القاهرة ـ خالد حسانين
أكد مؤسس "الائتلاف الإسلامي الحر" الدكتور أحمد عجيزة، في حوار خاص لـ"العرب اليوم"، أنه "يرى الصورة ضبابية حاليًا، والمشهد السياسي مختلط وسيء، وعلى جماعة "الإخوان المسلمين" أن تدرك أنها مسؤولة عن إدارة دولة، وليس تنظيمًا سريًا، وعليهم أن يحكموا بعقلية الدولة، وليس بعقلية الجماعة". وأضاف الدكتور أحمد عجيزة المعروف بلقب أشهر مختطف سياسي في عهد مبارك، أنه "يُحمّل جميع الأطراف مسؤولية ما يحدث سواء الإخوان والرئيس أو الليبراليين وكذلك السلفيين، حيث يفتقد الجميع للخبرة السياسية التي تجعل فريقًا واحدًا قادرًا علي قيادة تلك المرحلة الصعبة، وأن يتم تضييق الفجوة الواسعة بين التيارات السياسية والبعد عن الاستقطاب الذي لاينشيء دولة جديدة، ولا بديل عن التوافق والتقارب بين الأطراف حيث نجد أن الإخوان لا يريدون الليبراليين ممن شاركوا في الثورة وكذلك العلمانيين". وعن رؤيته للمشهد عمومًا، رأى الدكتور عجيزة أن "المشهد غير مرض وملتبس والسبب أن الثورة لم تكتمل، وهي في حالة تردي وحيرة بين المسار الثوري والإصلاحي، حيث كان لابد من تغيير النظام القديم واجتثاثه من كل مؤسسات الدولة ولكننا انسقنا وانجرفنا لقضايا فرعية وتمسكنا بموضوع الدستور والمحكمة الدستورية العليا، لذا فالثورة لم تستكمل أهدافها، أما الدستور فتعرض إلى حالة ترقيع حسب وصفة جعل الأمور مختلطة، فلا هي ثورة ولا إصلاح، ففي استدعاء الحالة الثورية يقال النائب العام بدعوى أننا في حالة ثورة، ومرة أخرى نفعل أشياء لا علاقة لها بالثورة"، فيما حمّل المجلس العسكري وجماعه "الإخوان" مسؤولية ما جرى في مصر بعد الثورة، بداية من الاستفتاء وحتى الآن، مضيفًا "لقد طالبت في مجلس الشعب بضرورة منح الفرصة للشباب، وأن يكون هناك 40 شابًا داخل اللجنة التأسيسية للدستور، لأنهم صناع الثورة، ويمثلون نسبة كبيرة من الشعب المصري، ولكنهم لم يستمعوا لنا". وبشأن تعدد الأحزاب الإسلامية، قال القيادي الإسلامي "لا توجد دولة في العالم بها 15 حزبًا ذو مرجعية واحدة، فكيف يكون لدينا هذا الكم الكبير من الأحزاب الإسلامية؟ وأنا أرى أن هذا بسبب حرمانهم لسنوات طويلة من العمل السياسي، فمصر كانت أرضًا محروقة أو هكذا كانت مع حلول الثورة، وللأسف لا توجد أحزاب حقيقية لديها خبرة أو رؤية أو قدرة على الممارسة السياسية بآليات حقيقية، فنحن لا نزال في سنة أولى سياسة، ولم نتعود على الحريات واحترام حقوق وأراء الآخر، ونفتقد لأليات الديمقراطية والأحزاب الإسلامية ليست لها تجارب، ولا تستطيع قيادة تلك المرحلة". وعن "الائتلاف الإسلامي الحر"، الذي قام بتأسيسه أخيرًا، أوضح أنه "تيار وسطي يجمع المدنيين والإسلاميين والمسيحيين أيضًا، فهو ائتلاف حر لكل المصريين، ومن حق كل مصري شارك في الثورة أن ينضم إلى الائتلاف، ويكون له دور، ونحاول سد الفجوة بين التيارات المختلفة والقضاء على الاستقطاب الذي لا يكون دولة جديدة فلا بديل عن التوافق في مصر للخروج من أزماتنا الحالية". وحول هل بإمكان السلفيين أن يكونوا قوة تنظيمة في مواجهة التيار الليبرالي بل والإخوان ويصلوا إلى الحكم، قال "لا.. فهذا افتراض ضعيف جدًا، لأنهم كثيرون من حيث التعدد من الأفكار، وليسوا مترابطين ولايربطهم شكل تنظيمي واحد، كما هو الحال بالنسبة للإخوان وهم غير قادرين على إفراز قوى سياسية فاعلة في سنوات قليلة، والقطاع العريض من السلفيين كان وثيق الصلة بالنظام السابق وأجهزته الأمنية، التي أتاحت لهم السيطرة على المساجد والنيل من أي تيار يحاول المساس بالنظام، لذا كانوا حريصين بشدة على هذه الصلات، لذا فهم لم يشاركوا في الثورة حتى الأيام السابقة مباشرة على سقوط النظام، ومع هذا جنوا جزءًا من ثمار هذه الثورة، وهذه من المشاهد الغريبة التي شهدتها مصر بعد الثورة، وأرى أن خبرتهم في السياسة قليلة، ولن يتصدروا المشهد إلا بعد زمن طويل". وأضاف الدكتور عجيزة، أن "الإخوان لا يستطيعون إدارة البلاد بمفردهم، لأنهم تعودوا على العمل والتنظيم السري، ولكن هذه إدارة بلد وليست جماعة، وعليهم أن يدركوا ذلك جيدًا، وإن مسؤولية الإخوان مسؤولية رئيسة في تلك الفترة، فهم حركة إصلاحية بعيدة عن الروح الثورية، وفوجئوا بأنهم وصلوا إلى الحكم، وعليهم أن يتغيروا ولكنهم لم يتغيروا، ويصعب أن تغير تراث 90 عامًا من الفكر والعقيدة والتنظيم في عام أو عامين، فقد اختاروا التعديلات الدستورية وسرعوا من الخطوات التي كان يمكن أن ننتظر عليها أو تتم بتوافق وطني، حيث كان لابد من تنظيف منابع الفساد أولاً ومثلاً في حالة محمد محمود اعتبروا أن الثورة انتهت ولا داعي للتظاهر والاحتجاج، ورأوا أن البرلمان هو البديل، ولم ينفذوا مشروع السلطة القضائية أو الحد الأدني للأجور، وانشغلوا بقضايا أخرى على حساب قضايا الثورة، وكانت مشكلتهم في ترتيب الأولويات". وفجر القيادي الإسلامي مفاجأة عندما قال إنه "طالب بأن يكون البرادعي رئيسًا أو رئيسًا للوزراء بعد الثورة، وأن يكون وزير الداخلية رجل قانون، ورشحت المستشار زكريا عبدالعزيز لهذا المنصب، فالبرادعي يجب أن نعطيه حقه، وقد ذكرت هذا في لقاء مع التليفزيون السويدي"، مضيفًا أنه "توقع بقيام الثورة في حديث صحافي مع عبدالللطيف المناوي وصحيفة الشرق الأوسط في العام 99، وقلت إن الثورة ستقوم خلال 15 عامًا، وساعتها اتهمت بالجنون، ولكني كنت على يقين بأن الشعب المصري شعب عظيم وغير مستكين ولديه مخزون حضاري وثقافي عريق، وأشبه بأغنية على الجدار، فالرجل الطيب الذي يمثل الشخصية المصرية ويفهم في كل شيء، ورغم طيبته إلا أنه قادر على التغيير وتجارب التاريخ تقول إننا شعب جبار إذا انتفض، ولكن قد يكون تعبيره عن الغضب والثورة ببطء، لكنه شعب عندما يتحرك يفعل المستحيل"، معتبرًا أن "الجماعة تتدخل في عمل الرئيس، وهذه حقيقة، وأن الرئيس محمد مرسي سيستمر في ولايته الأولى، وقد يواصل لفترة رئاسية ثانية، فهو لن يسقط، وهناك دول تريد لمصر رئيسًا ضعيفًا، ولكن من دون حدوث فوضى كاملة". وروى عن ذكرياته القديمة ونشأته، فقال إنه "بدأ مع جماعه الإخوان وهو صغير، ثم اعتقل أكثر من مرة في وقت كان أمن الدولة يستخدم الإسلاميون كقربان وفزاعه للنظام، وقررت الهجرة إلى الخارج، والتقيت أسامة بن لادن في أوائل التسعينات وكذلك أيمن الظواهري، حيث كنت أعمل في الهلال الأحمر مع الظواهري، وكان يعمل جراحًا هناك، قبل أن يتفرغ للجهاد، والتقيت أيضًا سيد إمام، والعديد من أعضاء وقيادات التيار الإسلامي، ولكني لم أنضم إلى أي من تلك الجماعات، وإن كانت تربطني علاقات بالتيارات الإسلامية كافة حتى الآن". وعن تجربة اختطافه، قال د.عجيزة "لقد شعرت باقترابي من الموت خلال تلك التجربة، فبعد مغادراتي مصر في بداية حقبة التسعينات من القرن الماضي إلى باكستان، وبعدها بسنوات في سورية وإيران، تقدمت بطلب للحصول على اللجوء السياسي للسويد، وتمت الاستجابة لطلبي بعد مدة، وحصلت على الإقامة وكانت الأمور تبدو طبيعية إلى أن وقعت أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، حيث بدأت الدائرة تضيق على الإسلاميين، وأنا منهم، حيث واصلت حكومة مبارك تكثيف ضغوطها على الحكومة السويدية لتسليمي، وبعد انتقاداتي المتكررة لنظام مبارك، ولأن عدوى الديمقراطية وحقوق الانسان ومحاكمات الحكام الظالمين قد وصلتني بحكم تواجدي في واحدة من أعرق الدول الديمقراطية وهي السويد، فإنني بدأت اتحدث عن فساد وطغيان نظام مبارك مطالبًا بمحاكمته على جرائم الاستبداد وانتشار الأمراض والجوع والفقر واضطهاد أصحاب الرأي، كما يحدث في دول ديمقراطية أخرى، وهو ما لم يعجب مبارك ووزير داخليته، فقرر أن أعود إلى مصر بأي ثمن، وخاطب السلطات السويدية لتسليمي أكثر من مرة، وطالب الإدارة الأميركية بالتدخل وتعهد جورج بوش بتحقيق رغبة مبارك، وتم تصنيفي باعتباري خطر على الأمن، وبعد أشهر قلائل من اعتداء أيلول/سبتمبر، كنت أسير في أحد شوارع إحدى المدن السويدية، فاستوقفني شاب زنجي وخاطبني بلهجة عربية شامية، وطلب مني التوجه إلى أحد مقرات البوليس السويدي، وقد أثار لون المتحدث شكوكًا لدي عن وجهتي، لاسيما أنهم اقتادوني إلى مكان بعيد عن مقرات البوليس السويدي، وبعدها بلحظات فوجئت بنفسي في المطار وإحدى الطائرات الصغيرة تنتظرني، وتم إدخالي إليها مقيدًا من دون أن اعرف وجهتي، ولم تمر إلا ساعات عدة ووجدت نفسي في مطار القاهرة، وبعدها إلى أحد مقار جهاز مباحث أمن الدولة، لإجراء التحقيقات معي، وبعدها تم نقلي إلى سجن العقرب، وتم تسليمي إلى مصر حيث حكم علي بالأشغال الشاقة، وقام مبارك بإرسال خطاب شكر إلى السلطات السويدية لتعاونها في أمر تسليمي إلى مصر".