهيونية حول موضوع العرب في إسرائيل.

وشددت الوثيقة على ضرورة التضييق الاقتصادي على العائلات العربية عبر ملاحقتها بالضرائب وإعطاء الأولوية لليهود في فرص العمل، وكذلك تخفيض نسبة العرب في التحصيل العلمي وتشجيع التوجهات المهنية لدى التلاميذ، وتسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى خارج البلاد ومنع عودتهم إليها.

وكان الرد الإسرائيلي عسكريًا شديدًا على هبة "يوم الأرض"، باعتبارها أول تحدٍ ولأول مرة بعد احتلال الأرض الفلسطينية عام 1948، إذ دخلت قوات معززة من الجيش الإسرائيلي مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينية وأعادت احتلالها، موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيين العزل، فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص 4 منهم قتلوا برصاص الجيش واثنان برصاص الشرطة.

ورغم مرور 39 عامًا على هذه الذكرى، لم يمل فلسطينيو أراضي 48 الذين أصبح عددهم نحو 1.3 مليون نسمة بعدما كانوا 150 ألف نسمة فقط عام 1948، من الاحتفال بيوم الأرض، الذي يجمعون على أنه أبرز أيامهم النضالية، وأنه انعطافة تاريخية في مسيرة بقائهم وانتمائهم وهويتهم منذ نكبة 1948، تأكيدًا على تشبثهم بوطنهم وأرضهم.

ويعتقد الفلسطينيون أن إحياء ذكرى يوم الأرض ليس مجرد سرد أحداث تاريخية، بل هو معركة جديدة في حرب متصلة لاستعادة الحقوق الفلسطينية.

ومنذ عام 1976 أصبح يوم الأرض يومًا وطنيًا في حياة الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، وفي هذه المناسبة تشهد تحركات شعبية فلسطينية عديدة تؤكد وحدة الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه رغم شراسة الهجمة الاستعمارية الإسرائيلية التي نالت من أرض أجداده التي تحول جزء منها إلى جزر استيطانية كثيفة.