بقلم: فاروق جويدة
شعرت بحزن شديد وانا أشاهد الشاب البسيط وهو يرتدى ثيابه الممزقة والدم يسيل من جبهته وهو يركب الحمار بالمقلوب ويحيط به سكان القرية في دمياط يضربونه ويعتدون عليه بحجة انه سرق بطة ..
الصورة قاسية والرجل يركب الحمار بالمقلوب والحبال تحيط برقبته .. سألت من أين جاءت كل هذه القسوة واقتحمت قلوب المصريين.. ان الرجل مجرد متهم لم تثبت إدانته بسرقة البطة وهو برىء حتى تتضح الحقيقة فكيف يحكم عليه المجتمع الظالم ويقرر كل ما لحق به من ألوان العذاب والمهانة .. تجمع الاهالى حوله وضربوه .. ومزقوا ثيابه وسال الدم على وجهه ولم يكتفوا بذلك بل جعلوه يركب الحمار بالمقلوب وطافوا به شوارع القرية الحزينة وهو معصوب العينين .. اى ظلم وأى قسوة تسربت إلى قلوب الناس وجعلتهم يتصرفون مع إنسان بسيط بهذه الوحشية .. ولماذا لم يذهبوا إلى قسم الشرطة لتتولى التحقيق معه إذا كان مجرما ام بريئا.. ان الشىء المؤكد ان العنف في حياة المصريين أصبح أمرا عاديا وانهم في أحيان كثيرة أعطوا القانون أجازة وان كل واحد يستطيع الآن ان يأخذ حقه بيده وقبل هذا كله إذا كان العقاب الجمعى قد وقع على هذا الإنسان البسيط فأين هذا المجتمع الضارى من آلاف اللصوص الذين لم يسرقوا البط ولكن سرقوا الملايين من دم هذا الشعب ابتداء بلصوص الحديد والخصخصة وانتهاء بلصوص البنوك والقمح .. أين هذا الشعب من اللصوص الكبار وقد وضعوا همهم في هذا المواطن البسيط .. في زمن بلا قانون يصبح حرامى البط مجرما كبيرا بينما عشرات اللصوص الكبار مازالوا يمرحون في الأرض فساداً.. ذات يوم كان النحاس باشا زعيم الوفد ورئيس وزراء مصر مسافرا إلى الإسكندرية في القطار واتجه إليه شاب وصفعه على وجهه وسارعت قوات الأمن والقوا القبض على الشاب وطلب منهم النحاس باشا ان يتركوه ولا يعتدى عليه أحد وأخذه من يده وذهب به إلى أقرب قسم للشرطة وحرر له محضراً .. هكذا كانت مصر .. وكان شعبها.