الحكم الديمقراطي بين العلمانية والتيوقراطية والارهاب
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

الحكم الديمقراطي بين العلمانية والتيوقراطية والارهاب

 فلسطين اليوم -

الحكم الديمقراطي بين العلمانية والتيوقراطية والارهاب

د. حنا عيسى

لا تزال قضية الدين والديمقراطية تشغل الكثير من المفكرين والباحثين والكتاب في الوقت الراهن بعد بروز ما أسموه بـ «الظاهرة الدينية» في العالم كله، والالتباس القائم الذي يصاحب مسألة الدين والعلمانية والديمقراطية. فقضية الدين والديمقراطية والحداثة والعلمانية قضايا إشكاليات قائمة، وترجع إلى أيديولوجيات الأمم والحضارات، لكنها لا تستنسخ هكذا، وإنما ترجع إلى المواريث الفكرية لكل شعب من الشعوب وحسب مرجعيتها، وتراكم قيمها، وهي التي يمكن أن تجعلها اكثر رسوخا وتجذرا من الاستنساخ من حضارات وثقافات أخرى.
الديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة - إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين - في اقتراح، وتطوير، واستحداث القوانين. وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي. ويطلق مصطلح الديمقراطية أحيانا على المعنى الضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديمقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف ثقافة مجتمع. والديمقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلميا وبصورة دورية. ومصطلح ديمقراطية يعنى "حكم الشعب" لنفسه .
العلاقة بين الدين والديمقراطية:
المسلّمات أو المبادئ الأولية للحكم الديمقراطي العلماني والحكم الديني "التيوقراطي" مختلفة كليا، فهما منظومتان مختلفتان من حيث التكوين والشرعية والأهداف. ففي الحكم الديني، تعتبر الحقائق منزلة، لها الأولوية على التفكير الفلسفي وحتى على الحقائق العلمية. اما التشريع في التيوقراطية، يستند أساسا على نصوص دينية "مقدسة" لا يمكن تغييرها. كل ما فيها صالح لكل مكان وزمان وحقائقها مطلقة غير قابلة للتأويل أو التحريف.
والعقيدة هي أن نعبد إله واحد، أما الدين فهو المعاملة والأخلاق، وهنا تختلف الآراء كثيرا في تفسير الدين.. أما الديمقراطية فهي مبدأ معاملة الإنسان مع الإنسان الأخر وحرية الرأي،
ولكن كل شيء له حدود وليس من حق الديمقراطية أن تهاجم أسس الدين الآخر أو تهاجم من يعتنق هذا الدين، ولا تجعل من دين آخر مهزلة، هنا تقف الديمقراطية وحرية الرأي لان هذا ليس له قواعد أدبية لاحترام الأديان وما يتطرف وإن كان يحمل أو يشهر بدين، فقد احترم الفيلسوف "غاندي" و "مانديلا" والفلسفة البوذية وفلسفات أخري لها عقيدة تختلف عن عقائد الثلاث أديان الإسلامي والمسيحي واليهودي، لان أساس التبادل هو الإنسانية والحفاظ علي البشر، وليس من حق أي إنسان أن يفعل شر أو سوء لإنسان أخر ولا يسخر من عقيدته ودينه.
وفلسفته لان هذا يعتبر هجوم على المبدأ الإنساني وهي الأخلاق، ونتذكر كلمات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "، وهذا حصن يحصن مبادئ الإنسانية والمعاملة، ولكن عندما تتغير المنافع ويحتكر أشياء أو استعمر عقلياً وفكرياً إنسان أخر وهذا ليس من الأخلاق وإذا سميناها بالديمقراطية وحرية الرأي فهذا اختلاف عن مبادئ الإنسانية. وكلمة الديمقراطية أتت من اللغة الإغريقية ومعناها النظام أي " بولسس" وهنا فرق ما تعنيه الآن بالديمقراطية التي تهاجم مبادئ وعقائد، فتهدف الديمقراطية الى تبيان الانسان البشري على طبيعته وحقيقته، اما الدين فيهدف الى اصلاح الانسان البشري.
والديموقراطية مسؤولة فقط بما تخلق من سياسة ودكتاتورية يقررها ويحدد مسارها ونهجها افراد يَتراسون اماكن ووظائف يمكن من خلالها صنع القرار وفرضه عن طريق الديمقراطية، وان الدين (ممثلين الدين) ايضا مسؤول بما يلد من فقه ومعتقدات اغرقت الناس بالاختلافات و صنعت الحروب و الصدمات، ان الفارق بينهما هو : ان الديمقراطية يمكن ام تنتج الخطأ انما لا تبرره، انما الدين(ممثلين الدين) ايضا ينتج الخطأ لاكن حتما يبرره بتفسير وفقه للمقاصد الدينية.
ويعتبر الإرهاب النتيجة الطبيعية والمفترضة لسوء السياسات التي استخدمت الدين في أغراضها لجر الشعوب عن رضا وإيمان، والغريب أن التفاعل مع التكنولوجيا أنتج آلة عملاقة من الفضائيات والصحف والكاسيت ومواقع الإنترنت لترويج التخلف والإرهاب.
اجتماع الناس حول عقيدة دينية واحدة لا يعطيهم الحق بفرض إيمانهم على الآخرين أو توجيه سياسة الدولة والمجتمع حسب معتقداتهم. من الملاحظ تاريخيا أن الغرب نهض نهضة جبّارة عندما فصل الدين عن الدولة وحدد حقوق وواجبات المواطن بعيدا عن أوامر رجال الدين الذين كانوا يتدخلون في مجمل حياة الناس. "الطغيان" الديني يؤدي إلى اضطهاد غير المؤمنين بهذا الدين والى عصبية تضر الدولة والدين معا ويولد انقسامات وعداوات بين المواطنين. بهذا تُصبغ الدولة ككل بصبغة دينية ضيقة الأفق ويصبح "الدين-الدولة" ومؤسساته بؤرة لإرهاب الناس والتعدي على ضمائرهم وحرياتهم العامة وحتى على حياتهم.
وقيم الدين ومبادئ الديمقراطية خصوصا فى خطوطها العريضة لا يوجد بها أى تعارض قاطع. وتبرز الاشكالية فى العالم العربى عندما تتم ترجمة القيم والمبادئ العليا المستمدة من الدين والقيم الانسانية الى سياسات وبرامج وسلوكيات وتوجهات تحكم المجتمع والناس! ولقد نجحت تجارب استثمار القيم الدينية وتعزيزها فى الثقافة الديمقراطية فى عدة تجارب عالمية أهمها فى العالم الجديد والولايات المتحدة بالتحديد وبعض دول أمريكا اللاتينية، وفى بلدان اسلامية، مثل ماليزيا واندونيسيا وتركيا، مقابل دول عربية تشوه الدين وتدنس السياسة لخدمة أجندات ضيقة.
ومن المميزات الأساسية للديمقراطية كما تقرها العديد من المؤسسات الدولية هي إجراء انتخابات حرة ومنتظمة، وإقرار تعددية الأحزاب وتنافسيتها، ووجود حكومة قائمة على قاعدة الأغلبية، وتمتيع البرلمان بسلطة مراقبة الحكومة، ومساواة الجميع أمام القانون.
*اشكال الحكم الديمقراطي:
• الديمقراطية المباشرة: وتسمى عادة بالديمقراطية النقية وهي الأقل شيوعا وتمثل النظام الذي يصوت فيه الشعب على قرارات الحكومة مثل المصادقة على القوانين أو رفضها وتسمى بالديمقراطية المباشرة لأن الناس يمارسون بشكل مباشر سلطة صنع القرار من دون وسطاء أو نواب ينوبون عنهم. وتاريخياً كان هذا الشكل من أشكال الحكم نادراً نظراً لصعوبة جمع كل الأفراد المعنيين في مكان واحد من أجل عملية التصويت على القرارات. ولهذا فإن كل الديمقراطيات المباشرة كانت على شكل مجتمعات صغيرة نسبياً وعادة ما كانت على شكل دول المدن، وأشهر هذه الديمقراطيات كانت أثينا القديمة، وفي العصر الحالي سويسرا هي أقرب دولة إلى هذا النظام.
• الديمقراطية النيابية وهي نظام سياسي يصوت فيه أفراد الشعب على اختيار أعضاء الحكومة الذين بدورهم يتخذون القرارات التي تتفق ومصالح الناخبين. وتسمى بالنيابية لأن الشعب لا يصوت على قرارات الحكومة بل ينتخب نواباً يقررون عنهم. وقد شاع هذا الشكل من الحكم الديمقراطي في العصور الأخيرة وشهد القرن العشرين تزايداً كبيراً في اعداد نظم الحكم هذه ولهذا صار غالبية سكان العالم يعيشون في ظل حكومات ديمقراطية نيابية (وأحياناً يُطلق عليها "الجمهوريات)".
وبالإمكان تقسيم الديمقراطيات إلى ديمقراطيات ليبرالية (حرة) وغير ليبرالية(غير حرة). الديمقراطية الليبرالية شكل من أشكال الديمقراطية تكون فيها السلطة الحاكمة خاضعة لسلطة القانون ومبدأ فصل السلطات، ويضمن دستور الدولة للمواطنين (وبالتالي للأقليات أيضا) حقوقاً لا يمكن انتهاكها. أما الديمقراطية غير الليبرالية (غير الحرة) فهي شكل من أشكال الديمقراطية لا توجد فيها حدود تحد من سلطات النواب المنتخبين ليحكموا كيفما شاؤوا.
*شروط الديمقراطية:
• وجود مجموعة تصنع القرار السياسي وفق شكل من أشكال الإجراء الجماعي. فغير الأعضاء في الـمجموعة لا يشاركون. 
• وجود أرض يعيش عليها المجموعة وتُطبق عليها القرارات. وفي الديمقراطيات المعاصرة الأرض هي دولة الشعب وبما أن هذا يتفق(نظرياً) مع موطن الشعب فإن الشعب والعملية الديمقراطية تكونان متزامنتين. المستعمرات الديمقراطية لا تعتبر بحد ذاتها ديمقراطية إذا كان البلد المستعمِر يحكمها لأن الأرض والشعب لا يتزامنان.
• وجود إجراء خاص بإتخاذ القرارات وهو قد يكون مباشراً كالاستفتاء مثلاً، أو غير مباشر كانتخاب برلمان البلاد.
• أن يعترف الشعب بشرعية الإجراء المذكور أعلاه وبانه سيتقبل نتائجه. فالشرعية السياسية هي استعداد الشعب لتقبل قرارات الدولة وحكومتها ومحاكمها رغم إمكانية تعارضها مع الميول والمصالح الشخصية. وهذا الشرط مهم في النظام الديمقراطي، سيما وان كل انتخابات فيها الرابح والخاسر.
• أن يكون الإجراء فعالاً، بمعنى يمكن بواسطته على الأقل تغيير الحكومة في حال وجود تأييد كاف لذلك. فالانتخابات المسرحية والمعدة نتائجها سلفاً لإعادة انتخاب النظام السياسي الموجود لا تعد انتخابات ديمقراطية.
• في حالة الدولة القومية يجب أن تكون الدولة ذات سيادة لأن الانتخابات الديمقراطية ليست مجدية إذا ما كان بمقدور قوة خارجية إلغاء نتائجها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكم الديمقراطي بين العلمانية والتيوقراطية والارهاب الحكم الديمقراطي بين العلمانية والتيوقراطية والارهاب



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 06:30 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يفشل في تسويق إعلان الرئيس ترامب للأوروبيين

GMT 13:45 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

المشي يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي

GMT 08:12 2014 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

تصميم جديد من "كولورادو" تقدّمه "شيفروليه"

GMT 03:33 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

أحمد عز يكثّف من تصوير مشاهده الأخيرة في "ولاد رزق 2"

GMT 04:53 2019 الأحد ,05 أيار / مايو

تصوير 80% من مشاهد "قمر هادي" لهاني سلامة

GMT 14:40 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

النادي الأهلي يحصل على توقيع لاعب وسط إنبي

GMT 00:18 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

عبارات يجب ألا تقوليها لخطيبك وزوجك المستقبلي

GMT 18:06 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "ليفربول" محمد صلاح جاهز لمواجهة "أرسنال"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday