الحياة المنعزلة للإخطبوطات

اعتقد العلماء، منذ فترة طويلة، أنّ الأخطبوط القاتم مخلوق انفرادي منعزل، ومهتم فقط في الاجتماع للتزاوج مرة واحدة في السنة، ولكن الأبحاث الجديدة تبين أن هذه المخلوقات ليست هي الحيوانات المنعزلة المعروفة من قبل، فهم يحبون التسكّع في مدينة صغيرة قبالة الساحل الأسترالي الذي أطلق عليه العلماء "أوكتلانتيس".

وتظهر هذه المخلوقات، في أحضان هذه المدينة تحت الماء، السلوكيات الاجتماعية المعقدة - إما مباشرة مثل طرد الأنواع الأخرى من مخابئها أو بشكل غير مباشر من خلال المطاردة أو تغير اللون، ودرس باحثون دوليون بقيادة جامعة إلينوي وشيكاغو وجامعة ألاسكا الباسيفيكية الموقع في خليج جيرفيس قبالة الساحل الشرقي لأستراليا الذي يضم 15 نوعًا من الأخطبوطات القاتمة "الأخطبوط تتريكوس"، وفي حين لا يعرف سوى القليل عن الحياة المنعزلة للإخطبوطات، فقد تم العثور على عدد قليل من مستوطنات الأخطبوط في السنوات الأخيرة.

والموقع الجديد هو مستوطنة الأخطبوط الثانية القاتمة التي وجدت في المنطقة، والاكتشاف يعطي مصداقية لفكرة أن الأخطبوط ليس بالضرورة وحيدا ومنعزلا ويختلط اجتماعيًا في ظل الظروف المناسبة.

وقال طالب الدكتوراه في العلوم البيولوجية في جامعة إلينوي في شيكاغو ومؤلف البحث، ستيفاني تشانسيلور، إنّه "في كلا الموقعين كانت هناك بعض الميزات التي نعتقد أنها قد شجعت على الاجتماع والاختلاط الاجتماعي- مثل العديد من مخلفات الصخور الموجودة في قاع البحر التي تشكل منطقة مسطحة وغير مميزة.  بالإضافة إلى المخلفات الصخرية، قد ترك الأخطبوط الذي كان يسكن المنطقة أكوام من القواقع والمحارات من المخلوقات التي أكلوها، وأبرزها البطلينوس والاسكالوب. تم نحت هذه الأكوام من القواقع والمحارات لصنع مخابئ وأوكار، مما يثبت أن هذه الأخطبوطات مهندسين بيئيين حقًا".

وقد لوحظ أول موقع للإخطبوط القاتم وتم وصفه في عام 2009 من قبل ماثيو لورانس، وهو باحث مستقل ومؤلف مشارك في البحث. ولقد سُميت "أوكتوبوليس"، ووُجد ما يصل إلى 16 نوع من الحيوانات التي تتفاعل هناك. وهو يحتوي على عدة مخابئ وأوكار وكذلك يحتوي على كائن مسطح من صنع الإنسان يبلغ طوله حوالي 30 سم (12 بوصة). كان يعتقد في ذلك الوقت أنه ربما هذه الأخطبوط تتطلب كائن اصطناعي لتشكيل حوله مستوطنتهم.

ويقع الموقع الثاني على بعد بضع مئات من الأمتار بعيدا عن شرق أستراليا، وقد أطلق عليها اسم أوكلانتيس. ويقع الموقع على بعد حوالي 10 إلى 15 مترا (33 - 49 قدما) تحت سطح الماء ويبلغ طوله حوالي 18 مترا (59 قدما) وأربعة أمتار (13 قدما). وهو يتألف من عدد قليل من الصخور المكشوفة وأسرة من الصدفيات المتبقية من الحيوانات التي افترسوها. تم العثور على ما مجموعه 13 مخبئ مأهول و 10 مخبئ غير مأهول للإخطبوط حفرها في الرمال أو في أكوام الصدف في الموقع.