رواية "تشرفت برحيلك"

تطرقت الكاتبة الجزائرية، فيرز رشام، في أول مولود روائي لها يحمل عنوان "تشرفت برحيلك" لأحد الطابوهات الذي نخر المجتمع الجزائري ولطالما صنع الحدث وكان محل نقاش من طرف حقوقيين ورجال دين، والمتمثل في أهلية المرأة المتعلمة المثقفة ومكانتها في المجتمع وسلطت فيروز في روايتها الضوء على قصة معلمة تتعرض لأبشع أنواع الظلم من طرف عائلتها.
وحاولت الكاتبة الجزائرية، في أول عمل روائي لها, لحقبة زمنية شهدها المجتمع الجزائري، بعد الأزمة الأمنية التي شدتها البلاد خلال سنوات التسعينيات والتي تعرف بـ"العشرية السوداء" أزهقت خلالها أرواح أكثر من مئة وخمسين ألف ضحية على أيادي التطرف، وتركت جروحا غائرة في المجتمع الجزائري الذي اتجه بعدها إلى مزيد من الانغلاق والتطرف خاصة في ما يتعلق بالمرأة الجزائرية ومكانتها.

وتعالج الرواية بعيدا عن التزييف علاقة المرأة بالنص الديني، والتفسيرات الدينية التي تعالج قضايا متعلقة بالمرأة كمسألة المحرم والحجاب مثلا، وحاولت الكاتبة تسليط الضوء على مكانة المرأة في المجتمع الجزائري فرغم أنها قطعت أشوطا كثيرة من حيث التعلم وإثبات وجودها سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسية حيث ألفنا في الفترة الأخيرة تواجدها في المؤسسات الرسمية للبلاد وتمكنت من الوصول إلى مراتب جد متقدمة في الحياة، إلا أنها ما زالت تعاني من العنف والتقيد وعدم قدرتها على التحكم في حياتها الشخصية بكل حرية, وهناك بعض النساء في المجتمع الجزائري ما زال يتعرض للاستغلال المالي من طرف الأزواج وحتى الأهل.

وتركز فيروز رشام على بعض الرموز الدينية التي تحولت في وقتنا هذا إلى وسيلة لحماية المرأة من المخاطر التي تحدق بها في الشارع  كالحجاب مثلا فتقول البطلة "في الغد ألبستها الحجاب كما أمر حتى لا تتكرر مأساتي، فأنا لم أتحجب حتى شبعت الضرب من فؤاد. حجّبتها لأحميها من أب يفترض أن يكون هو حاميها"، وحاولت القول فيروز من خلال هذه العبارة أن الأب تحول إلى سبب من أسباب تعاسة المرأة وتفاقم مشاكلها.

وتسلط الرواية الضوء على مفهوم الأنوثة عند المرأة الذي يختصر في نظرها في جسدها، فالبطلة في هذه الرواية تصاب بمرض السرطان " الخبيث" وتصبح غير يافعة ويتخلى عنها المجتمع ومحيطها بعد أن استئصال ثديها المريض الذي يعتبر رمزا من رموز أنوثتها.​