عربة المواطن ماهر مرعي

يخرج المواطن ماهر مرعي في ساعات الصباح الباكر، رغم الأجواء الباردة جدًا، وتحت زخات الأمطار الشديدة ليس للتسلية أو للاستمتاع بتساقط الأمطار على جسده بل في محاولة منه لمقاومة ضنك العيش ومرارة الفقر والفقر المدقع.
المواطن مرعي البالغ من العمر (50 عامًا) يسير بعربته التي لفها بأكياس من النايلون لحماية بعض الحاجيات من التلف نتيجة تساقط الأمطار عليه، ويحاول مرعي رغم ما يعانيه من ألام شديدة أن يوفر لقمة العيش له ولأطفاله الصغار.
ويعيل مرعي (7 أبناء) ويعاني من وضع اقتصادي صعب جدًا كغيره من المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة؛ لكن مرعي تعرض لخسائر فادحة خلال الأيام الماضية الماطرة بسبب تلف بعض حاجياته وإلقائها في المقامة.
وقد تسللت مياه الامطار الغزيرة إلى حاجيات مرعي رغم كافة الاجراءات الوقائية التي وضعها لحماية عربته من الأمطار، فلم ينفعه (لوح الزينكو ولا النايلون) في حماية حاجياته الأمر الذي زاد من وضعه الاقتصادي سوءًا فوق سوء.
ويتجه مرعي المصاب بمرض (التشنجات - الصرع) كل يوم بعربته الصغيرة إلى مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في جباليا، حيث يبيع (بعض من المكسرات، الشيبس، والحلويات، والأقلام، والألعاب..".
ويختلف البيع لدى مرعي من يوم لأخر كما جميع الباعة في قطاع غزة، ففي بعض الأيام يعود مبكرًا إلى البيت ومعه قوت أطفاله وفي أيام أخرى يظل واقفًا طوال اليوم دون أن يحصل على رأس مال عربته.
وزادت ألام ومعاناة مرعي مع فصل الشتاء، حيث تعرض لخسارة (فادحة) في حاجياته بسبب تسلل مياه الأمطار اليها وتلفه.
وقال مرعي لمراسلنا: "اتلفت كارتين الشوكولاتة والمكسرات والحلوى وخربت الألعاب بسبب مياه الامطار، وأجبرت على الجلوس في المنزل لعدم قدرتي على اعادة العربة لما كانت عليه سابقًا".

وأضاف: "حاولت بقدر المستطاع أن أوفر غطاء كامل للعربة المتواضعة لكن لا استطيع بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي أعاني منه فلا أمتلك أموال ولا يريد احد مساعدتي من التجار، ليمنحني بعض الحاجيات على أن أسد له الدين بعد بيعها".
وأشار مرعي إلى أن العائد المادي طوال ساعات البيع في البرد القارص ووسط الأمطار الشديدة يتراوح ما بين 20 إلى 25 شيكلاً يوميًا، مبينًا أن هذا المبلغ لا يلبي متطلبات أفراد أسرته اليومية.
ملاك ليست بملاك


معاناة مرعي لا تتوقف عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك كله، فقد حرم مرعي ابنته "ملاك" من الالتحاق بالجامعة منذ عام 2018 بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
وتعاني "ملاك" في العشرينات من عمرها من فشل كلوي منذُ سنوات عدة، وتذهب إلى المستشفى بشكل دوري لعمل تحليل طبي كامل، للاطمئنان على صحتها المتدهورة".
بيت متهالك
إضافة إلى تلك المعاناة التي يعيشها مرعي فهو يقطن مع اسرته في بيتٍ لا يصلح للعيش بحياة آدمية كريمة، ففي كل منخفض جوي يتعرض منزله للغرق بمياه الأمطار.
منزل ماهر مرعي عبارة عن جدران متهالكة مغطى بالواح من "الزينكو" المثقوبة التي تتسلل منها مياه الامطار داخل المنزل لتعطب الأجهزة الكهربائية وتتلف "عفش البيت" مما يزين الطين بلة على حياته.
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن المركز الإحصائي الفلسطيني، فقد ارتفع معدل البطالة في فلسطين في العام 2018 ليصل حوالي 31% من بين الأفراد المشاركين في القوى العاملة، بواقع 426 ألف عاطل عن العمل.
وكان رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري، قد وصف واقع الحال في غزة، "أشد قتامة"، في وقت تخرج فيه الجامعات نحو 10 آلاف من مختلف التخصصات سنويَا، في ظل ارتفاع نسبة البطالة لمعدل 52%، بحسب المركز الاحصائي الفلسطيني.

قد يهمك ايضاً :

السعودية تؤكد سنصوت فى الأمم المتحدة لصالح سيادة الشعب الفلسطينى

لماذا تُعادى إدارة ترامب الشعب الفلسطينى؟