المؤتمر السنوي الخامس

دعا متحدثون إلى رفع ملف الأسرى الفلسطينيين في داخل سجون  الاحتلال الإسرائيلي، إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتفعيل دور وسائل الإعلام في مناصرة قضية الأسرى، خاصة المرضى والأطفال منهم.

جاء ذلك خلال افتتاح مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس، بالتعاون مع الكلية العصرية الجامعية اليوم الاثنين، المؤتمر السنوي الخامس 'إبداعات انتصرت على القيد'، والذي حمل هذا العام عنوان: 'أثر الرسالة في حياة الأسير الفلسطيني في المعتقلات الصهيونية'، بحضور عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واللجنة المركزية لحركة فتح، وقادة قوى وطنية، وأكاديميين، وأسرى محررين، وممثلي مؤسسات حقوقية، ورجال دين.

وافتتح الأكاديمي حسن عبد الله، المؤتمر باقتباسات لرسائل كتبها أسرى لذويهم، وإبداعات نجحت في اختراق جدران السجون، وجرى توثيقها وإصدارها في كتب، تصدر سنويا عن مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة، موجها التحية للأسير خضر عدنان، المضرب عن الطعام منذ 43 يوما.

وقال رئيس مجلس أمناء الكلية العصرية الجامعية سامر شيوخي، إن المؤتمر هو تأريخ للتجربة النضالية من خلال رسائل الأسرى، وهي أصدق تعبير لمرحلة يكتب فيها توصيف دقيق للحظة تاريخية، وتضم تكثيفا تاريخيا وسياسيا وعاطفيا لحياة الأسير.

بدوره، أكد مدير عام مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة، فهد أبو الحاج، حرص المركز في كل عام على توثيق وقائع وأوراق المؤتمر السنوي 'إبداعات انتصرت على القيد'، وإصدارها في كتب تحمل اسم وعنوان المؤتمر، وتوزع على الشخصيات والمؤسسات والأطر المعنية بقضية الأسرى، وتضاف إلى العمل الموسوعي الذي أنتجه المركز، وتحقق حلم الأسرى والمحررين والباحثين.

وأضاف أن الرسائل تحمل الأدب، والتنظير السياسي والفكري، ما حوّل المعتقلات إلى مدارس وجامعات بعد أن انتزع الأسرى بإضراباتهم المتتالية عن الطعام الحق في حصولهم على أقلام ودفاتر وكتب، وأن المركز يجري عمل بحثي شامل حول رسائل الأسرى، كما سبق له إصدار بحث حول رسائل المحرر حسن عبد الله.

وأشار رئيس جامعة القدس عماد أبو كشك، إلى أن مؤتمر 'إبداعات انتصرت على القيد'، أصبح تقليدا سنويا، يبقي قضية الأسرى حية في قلوب وعقول ووجدان كل فلسطيني وكل حر في العالم، وتدفع بها إلى المحافل الدولية، وتظهر بطش وقمع الاحتلال لأسرانا، ومخالفته قواعد القانون الدولي الخاصة بحقوق الإنسان واتفاقية جنيف.

وعبر عن فخره بانعقاد المؤتمر للسنة الخامسة على التوالي والإنجازات التي يحققها، وأن قضية أسرانا هي الأكثر زخما بين قضايا الشعوب المحررة.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، جمال محيسن، إن القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، ترفض العودة للمفاوضات دون الإفراج عن الأسرى، وخاصة الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو، وتحديد زمن سقفي لإنهاء الاحتلال على أراضي 1967، وتجميد الاستيطان، مشددا على ضرورة إنهاء الانقسام الذي قامت به حركة حماس في مثل هذه الأيام قبل ثماني سنوات.

وأضاف أن الأسرى يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع الفلسطيني، حيث قدرتهم الإحصاءات الرسمية بنحو 800 ألف أسير منذ العام 1967، وحاليا يوجد نحو 7 آلاف أسير يقبعون خلف قضبان الاحتلال، ومؤتمر اليوم جهد كبير للاطلاع على تجربة الأسير الفلسطيني، ونقل قضية الأسرى من قضية وطنية، إلى قضية عربية ودولية.

وفي كلمة القوى الوطنية، قال واصل أبو يوسف، إن القوى وجهود المستوى الرسمي والشعبي والمؤسساتي تؤكد إبقاء ملف الأسرى على سلم أولوياتنا، وإن محطة الأسرى محطة هامة في تاريخ شعبنا النضالي، ومن الضروري مواكبتها وتأريخها، ولها أهمية استثنائية في جدول الأعمال الوطني.

وأضاف أن الجهود على المستوى الخارجي متواصلة وبكثافة، حيث عقد مؤخرا مؤتمر للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين في ألمانيا، ومؤتمر آخر في إيطاليا، بحضور أعضاء برلمانات أوروبية هامة، ما يدفع تجاه تفعيل ملف الأسرى ورفعه إلى الجنائية الدولية، حيث اختطاف المناضلين والمواطنين الفلسطينيين وزجهم في سجون القمع جريمة تحاسب عليها إسرائيل.

كما دعا إلى تفعيل دور الإعلام في مناصرة الأسرى، وإعلاء صوتهم، وخاصة الأسرى من الأطفال، ومناصرة الأسير خضر عدنان المستمر في إضرابه عن الطعام.

وشكر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة، لما يقوم به من توثيق للتاريخ والمعاناة والبطولات التي خاضتها الحركة الأسيرة ضد السجان، في وقت يستمر فيه الاشتباك ضد اللامبالاة والبطش الإسرائيلي، والإضرابات الفردية الملحمية التي يخوضها الأسرى خضر عدنان، وشيرين العيساوي، وعبد الله البرغوثي، وأن الإضرابات هي رسائل غير مكتوبة تحكي قصة معركة كرامة يرسلها الأسرى إلى العالم.

وحذر قراقع من خطورة قانون 'التغذية القسرية' الجديد والذي تمت الموافقة عليه بالقراءة الأولى، وسيتم عرضه قريبا على الكنيست الإسرائيلية للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، والذي يسمح لـمصلحة سجون الاحتلال تغذية الأسير المضرب عن الطعام، رغمًا عنه في حال الخطورة على صحته.

وقال قراقع إن الرسائل التي جسدها وكتبها الأسرى تمثل ردا على الخطاب الثقافي الإسرائيلي الذي يعمل على تشويه صورة الأسير الفلسطيني، عبر مناهجه التعليمية ووسائل إعلامه، حيث أثبتت الرسائل أن الأسير إنسان، لديه عائلة وأولاد وبيت ومشاعر، وليس كما صورته المناهج والإعلام الإسرائيلي بأنه مخرب ووحش، حيث عملت إسرائيل وخاصة عبر إعلامها على بناء صورة نمطية للأسير الفلسطيني بينت فيها أنه مخرب ولا يجب التعاطف معه أو منحه حقوقه، وأثرت الصورة في الرأي العام العالمي لفترات طويلة، إلى أن أثبت الأسير أنه إنسان يدافع عن حقه وقضيته وكرامته.

وعرض المؤتمر فيلما تمثيليا قصيرا عن الأسرى المرضى، يروي قصة الشهيد الأسير المحرر جعفر عوض، من تأليف الكاتب وليد الهودلي، حيث عرض الفيلم عذابات الأسرى في داخل الزنازين ووحشية تعامل السجان مع الأسير، وإجراء ما يُسمى 'أطباء السجن' عمليات وتجارب لأدوية على الأسرى، ما تسبب قبل بضعة أشهر باستشهاد الأسير عوض بعد حقنه بحقنة أنسولين.

وافتتح راضي جرارعة الجلسة الأولى، وتحدث فيها الباحث جهاد صالح حول: الرسالة في حياة الأسرى الفلسطينيين في فترة الانتداب البريطاني، كما تحدث حسن محمد الهلالي حول: الرسالة في حياة المعتقل، والأكاديمي حسن عبد الله: التطور في لغة ومستوى ودور الرسالة، والأسير المحرر، حافظ أبو عبية، حول دور الرسالة في الحياة التنظيمية في الاتجاهين.

وأدار الجلسة الثانية عمر البرغوثي، وتحدث فيها تيسر نصر الله، حول أثر الرسالة في حياة الأسرى، والأسيرة المحررة عطاف عليان، حول الرسالة في تجربة الأسيرات الفلسطينيات، ورياض عويضه، حول اثر الرسالة في حياة الأسير الفلسطيني، ومؤيد عبد الصمد حول الرسالة في حياة الأسرى.