المهندسة الورقية

كانت خطط زها حديد، التي أطلق عليها اسم "المهندسة الورقية"، غير قابلة للبناء،  فلأعوام مضت، حاولت تصاميمها التحول من مجرد تخطيط على الورق إلى تطبيق على أرض الواقع، ووفقًا لما ذكرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، لم تدم تلك المحاولة طويلًا، فبفضل تصميمها الذي لا يتزعزع وديناميتها الشرسة، أصبحت المهندسة المعمارية البريطانية المولود في العراق، معروفة بالتي نجحت في بناء المبنى غير قابل للبناء.

واحتفل محرك البحث "غوغل" بتكريم المهندسة المعمارية تقديرًا لإبداعاتها في جميع أنحاء العالم، وذلك  تكريمًا لها لما أحرزته في عام 2014 من مثل هذا اليوم عندما أصبحت أول امرأة  تفوز بجائزة بريتزكر للهندسة المعمارية.

وكانت أعادت حديد، التي ينظر إليها على أنها أعظم مهندسة معمارية في العصر المعاصر، تشكيل العمارة في العصر الحديث، وكانت توفيت عن عمر ناهز 65 عامًا في العام الماضي، إثر تعرضها لنوبة قلبية، وقامت بعدة تصاميم مثل مركز لندن الأولمبي المائي ودار الأوبرا قوانغتشو.
 
وتظهر مبانيها العديدة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أميركا والصين وسويسرا؛ وتشتمل على مركز الألعاب الأولمبية في لندن، متحف ريفرسايد في غلاسكو ودار الأوبرا في كارديف باي وملعب كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر.

ولم تكن تخضع حديد لمفاهيم أو تصاميم المهندسة المعمارية، والتي حصلت على لقب "Dame" من ملكة بريطانيا،  للقيود العملية أو التكنولوجيا،  وبدلًا من ذلك، كانت مبانيها المتعرجة والمنحنية والمستقبلية معقدة بشكل هيكلي، كما قامت بتغيير شكل هذا المجال للمهندسين المعماريين من الإناث وأعطتهم نموذجًا يحتذى به، وشخص ما يمثل مصدر إلهام، حسبما ذكر ديسبينا ستراتيغاكوس، أستاذ مشارك ورئيس مؤقت لقسم الهندسة المعمارية في جامعة ولاية نيويورك ومؤلف كتابWhere Are The Women Architects? في أعقاب وفاة زها.

وقال ستراتيغاكوس: "بوفاة حديد، فقدنا نموذجًا يحتذى به في مجال لا يملك إلا القليل من ذلك القبيل، وهذا لا يعني أنه ليس هناك الكثير من النساء اللواتي أنجزن وأبدعن في الهندسة المعمارية، لكن أيًا منها لم يحقق شهرة مثل حديد"، مضيفًا "واجهت كل الصعاب والكثير من المشقة، وكسرت السقف الزجاجي واحد تلو الآخر لكل مرحلة في حياتها، وكان هذا الزجاج صعبًا وسميكًا مثل خرسانة البناء".

وفي الأعوام الأخيرة، تحدثت على نحو متزايد إزاء التحديات المهنية التي واجهتها كمرأة، ومن المثير للاهتمام، أنها في عام 2013 ذكرت لموقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي أنها واجهت "سلوكًا أكثر سوءًا" في لندن من أي مكان آخر في أوروبا، إذ أكدت دائمًا قولها:

"أنا غير أوروبية، أنا لا أفعل العمل التقليدي وأنا امرأة، ومن ناحية أن كل من هذه الأمور معًا تسهل من أسلوب عملي،  ولكن من ناحية أخرى فهي أمور صعبة للغاية".

لكن لم تكن حديد مجرد امرأة في مجال يسيطر عليه الرجال، بل كانت أيضًا من غير البيض وتعيش في دولة أغلب سكانها من البيض، ومن الجدير بالذكر أنه لم تسلم زها من الجدل، وقد تلقت انتقادات كبيرة من المدافعين عن حقوق الإنسان عندما اضطر مركزها الثقافي الذي يبلغ قيمته 250 مليون جنيه دولار في باكو، أذربيجان إلى إجبار العائلات على الطرد من الموقع، فضلًا عن تلقيها انتقادات بشأن عدد من مشاريعها الأخرى، ومع ذلك،  فإنه لا يمكن أبدًا أن ينكر أنها كانت قوة لا يستهان بها ورائدة عظيمة في عالم المعمار، فعلى حد تعبير معلمها ريم كولهاس، كانت "كوكبًا في مدارها الفذ".