الفتاة الفلسطينية إسراء غريب

تتابع شبكة "تضامن" ومنتدى "آمنه" وشبكة "سلمى"، بقلق وتنديد بالغين، الأخبار المتداولة والمستمرة عن جريمة قتل الشابة الفلسطينية إسراء غريب خاصة بعد أن تم توقيف عدد من

الأشخاص هذا اليوم مما يشير الى أن الشابة هي ضحية لجريمة وحشية لاإنسانية أرتكبت بدم بارد تحت ذريعة ما يسمى "الشرف". ويطالبون السلطة الفلسطينية بإتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمحاكمة الجناة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

إن جرائم قتل النساء تشكل أخطر وآخر حلقة من سلسلة حلقات العنف المتواصلة ضدهن، وهذه الجرائم نتيجة حتمية لتبعات وآثار مختلف أشكال العنف الممارس ضدهن. وترتكبت جرائم "قتل النساء والفتيات لكونهن نساء" وهو يختلف تماماً عن جرائم القتل التي ترتكب ضد الأشخاص سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاُ. فجرائم قتل النساء يقصد بها تلك الجرائم المرتكبة عمداً ضدهن كونهن نساء، وكان يشار الى هذه الجرائم قديماً على أنها جرائم "قتل الإناث" أو جرائم "وأد البنات" أو جرائم "القتل الممنهج للإناث".

التعديل القانوني الفلسطيني لحماية النساء من جرائم "الشرف" لا يكفي لوحدة لحماية النساء

هذا وقد أصدر الرئيس الفلسطيني في سنوات سابقة مرسوماً عدل من خلاله نص المادة 98 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 وهو قانون العقوبات الأردني ساري المفعول في الأراضي الفلسطينية، حيث ألغى التعديل الأعذار المخففة على الجرائم التي ترتكب بحق النساء بداعي "الشرف".

ففي عام 2011 صدر القرار بقانون من الرئيس الفلسطيني الذي نص على إلغاء المادة 340 من قانون العقوبات رقم 16 لعام 1960 والمتعلقة بالإعذار المحلة والمخففة لجرائم القتل في حال التلبس بالزنا أو في فراش غير مشروع لمرتكبي جرائم القتل بحق الزوجات أو الأصول أو الفروع أو الأخوات وشركائهن.

إن النص الأصلي للمادة 98 من قانون العقوبات تضمنت على أنه: " يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه". في حين أضاف التعديل الى نهاية المادة الفقرة التالية : "ولا يستفيد فاعل الجريمة من هذا العذر المخفف اذا وقع الفعل على أنثى بدواعي الشرف".

وفي الوقت الذي نؤكد فيه على أن التعديل من شأنه الحد من الجرائم المرتكبة بحق النساء بداعي "الشرف" ، إلا أننا تؤكد على أهمية إنهاء كافة أشكال الممارسات الضارة والمسيئة للنساء، وإنهاء كافة أشكال العنف والتمييز ضدهن.

ولا بد من توسيع نطاق تغطية القوانين ليشمل جرائم بذريعة "الشرف" والجرائم المرتبطة بها ، فينبغي للتشريعات أن تعّرف بصورة موسعة ما يسمى بالجرائم تحت ذريعة "الشرف" بما يشمل المجموعة الكاملة لأشكال التمييز والعنف المرتكبة ضد النساء والفتيات للسيطرة على خياراتهن في الحياة وتحركاتهن.

أما الجرائم المرتبطة بها فينبغي للتشريعات أن تضع تعريفاً محدداً ومنفصلاً للجرائم التالية : إرتكاب وتسهيل الجرائم والمساعدة على إرتكابها أو التغاضي عنها، وتحريض القاصرين على إرتكابها ، وإكراه النساء والفتيات على الإنتحار "، والحد من الجرائم التي ترتكب وتصور على أنها حوادث.

وتشكل قلة البيانات المتعلقة بالجرائم المرتكبة تحت ذريعة "الشرف" عائقاً جدياً أمام القائمين على وضع السياسات والتشريعات والإتفاقيات على الصعيدين المحلي والدولي ، كما يشكل عدم القدرة على الوصول و / أو إتاحة المعلومات والبيانات من السجلات الرسمية خاصة الجنائية منها عائقاً آخراً يضع جهود الحد من هذه الجرائم في مهب الريح.

هذا وقد شددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة التاسعة والخمسين والتي عقدت بتاريخ 15 أكتوبر 2004 وبالبند 98 تحديداً والذي جاء تحت عنوان “العمل من أجل القضاء على الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات بذريعة الشرف”، على الحاجة لمعاملة جميع أشكال العنف المرتكب ضد النساء والفتيات بما فيها الجرائم المرتكبة بذريعة الشرف بوصفها أعمالاً إجرامية يعاقب عليها القانون.

وتؤكد هذه الجريمة أهمية الخطاب التربوي والديني والمناهج الدراسية في ترسيخ قيم المساواة وإحترام الحق في الحياة والسلامة والأمان وكافة حقوق الإنسان، بدلاً من الخطاب الذكوري السائد المتزمت وفي أحسن الأحوال المتغاضي والمتسامح مع كل هذا الظلم والتمييز، والقائم على التقييد والسيطرة على خيارات النساء ومصادرة حقوقهن بذرائع شتى تستند الى الإنتقاص من مواطنتهن واهليتهن كما تقوم على مصادرة حرياتهن المشروعة وخياراتهن المكفولة قانونياً.

إن صوت إسراء غريب سيظل مدوياً مطالباً بالعدالة، ونحن بدورنا نضم صوتنا الى صوتها، كفى تمييزاً وظلماً وإستهتاراُ بحياة وسلامة النساء والفتيات.

يذكر بأن شبكة "تضامن" هي شبكة أهلية أردنية تأسست عام 2009 ، تضم في عضويتها مجموعة من أبرز الجمعيات النسوية في الأردن ونشيطات ونشطاء حقوق الإنسان ، وقد تم إنشاؤها بهدف تنسيق الجهود للتضامن مع النساء في نضالهن من أجل العدالة والحرية والمساواة ، ومن أجل الحقوق الإنسانية المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية في أي مكان في البلدان العربية والعالم.

كما أن"آمنة" المنتدى الديمقراطي للنساء قد تأسس عام 2013 ويضم في عضويته مؤسسات وهيئات نسوية من 16 دولة عربية، وهو منتدى يعمل على تعزيز دور النساء في بناء المجتمعات الديمقراطية وفي تحقيق التنمية المستدامة ، كما يعمل من أجل تطوير وتعزيز التشبيك والتعاون في مجال نشر وحماية حقوق النساء وحقوق الإنسان بشكل عام.

وشبكة "سلمى" لمناهضة العنف ضد المرأة هي شبكة إقليمية عربية تأسست عام 2002 تضم مجموعة من المنظمات غير الحكومية النسوية الحقوقية الناشطة في المنطقة العربية في مناهضة العنف الموجّه ضد النساء، بهدف القضاء على كافة أشكال العنف ضد النساء في المنطقة العربية، حيث تستند الشبكة إلى خبرة عشرات السنوات من عمل المنظمات العضوة في معالجة قضية العنف ضد النساء.

قد يهمك أيضًا:

 مقتل مريضة بعد تعرضها لاعتداء وحشي في بريطانيا

 موجة غضب في بريطانيا بعد "معاملة مُخزية" لضحايا الاغتصاب