وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير

انتقد وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، سياسة حلف شمال الأطلسي حيال روسيا، محذرا الناتو من تصعيد حدة التوتر واستئناف المواجهة التي مر بها العالم خلال الحرب الباردة.

وقال شتاينماير، في مقابلة مع صحيفة "بيلد أم زونتاغ" الألمانية، نشرت السبت 18 يونيو/حزيران: "ما علينا أن نتجنبه اليوم هو مفاقمة الوضع مع نداءات تدعو الى الحرب"، منتقدا خصوصا نشر الناتو قواتها قرب الحدود مع روسيا.

وأضاف: "مخطئ من يريد توفير مزيد من الأمن في الحلف عبر عروض رمزية للدبابات قرب الحدود في الشرق".

واعتبر شتاينماير المعروف بتعليقاته المدروسة حيال روسيا، أن "حصر النظر بالجانب العسكري والسعي إلى الانتصار عبر سياسة الردع فقط سيكون مميتا".

وأكد وزير الخارجية الألماني أن الدول الأعضاء في الناتو عليها استئناف المناقشات حول "ميزة نزع السلاح والسيطرة على تطوير الأسلحة من أجل ضمان الأمن في أوروبا"، مشددا في الوقت ذاته على أنه "يجب عدم تصعيد الوضع بشكل أكبر عن طريق التلويح بالأسلحة وهتافات الحرب".

واعتبر شتاينماير أن الدول الأعضاء في الناتو يجب عليها "عدم إعطاء ذريعة لاستئناف المواجهة السابقة".

ودعا وزير الخارجية الألماني الناتو إلى تعزيز الحوار مع روسيا وإشراك موسكو فيما وصفه بـ"المسؤولية الدولية المشتركة"، مشيرا إلى المشاركة الروسية في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني ومحاربة المجموعات الإسلامية المتشددة في الشرق الأوسط باعتبارهما مثالين ناجحين لمثل هذا الإشراك.

جدير بالذكر أن تصريحات شتاينماير جاءت على خلفية تصعيد ملموس لحدة التوتر في العلاقات بين روسيا ودول الناتو خلال الأشهر الماضية بسبب تكثيف دول الحلف، بما فيها الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، عملية تعزيز قواتها في شرق أوروبا.

وفي الفترة الممتدة من 7 إلى 17 يونيو/حزيران، أجرى الناتو جملة تدريبات عسكرية أطلق عليها اسم "Anakonda-2016"، وجرت هذه التدريبات بمشاركة 31 ألف عسكري من 24 دول، بما فيهم 14 ألف عنصر من القوات العسكرية للولايات المتحدة، لتصبح أكبر مناورات عسكرية شهدتها بلواندا على مدى تاريخها. وشملت التدريبات محاكاة العمليات العسكرية في إطار مختلف سيناريوهات الحرب الهجينة.

من جهة أخرى، أطلق حلف الناتو في 13 يونيو/حزيران، على أراضي دول البلطيق، تدريبات عسكرية سماها "Saber Strike"، ويشارك في هذه التدريبات، التي من المتوقع أن تجري حتى 21 يونيو/حزيران في أراضي كل من لاتفيا وأستونيا المجاورتين لروسيا بالإضافة إلى أراضي ليتوانيا، 10 ألف عسكري من 13 دولة.   

وأعلن الحلف الأطلسي، الاثنين 13 يونيو/حزيران، أنه سينشر 4 كتائب في دول البلطيق وبولندا لمواجهة "السلوك المعادي لروسيا"، حسب وصف الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، لسياسة روسيا الخارجية.

وفي السياق، وافق وزراء دفاع الحلف الذين اجتمعوا، يومي الثلاثاء والأربعاء ببروكسل، على نشر 4 كتائب تضم كل منها بين 800 و1000 جندي في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا، وذلك قبل 3 أسابيع من انطلاق أعمال قمة للأطلسي في العاصمة البولندية وارسو.

ويتهم حلف الناتو روسيا بأنها تسعى إلى إقامة منطقة نفوذ عبر سبل عسكرية بما فيها عبر استخدام الأزمة الأوكرانية.

وقال ستولتنبرغ، الخميس 16 يونيو/حزيران، في مقابلة مع صحيفة "بيلد أم زونتاغ": "في تجاوز للقانون الدولي، ضمت موسكو القرم وتدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا، نرى أيضا عسكرة كبيرة على الحدود مع الحلف الأطلسي، في القطب الشمالي، وفي البلطيق، والبحر الأسود، وصولا الى المتوسط".

من جانبه، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثناء مشاركته في أعمال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، في 17 يونيو/حزيران، أن دولا غربية أيدت الانقلاب في أوكرانيا بدلا من دعم الانتخابات الشرعية، مشيرا إلى أن منهج روسيا في هذا المجال يختلف كثيرا ويتمثل في "سياسة تعاون وإيجاد حلول وسط".

واعتبر بوتين أن تصرفات الغرب، الذي بدأ يقترب من حدود روسيا بعد أحداث "الربيع العربي"، متذرعا بالأهداف نفسها، جاءت بغية تبرير استمرار وجود حلف شمال الأطلسي الذي يحتاج دائما إلى وجود عدو خارجي.

كما اتنقد الرئيس الروسي، خلال مقابلة مع رؤساء عدد من وكالات الأنباء الروسية والدولية في سان بطرسبورغ، مساعي دول حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة إلى تعزيز درعها الصاروخية في أوروبا.

وقال بوتين، في هذا السياق: "هذا يعني أن الحق كان علينا عندما قلنا إنهم يخدعوننا (الغرب الأطلسي)، إنهم غير صادقين معنا في ادعاءاتهم بوجود تهديد إيراني، الادعاءات التي استخدموها كذريعة لإقامة درعهم الصاروخية". 

وتابع بوتين: "ما هو الشيء الذي كانوا يتحدثون عنه دائما؟ قالوا إنهم في حاجة إلى الدفاع عن أنفسهم من التهديد الإيراني النووي، وأين هذا التهديد؟ فلا وجود له!".