جولة داخل قلعة كريستيان ديور التاريخية المحاطة بالورود في نورماندي

إحقاقا للحق نقول إن "ليه رامبس"، المنزل الذي يعود إلى القرن الـ19 الوردي اللون حيث نشأ كريستيان ديور في "غرانفيل" في نورماندي، والذي كان يقول دائما أنه كان له تأثير عميق على عمله، هو أكثر بكثير من مجرد قصر أنيق.

 وقد اشتراه لا كولي نوار، في عام 1951، ويوصف بأنه الحلم الذي يجسد جنوب فرنسا كما تطمح الملايين للعيش فيه الآن.

عزبة البيت الفخم الرقيق الملون الذي يعود تاريخه إلى القرن الـ15، القابع في التلال، والذي لا عجب كانت عطور ديور متلهفة لإنقاذه عندما عرض للبيع في عام 2013.

 ومن أجل ترميم الممتلكات، بُذلت جهود عظيمة من قبل محفوظات ديور والمهندسين المعماريين بميزانية سخية من ديور، لخلق خليط من التصميمات للديكور الداخلي الأصيل، والذي يطابق بدقة الديكور الذي عاش فيه ديور لأول مرة، مع الأثاث الأصلي، وإعادة تخطيط أجنحة غرف نوم بأسلوب بيكاسو، مارك شاغال وسلفادور دالي، وجميع الاصدقاء والضيوف في لا كولي.

 ديور، مع كل شغفه للماضي، كان أيضا عماد الحداثة.

وكان محب لجمع القطع الفنية، وقد نجح في ذلك بشدة نظرا لأن حسه الفني وذوقه التعبيري التجريدي قد سبق عصره، وذلك قبل أولى تجاربه في عالم الموضة.

 بالنسبة لكريستيان ديور، لا يزال يجلب إليك الشعور بالحرب، لا كولي نوار الذي يعانق منحنيات الطريق الضيق الذي يؤدي إلى غراس، والذي يقبع وسط مئات الأشجار من الياسمين وورود "دي ماي"، الخزامى والزيتون والكرز والكروم، يجب أن يبدو ألمع من الاضواء.

 وكان هذا الرجل الذي عشق الزهور، والذي كتب في إحدى أشعاره: "بعد النساء، الزهور هي الشيء الأكثر جمالا الذي حباه الله للعالم"، ولكن ديور وجدها قبيحة للغاية نظرا لأنها لم تمتلك ركبتين.
 
كما كتب في كتابه 1956 سيرة ذاتية، ديور من ديور: "أعتقد أن هذا البيت الآن كبيتي الحقيقي، البيت الذي سيكون مكان التقاعد الخاص بي، المنزل الذي أنسى به في يوم من الأيام أني كريستيان ديور، كوتورييه، وأصبح الفرد الوحيد المهمل مرة أخرى".

 ويقول فنسنت ليريه، الذي يعمل مدير المشروع التراثي لعطور كريستيان ديور أنه عندما رحل كريستيان ديور إلى عزلته في لا كولي نوار، كان محاطا عادة بحاشية مكونة من حوالي 25 فرد، بما في ذلك عمال الحديقة، رئيس الطهاة وزوجته وأطفاله.

ويقال أن كريستيان كان كل يوم يتشاور مع الطاه حول قوائم الطعام ويجلس لتناول طعام الغداء الصحيح.

ويحب ديور كل ما هو له علاقة بالبذخ البرجوازي والطليعي الرائد، وهذا ما تشعر به في اللحظة التي تطأ قدماك في ممتلكاته.

ويوجد كتاب للزوار في مدخل القاعة الذي يحتوي على رسومات ومقالات من مارك شاغال وبرنار بوفيه، وهناك كتاب وصفه في المطبخ، مع الرسوم التوضيحية عن طريق جان كوكتو.

 مع اللون الكريمي والأحمر وورق الجدران والستائر الحريرية المطابقة، موقد القرميد والمكتب المزود برف من خشب الكرز التي تواجه التلال التي تعطي للمنزل اسمه، إلى جانب مكتب ديور الصغير في الطابق السفلي الذي يقترب إلى المثالية.

وقد كان يحب أن يرسم في السرير، لذلك جاء السرير بكوة صغيرة مبطنة بالحرير من أجل إراحة رأسه، وحتى الحمام من الرخام، وكان هذا الأخير ليس صغيرًا ولا بسيطًا ولكن منمق مع الصنابير الذهبية في شكل طيور البجع، والتي كانت تعبير ديور الآخر عن كل ماهو أنيق بالنساء، ربما لذلك اختار ناتالي بورتمان لتكون الوجه الممثل لديور، وذلك بعد دورها في فيلم البجعة السوداء.

 وزرع كريستيان ديور 150 شجرة لوز لتجعل رائحة الهواء في ربيع دائم، إلى مجموعة مهدبة من الزهور للزينة طولها 131 قدم، بجوار بركة صغيرة قامت بتصميمها أمه مادلين حينما كان عمره 15 عاما.

في مايو/ايار أعلن رسميا افتتاحه في حفل حضرته تشارليز ثيرون كضيفة شرف. وقد خلق فرانسوا ديماشي عطر يدعى "لا كولي نوار" أطلق مؤخرا في محلات ديور وعلى الانترنت، وهو عبارة عن تركيبة من "روز دي ماي"، أنها جديدة، حادة بمعنى منعش وأخضر، وطويل الأمد.

 سوف تكون هناك حفلات أخرى، وأحداث عامة أخرى وغيرها احتفالا بإطلاق العطر الجديد.

 
ولا زال المنزل يغلق على نفسه وراء الستائر الشاحبة، والجدران المغطاة الزاحفة وصفوف من أشجار السرو لحراسته كالحراس. بالنسبة لعلامة تجارية عالمية مثل ديور، لا كولي نوار هو ذو قيمة عظيمة، فهو يذكرك بصغر العالم وأنه يمكن أن يجتمع في مكان واحد يدعى "لا كولي نوار".