جامعة فيلادلفيا

دعا أستاذ الإعلام في جامعة فيلادلفيا الدكتور عصام الموسى وسائل الإعلام الأردنية ومرافق التوجيه والتعليم إلى أن تتصدى بشجاعة وموضوعية لمهمة تبيان الحقائق حول الثورة العربية الكبرى ، مؤكدا أن مبادئها أمانة في أعناقنا ودين علينا.

وأطلق في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، الدعوة لإنشاء مركز لدراسات الثورة العربية الكبرى يعنى ببحث ودراسة جوانب الثورة المختلفة لتظل أفكارها حية في الناس وأبناء الجيل الجديد .

وقال الموسى وهو نجل المؤرخ الأردني الكبير المرحوم سليمان الموسى، ان والده الذي درس الثورة وحللها وجد أنها قامت على أسس قومية ودينية وعروبية وحدد مرتكزاتها بالآتي : أولآ: انها ثورة "القومية العربية" التي فكر بها وعمل من "أجلها اعضاء الجمعيات العربية المثقفون الناطقون بضمير الأمة والمعبرون عن طموحاتها" ، أما "الشريف الحسين فهو الزعيم الفذ الذي تبنى الفكرة وتحمل تبعات القيادة، وواجه الأخطار، وثبت على المبدأ وضحى في سبيله، وهو القائد الذي لولاه لبقيت أفكار الطليعة العربية ردحا من الزمن، نظريات وأحلاما وتطلعات".

ثانيا: ان الثورة قامت "على مبدأ المؤاخاة بين القومية العربية والإسلام"، وحين كتب مكماهون الى الشريف طالبا اليه "استثناء الساحل السوري (لبنان) من حدود الدولة" في المشرق العربي رد عليه الشريف الملك بقوله انها بلاد "عربية محضة ولا فرق بين العربي المسيحي والمسلم فإنهما ابناء جد واحد"، واستشهد بقول الخليفة عمر بن الخطاب : "لهم ما لنا وعليهم ما علينا".

ثالثا: "ان قيام الثورة كشف عن جميع القوى التي تتعارض مصالحها مع اهداف الثورة"، وهم الانجليز والفرنسيون والاتراك الاتحاديون حيث ادعى الاتحاديون "ان الثورة شقت وحدة المسلمين" بينما كانوا هم الذين بدأوا بشق "وحدة المسلمين باضطهادهم العرب".

رابعا: "لم يرفع العرب اسلحتهم في وجه الدولة العثمانية، بل رفعوها في وجه عصابة الاتحاد والترقي، التي سارت على سياسة عنصرية تهدف الى تتريك العرب" واذلالهم، ودليل هذا "ان الدعاء في الكعبة المشرفة ظل يقام باسم السلطان-الخليفة سنة كاملة بعد اعلان الثورة"، كذلك، لم يطعن الشريف الحسين الدولة العثمانية "في الظهر وعلى حين غرة، بل أقدم على مجازفة خطيرة عندما صارح الاتحاديين بمطالب العرب قبل قيام الثورة بثلاثة أشهر".

خامسا: كانت الثورة العربية الكبرى "تعبيرا حيا عن ارادة شعب عريق، نهض من سبات القرون، يطلب حريته ويتمسك بهويته القومية، وأي طلب أعظم من هذا وأجل؟؟".

وقال الدكتور الموسى ان هذه المرتكزات الخمسة يجب ان تتولاها وسائل الإعلام الأردنية وخطباء المساجد ومعلمو المدارس بالطرح الموضوعي والمناقشة، لافتا الى انه يمكن اعادة الاعتبار لثورة النهضة العربية بان تصبح مقررا يدرس في المدارس والجامعات الأردنية، ولاسيما وانها عانت من اجحاف شديد من وزارة التربية والتعليم ومن الباحثين الأردنيين والعرب تحديدا.

وشدد "يجب ان تدرس في المدارس بمختلف المراحل، ويجب ان تدعم بالحقائق والوثائق الموجودة".

واوضح ان ثورة العرب هوجمت بمنتهى الشراسة خدمة لأهداف الذين عملوا على اجهاض مبادئها من أعداء الأمة العربية " لكن الحق يعلو دائما، وما أولانا نحن ابناء الأردن ان نكشف الحقائق للملأ لتبقى راية الثورة خفاقة،فمبادئ الثورة امانة في أعناقنا، ودين علينا، وعلينا ان نعمل على تحقيق قيمها في الوحدة والحرية والحياة الكريمة".

واشار الى ان الشريف الحسين بن علي خسر ملكه مضحيا به بالدرجة الأولى من أجل ان تبقى فلسطين عربية، مستذكرا قولته المشهورة حين تكالبت عليه القوى الاستعمارية: "لا أتنازل عن حق واحد من حقوق البلاد، لا اقبل الا ان تكون فلسطين لأهلها العرب، لا اقبل بالتجزئة ولا أقبل بالانتداب، ولا أسكت وفي عروقي دم عربي"، وكان الثمن ان فقد عرشه ونفي الى قبرص.

وقال ان قصة الحسين بن علي يجب ان تدرس في الصفوف الابتدائية ويتشربها الأطفال ليعرف الجيل الجديد تضحيات الرعيل الأول وبطولاتهم مثل عودة ابو تايه وعزيز علي المصري ونوري السعيد وغيرهم ممن قاتلوا في صفوف الثورة.

ولفت الموسى الى ان جريدة (القبلة) التي صدرت عام 1916 ووثقت أحداث الثورة وصدر منها أكثر من 800 عدد كانت تحت إشراف الحسين بن علي الذي كتب فيها من وهج فكره القومي ما يجب ان يؤخذ منه مواد وفقرات يعاد نشرها في الصحف ووسائل الإعلام ليطلع عليها الناس ويعرفوا كيف كان فكر ملك العرب قبل مئة عام طليعيا شجاعا نبيلا يريد لأمته ان تستعيد مجدها الغابر.