فلسطين لم تعد محايدة بين المحاور
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

فلسطين لم تعد محايدة بين المحاور

 فلسطين اليوم -

فلسطين لم تعد محايدة بين المحاور

نقولا ناصر

(انضمام فلسطين إلى التحالف السعودي المعلن ضد الإرهاب لم يكن كافيا لمنحه شرعية فلسطينية لأن فلسطين لم تكن أولوية له ولا على جدول أعماله)

للمرة الثانية خلال أقل من سنة تعلن الرئاسة الفلسطينية عن انضمام دولة فلسطين إلى مشروع تحالف عسكري مأمول للقتال في ساحات بعيدة عن الميدان الفلسطيني، لتنخرط في محاور الصراع الإقليمي، بينما تكرر إعلان معارضتها لأي دفاع شعبي مسلح أو مقاومة عنيفة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، ضاربة بذلك عرض الحائط بمبدأ طالما كررت هي نفسها وبقية القيادات الفلسطينية التزامهم به بعدم الانجرار إلى المحاور العربية أو غير العربية.

وبغض النظر عن وجاهة أو عدم وجاهة كل الأسباب التي ساقها المحللون السياسيون لإعلان المملكة العربية السعودية خلال الأسبوع الماضي عن تحالف عسكري ضد الإرهاب فإن منح هذا التحالف عنوانا إسلاميا لم يكن كافيا لمنحه شرعية إسلامية جامعة كما أن انضمام فلسطين إليه لم يكن كافيا لمنحه شرعية فلسطينية، لأنه كان انتقائيا عندما استبعد دولا ذات وزن إسلامي لكنها تختلف عن قيادته السعودية مذهبيا كإيران أو تختلف معها سياسيا كالجزائر ولأن فلسطين لم تكن أولوية له ولا على جدول أعماله.

ويكاد يكون من المستحيل الفصل بين الإعلان السعودي عن هذا التحالف وبين الصراع المحتدم بين المحاور الدولية والإقليمية في الوطن العربي ومحيطه الإسلامي، وهو صراع يضيق خناق الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ويضعه أمام خيارات صعبة ترغمه على التخلي عن ثابت تلتزم به القيادات الفلسطينية منذ أمد طويل بعدم الوقوع في فخ صراعات المحاور العربية وغير العربية وبالاصطفاف إلى أي جانب تكون فلسطين وإنهاء احتلالها في رأس أولوياته السياسية والعسكرية.

حسب رسم بياني نشرته صحيفة "عكاظ" السعودية يوضح القدرات العسكرية والبشرية للتحالف العسكري الإسلامي الذي أعلنه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأسبوع الماضي، يمتلك هذا التحالف مليارا وواحدا وثلاثين مليون نسمة في خمسة وثلاثين دولة إحداها نووية هي باكستان وتضم أربعة ملايين عسكري نظامي وأكثر من خمسة ملايين جندي احتياط وأكثر من (2500) طائرة حربية و(21) ألف دبابة و(461) مروحية قتالية إضافة إلى (44) ألف مصفحة ومدرعة.

وهذه قوة مهولة وجدت الرئاسة الفلسطينية في جبروتها مسوغا كافيا للمسارعة إلى الموافقة، طوعا أو كرها، على أن تكون جزءا منها، لترحب في بيان صحفي يوم الثلاثاء الماضي بالتحالف الجديد "لما في ذلك من أهمية لتحقيق الأمن والاستقرار لشعوب الأمتين العربية والإسلامية"، بالرغم من معرفتها التامة بانه تحالف ضد الإرهاب في الظاهر لكنه في الواقع تحالف لا علاقة له بمحاربة إرهاب الاحتلال الإسرائيلي ودولته بل له أولويات أخرى من المؤكد أنها سوف تسعر حدة الاصطراع الدموي العربي والإسلامي المحتدم الآن بواجهات طائفية بالكاد تخفي الخلافات في الموقف من دولة الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الإقليمية لراعيها الأميركي، وهذا اصطراع لا يهدد الأمتين العربية والإسلامية في أمنها واستقرارها فحسب بل إنه اصبح يهدد وجودهما في حد ذاته.

وفي الظاهر لا يمكن للرئاسة الفلسطينية التي يعاني شعبها منذ نكبة عام 1948 وما قبلها من الإرهاب الصهيوني إلا أن تكون جزءا من أي جهد عربي أو إسلامي أو دولي لمحاربة الإرهاب، غير أن السبب الأقرب إلى المنطق في تفسير إعلان انضمامها إلى التحالف الجديد هو أن دعاة "مبادرة السلام العربية" مع دولة الاحتلال هم الذين يقودون هذا التحالف.

والسبب المنطقي الثاني هو أن دول الخليج العربية هي حاليا الممول الأوحد المتبقي لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أم في قطاع غزة في وقت خفض أو قطع المانحون الأميركيون والأوروبيون تمويلهم لها، بحيث أصبحت قدرة مؤسسات السلطة على الاستمرار في عملها بحاجة ماسة للتمويل الخليجي.

ومن المثير لاستغراب أي مراقب أن يقول البيان الرئاسي الفلسطيني المذكور إن الموافقة جاءت بعد "مشاورات فلسطينية – سعودية"، في وقت قال فيه تقرير ل"رويترز" إن "العديد" من الدول المعلن عن عضويتها في التحالف والتي اتصلت الوكالة بها "لم تخطر رسميا" به، ومنها لبنان عربيا، بينما أعلنت سلطنة عمان انسحابها، وأعلن وزير خارجية باكستان "استغراب" بلاده للإعلان عن عضويتها في التحالف، وأعلن وزير الدفاع الماليزي إن بلاده تحارب الإرهاب "بصورة منفصلة" عن أي تحالف، وأعلنت الخارجية التركية إن "إنشاء قوة عسكرية ليس واردا الآن"، وبينما احتاج إقناع مصر إلى إعلان تأييدها بعامة ل"كل جهد يستهدف مكافحة الإرهاب والقضاء عليه سواء كان هذا الجهد إسلاميا أو عربيا" إلى قرار من الرياض بزيادة الاستثمارات السعودية في مصر بمبلغ ثمانية مليارات دولار أميركي إضافية وبتوفير الاحتياجات المصرية من البترول لمدة خمس سنوات.

ويصبح إدعاء "التشاور" مسبقا مع فلسطين أكثر إثارة للاستغراب عندما تنفي الخارجية الأميركية أن تكون الرياض قد ابلغت واشنطن مسبقا بتاسيس التحالف ويعلن وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر عدم التشاور مع بلاده بقوله إنها "تتطلع إلى معرفة المزيد عما يدور في ذهن السعودية بخصوص هذا التحالف".

أما اندونيسا، أكبر الدول الإسلامية في عدد السكان، فقالت وزارة خارجيتها إن نظيرتها السعودية تواصلت معها قبل "أيام" من أجل الانضمام إلى "مركز للتنسيق ضد التطرف والإرهاب"، لكنها "أعلنت عن تحالف عسكري"، و"نحن لا نريد الانضمام إلى تحالف عسكري".

وكانت العاصمة الاندونيسية جاكارتا خلال الأسبوع الماضي تستضيف مؤتمرا حول القدس نظمته لجنة الأمم المتحدة الخاصة بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف ومنظمة التعاون الإسلامي التي كانت قد انشئت في الأصل عام 1969 للرد على حرق المسجد الأقصى. وقد خاطب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون المؤتمر فقال إن "ما يحدث في القدس يتردد صداه حول العالم"، لكن هذا الصدى لم يتردد في الأهداف المعلنة للتحالف العسكري الإسلامي الجديد. 

وكانت الرئاسة الفلسطينية قد أعلنت قبل عشرة اشهر عن انضمامها إلى تحالف عسكري عربي تقوده السعودية أيضا لإعادة الرئاسة "الشرعية" إلى الحكم في العاصمة اليمنية.

وكما جرت العادة الذميمة منذ بدات القضية الفلسطينية، فإن الاحتمال الوحيد لامكانية حدوث "تشاور" فلسطيني – سعودي حول التحالف الجديد هو بحث النظام العربي والإسلامي الرسمي بعامة وأنظمة الحكم العربية الخليجية بخاصة عن "شرعية فلسطينية" تحسن صورة هذه الأنظمة في أعين شعوبها لتسويغ تقاعسها عن القيام بواجباتها الشرعية والوطنية والقومية تجاه القضية الفلسطينية التي عهر هذا التقاعس أي ادعاء لفظي بمركزيتها في الشأن العربي والإسلامي.

وبالرغم من المعارضة الفلسطينية الواسعة لانضمام فلسطين إلى التحالف العسكري الجديد، سوغ البعض انضمامها بأسباب منها "أن يكون علم فلسطين ضمن تحالف عربي إسلامي بهذا الحجم يعطي رسالة سياسية واضحة أن دولة فلسطين قائمة" (دنيا الوطن في 15/12/2015).

وقال الخبير العسكري الفلسطيني واصف عريقات (المرجع السابق) إن فلسطين بالرغم من مشاركتها فإنها "معفاة من الدور العسكري الميداني ... في المرحلة الحالية كونها بلدا عربيا يقع تحت الاحتلال الإسرائيلي" غير أن فلسطين "لها مصلحة بوجود تحالف عربي وإسلامي عسكري خصوصا وأنها شجعت في السابق الدول العربية على تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك" التي لم ينفض الغبار عنها إلا لإنشاء "التحالف العربي" الذي يقود الحرب على اليمن الآن بعد دفنها رسميا في ما يتعلق بفلسطين واحتلالها بإعلان "مبادرة السلام العربية" مع دولة الاحتلال.

غير أن هذه وغيرها من المسوغات ليست كافية لتفسير انضمام فلسطين إلى التحالف "المحوري" الجديد، أو لتفسير عدم انضمام فلسطين إلى تحالف المحور السوري – الايراني الآخر الذي يعطي الأولوية لمحاربة إرهاب الدولة الإسرائيلي بينما يخوض في الوقت ذاته مع روسيا حربا ضروسا مع الإرهاب الدولي الممول والمسلح خليجيا والذي فتحت تركيا له أبوابها على مصاريعها لتتحول إلى معبر لوجستي له !

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين لم تعد محايدة بين المحاور فلسطين لم تعد محايدة بين المحاور



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:21 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 10:16 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:30 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقديم عطر أرماني كود النسائي الأفضل لفصل الشتاء

GMT 04:23 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ريتا اور تتألق في إطلالة رائعة تجذب الأنظار

GMT 18:37 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الشرطة تحبط محاولة قتل في إحدى مستشفيات نابلس

GMT 14:51 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday