العمال في كناري والف في لندن

خفَّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في بريطانيا في العام المقبل، محذرًا أن ترك الاتحاد الأوروبي قد يسبب الضرر في الأفق الاقتصادي البريطاني على المدى القصير، وسيعيق الانتعاش العالمي، وصرح صندوق النقد الذي أعرب عن شكوكه حول التصويت في الفترة التي سبقت الاستفتاء بأنه من المتوقع أن الاقتصاد البريطاني سينمو بنسبة 1.3% في 2017 منخفضًا بحوالي 0.9% عن التقديرات السابقة في نيسان/أبريل.

ويعاني الصندوق اليوم من ركود كامل نتيجة التصويت بالانسحاب، وتؤكد التحليلات التي أجرتها احدى الهيئات الاقتصادية العالمية الرائدة وجود تحديات مالية ستواجه حكومة تيريزا ماي، لأن التباطؤ سيؤدي الى انخفاض عائدات الضرائب وعجز في الميزانية، وقدمت توقعات منفصلة للمفوضية الاوروبية، التي تعتبر أكثر قتامة نمو بنسبة 1.1% في السوق البريطانية في سنة 2017 ولكن كان هناك خطر يتمثل في أن الاقتصاد سينكمش بنسبة 0.3% في أسوأ الحالات.

وتابع صندوق النقد الدولي أنه خفض توقعاته حول الاقتصاد العالمي بسبب التصويت على بلدان أخرى وخاصة في أوروبا، وأوضح المستشار الاقتصادي في الصندوق موري أوبستفيلد أن كشف النصف الأول من عام 2016 عن بعض المؤشرات الواعدة مثل النمو المتوقع في منطقة اليورو واليابان، فضلا عن انتعاش جزئي في أسعار السلع الأساسية التي ساعدت العديد من اقتصاديات الدول الناشئة.

أضاف: "اعتبارًا من 22 حزيران/يونيو أي قبل يوم واحد من الاستفتاء كنا مستعدين لرفع مستوى توقعاتنا في النمو العالم لـ 2016 و 2017 ولكن الانسحاب سيعيق هذا النمو"،  وتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.1% في عام 2016 وبنسبة 3.4% في سنة 2017 وكلاهما أقل بحوالي 0.1% من المتوقع في نيسان/أبريل، ومازال من المتوقع أن تمتلك بريطانيا ثاني أسرع اقتصاد نموًا في دول السبعة هذا العام بعد أميركيا على الرغم من تقلص توقعات النمو لعام 2016، ويعتقد صندوق النقد الدولي في العام المقبل أن بريطانيا ستشهد معدلات نمو مماثلة لألمانيا وفرنسا والتي ستكون أكثر الاقتصادات في منطقة اليورو تضررًا من التباطؤ الناجم عن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأوضح " ان تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي يخلق حالة من عدم اليقين في الانتعاش العالمي الهش أصلا، وقد يسبب هذا التصويت في تغيير سياسي كبير في بريطانيا ولدينا شكوك حول طبيعة علاقتها الاقتصادية المستقبلية مع الاتحاد الاوروبي مما سيزيد من مخاطر سياسية في الاتحاد نفسه، وقد انعكس ذلك على تآكل الثقة في الأسواق المالية، ولكن استمرار الشكوك من المرجح أن تؤثر على الاستهلاك وخاصة الاستثمار."وجاء في تقرير الاقتصاد العالمي وجود خطر يتمثل في تأثير قرار بريطانيا بمغادرة الاتحاد الاوروبي  والذي يمكن أن يكون أسوأ من التموقع، وأشار صندوق النقد الدولي في التقرير " أثار الانسحاب ما تزال تتكشف ومدى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي قد ارتفع وزاد من احتمالات النتائج السلبية"، ولخص اثنان من السيناريوهات البديلة لتوقعاته، أحدها معتدل السوء والآخر سيء كثيرًا، ومع ذلك قال موري إن مرونة الأسواق المالية منذ 23 حزيران/يونيو تعني أن الصندوق كان صاحب أقل التوقعات قتامة لا سيما في السيناريوهات الأصعب، وأن صناع القرار في بريطانيا وبقية الاتحاد لعبوا دورًا حيويًا في الحد من عدم اليقين، وجاء في بيانه " من المهم ضمان الانتقال السلس إلى مجموعة جديدة من اتفاقات التجارة والمال في مرحلة ما بعد الخروج لضمان قدر من المكاسب التي تحفظ التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي".

وكشف المتحدث باسم وزارة الخزنة البريطانية أن مبادرات من استراليا لصفقة تجارية جديدة واستعداد سوفت اليابانية لدفع 24 مليار جنيه استرليني للشركة التكنولوجية البريطانية "إيه آر إم" تظهر أن بريطانيا يمكن ان تنجح في الانسحاب، وأن قرار ترك الاتحاد الأوروبي يمثل مرحلة جديدة بالنسبة إلى الاقتصاد البريطاني، ولكن لدينا رسالة للعالم ان بلدنا ستبقى مفتوحة في وجه رجال الأعمال، فنحن دولة واسعة التفكير".

وأكد الصندوق أنه عدَّل توقعاته لنمو منطقة  اليورو في عام 2016 بسبب وجود أداء أقوى من المتوقع في النصف الأول من العام، ويتوقع أن ينخفض نمو منطقة اليورو في 2017 بواقع 0.2% للوصول إلى 1.4% نتيجة لزيادة الأعمال وعدم اليقين والضغط الإضافي الذي ولده الانسحاب على بنوك المنطقة الضعيفة، وقد تغيرت توقعات الدول الكبرى مثل أميركيا والصين والهند أيضًا بسبب نتيجة الاستفتاء.

وقال التقرير: "من وجهة نظر الاقتصاد الكلي، فإن التصويت بالانسحاب يعني زيادة كبيرة في الاستقرار الاقتصادي والسياسي والمؤسسي، والذي من المتوقع ان يكون له أثرًا كبيرًا على الاقتصادي الكلي بطريقة سلبية وخاصة على الاقتصادات الأوروبية المتقدمة، ولكن ما تزال أثار الحدث تتكشف، ومن الصعب قياس تداعياتها بدقة".

وأشار كبير الاقتصاديين في مؤسسة ريزليوشن مات ويتاكر أنه اذا كانت توقعات صندوق النقد الدولي صحيحة فان الاقتصاد البريطاني سيكون أصغر بحوالي 21 مليار جنيه استرليني مما كان متوقعا في 2017 قبل التصويت، مضيفًا: "هناك شك كبير حول لآفاق الاقتصادية في المملكة المتحدة في أعقاب قرار ترك الاتحاد الأوروبي رغم التوافق على ضرب النمو على المدى القصير، وتعتبر توقعات صندوق النقد الدولي الأثل تشاؤما من العديد من التوقعات ولكنها تؤكد على المشكلة وأن الحكومة ستواجه عجزا في الميزانية هذا الخريف وسينخفض حجم الاقتصاد بواقع 21 مليار جنيه إسترليني الذي سيقلل من عوائد الضرائب بحوالي 150 مليون في الأسبوع".